الأربعاء 2021/02/10

آخر تحديث: 13:13 (بيروت)

القوى الأمنية تخنق عرسال: العودة إلى دعشنة السكان

الأربعاء 2021/02/10
القوى الأمنية تخنق عرسال: العودة إلى دعشنة السكان
حواجز تقسم البلدة إلى قسمين (الأرشيف، حسن عبدالله)
increase حجم الخط decrease
ارتفع صوت أهالي بلدة عرسال البقاعية صباح يوم الثلاثاء 9 شباط، بعد يومين متتاليين من "شد الخناق" الذي سببه حاجز وادي حميد العسكري للبلدة. فمنع أهلها من الوصول إلى منطقتها الصناعية وبساتينها، بذريعة ورود معلومات أمنية عن محاولات تسلل "إرهابيين" عبر بوابة هذه البلدة من سوريا.

حاجز يشطر البلدة
وحاجز وادي حميد له وقعه في ذاكرة اللبنانيين القصيرة. فأثناء الأحداث التي شهدتها عرسال سنة 2014 كان حاجز وادي حميد موقع الفصل عن مخيم للنازحين السوريين، سيطر عليه المسلحون من الجانب السوري.

ومع تجدد التشدد الأمني على هذا الحاجز في اليومين الأخيرين، استعاد العراسلة مشهد الإجراءات التي عزلت بلدتهم عن شريانها الاقتصادي خلال تلك الأحداث، من دون أن يلمسوا اليوم مبرراً لهذه الإجراءات.

فالحاجز الذي سجلوا تحفظاً على موقعه منذ انتهاء الأحداث في البلدة - و"تنظيفها من جيوب الإرهابيين" وفقاً لتصريحات المعنيين - يقسم بلدتهم إلى قسمين، من دون أن يؤدي وظيفته في حمايتها من تسلل "الإرهابيين"، أو حتى من أعمال التهريب في اتجاه الأراضي السورية. فالحاجز يبعد مسافة لا تقل عن 30 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية في المنطقة. وهو محطة عبور إلزامية لمعظم العراسلة والمقيمين السوريين في اتجاه مناشر الحجر والمصانع والبساتين، وحتى المنازل والمؤسسات التجارية العشوائية التي ازدهرت أثناء الأحداث الأخيرة.

تعطيل الأعمال
وانطلاقاً من هذا الواقع حولت عملية التدقيق الأمني في الهويات، يومي العابرين مطلع هذا الأسبوع، إلى جحيم: احتجز العشرات في السيارات على مسافة طويلة، فلم يتمكن من اجتياز الحاجز سوى خمسة في المئة من قاصدي أعمالهم صباح يوم الثلثاء 9 شباط، كما أكد رئيس البلدية باسل حجيري. وهذا ما أثار امتعاضاً كبيراً، جرى التعبير عنه باعتصام رمزي أمام بلدية عرسال. فقام رئيسها بالتواصل مع القيادات العسكرية في المنطقة لاستيضاح الأمر، والحد من تداعياته.

وما زاد الطين بلة بالنسبة للأهالي، هو السلوك غير الأخلاقي لعسكريين غير منضبطين أساؤوا للمؤسسة العسكرية بقدر إساءتهم لعابري الحاجز. وهو تصرف لم تحاول القيادة العسكرية في المنطقة تبريره، واعدة بمحاسبة التجاوزات في أداء بعض العسكريين، في مقابل تبريرها الإجراءات الأمنية المفاجئة على حاجز وادي حميد: حماية أهالي البلدة واللبنانيين عموماً من الأعمال الإرهابية. وهذا بالتزامن مع توقيفات شهدتها عرسال منذ أيام، وقادت إلى اعترافات بمحاولة تنفيذ عمليات تسلل إرهابية عبر أراضي عرسال.

تضييق أمني
لكن تبرير التشدد الأمني في عرسال بمكافحة الإرهاب، يبدو جاهزاً في كل مرة يعود فيها الحديث عن "داعش"، وحتى حين يتعلق الأمر بتحركات شعبية مطلبية تشكل "دعشنتها" أفضل طريقة لإخماد شرارتها. وبحسب رئيس البلدية: "نحن لا نتبنى هذه الاتهامات ولا ننفيها، وليس لدينا أي معلومات عنها، ولكننا لا نجدها مبرراً للتضييق على أبناء البلدة".

ويقول أحد أبناء البلدة: "نحن متهمون إلى أن يثبت العكس. وهذا أداء ربما يدفع البعض إلى الإرهاب، حتى لو لم يكن لديه رغبة بذلك". ويقول عرساليون كثر إن بلدتهم "اختنقت"، ولديه ما يكفيهم من هموم ووجع يجعلهم غير قادرين على تحمل مزيد من التضييق الأمني. وهم بحاجة لكل ساعة عمل حتى يتمكنوا من إعالة عائلاتهم.

ووصف أحد أبناء عرسال، طارق الحجيري، ما يجري في البلدة بـ"الإحتلال"، مشبّهاً حاجز وادي حميد بمعبر رفح.
وهذا الواقع أعاد التذكير بمطالبات سابقة بنقل حاجز الجيش من مكانه، طالما أنه لا يمكن نقل مناشر الحجر والبساتين من مكانها.

مطالبة بنقل الحاجز
وهذا ما أيده رئيس البلدية، مشيراً إلى أن الحاجز الثابت في موقعه الحالي منذ مرحلة الأحداث التي شهدتها عرسال، لم يعد مكانه مناسباً، حتى لو كان للجيش حسابات مختلفة. فهو بواقعه الحالي يقسم البلدة إلى قسمين، ويشكل عائقاً للتنقل الذي يصبح خانقاً مع عودة التلاميذ إلى مدارسهم. بينما نقل الحاجز إلى خارج المنطقة الصناعية يسمح بكشف أي تحرك مشبوه عند الحدود، ويصبح بالإمكان حينها التمييز بين المهرب والعامل والسكان وأصحاب المزارع. 

وتحدث الحجيري عن إمكان نقل الحاجز إلى نقطة تدعى "العجرم"، وهي تقع خلف "الملاهي" على طريق مؤدية إلى الحدود، ولا تشكل عبئاً على المنطقة الصناعية والسكنية. وهذا يخفف العبء على الأهالي، من دون أن يعيق قدرة الجيش على ضبط الأمن.

وإلى أن تستجيب القيادة لهذا المطلب، كشف الحجيري من خلال تواصله مع قيادة اللواء التاسع في المنطقة، أن الإجراءات الأمنية المتخذة حالياً على حاجز وادي حميد، مؤقتة، وهدفها "تفييش" أسماء عابريه بشكل دائم، لتسهيل كشف من يجتازونه استثنائياً لاحقاً، ووضعهم تحت المراقبة. ووعدت القيادة بتسريع عملية تسجيل الأسماء حتى لا تعيق حركة عبور الأهالي في اتجاه أشغالهم. كما وعدت بتمديد ساعات السماح بعبور الحاجز المحددة بين السادسة صباحاً والخامسة مساء، ساعة في فترة الصباح وساعة مساء. وهذا يشير إلى أن الإجراءات الأمنية على الحاجز حالياً مستمرة، أقله للأيام المقبلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها