الثلاثاء 2021/12/07

آخر تحديث: 13:26 (بيروت)

إسلاميو بيروت: "المشاريع" لحزب الله و"الجماعة" يتامى

الثلاثاء 2021/12/07
إسلاميو بيروت: "المشاريع" لحزب الله و"الجماعة" يتامى
"الجماعة الإسلامية" تبحث عمن يضمن وصولها إلى المجلس النيابي (المدن)
increase حجم الخط decrease
تحاول الحركات والجمعيات الإسلامية السنيّة في بيروت ترتيب أوراقها، تحضيراً للمعترك الانتخابي. لكن الجماعة الإسلامية تعيش حالاً من التخبّط وصراعاً سياسياً داخليّاً بين فئاتها، حول واقعها السياسي على الساحة اللبنانية عامةً، والسنيّة خصوصاً، وما إذا كان خوضها الاستحقاق الانتخابي خياراً صائباً أم ورقة محروقة. أمّا جمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش)، فرغم النقاشات الدائرة فيها حول اختيار المرشّحين، فهي حسمت خيارها الذي لم تغيّره منذ عقود.

الجماعة بين الانكفاء والاستمرار
تواجه الجماعة الإسلامية، وفق مصدر مقرّب منها، تصدّعاً ملحوظ بين مناهض ومؤيد للاستمرار في الحياة السياسية. ويعتبر المناهضون أن الدخول في هذا المعترك مغامرة غير محسوبة النتائج، ولا يصبّ في مصلحة الجماعة، مقارنة بواقعها السياسي السّابق، مستبعدين فكرة الحصار الإقليمي كسبب لتراجع حضور الجماعة على السّاحة السياسية.

ويضيف المصدر لـ"المدن" أن الأصوات العالية المؤيّدة للانكفاء، تأخذ في الاعتبار الخسائر التي تكبدتها الجماعة في الانتخابات السّابقة، النقابية والبلدية، وآخرها النيابية عام 2018، عندما لم تحصل الجماعة على أيّ مقعد. وعدا التبرير بالحصار الإقليمي، قالت الجماعة إنّ التزوير "ظلمها"، وإلا لفاز أقلّه النائب السّابق عماد الحوت في دائرة بيروت الثانية.

أما الصّوت المعارض، فيعتبر أن الجماعة تفقد الخبرات اللازمة لخوض الانتخابات والقيام بنشاط سياسي. والجماعة وفقاً لهذه الأصوات تخسر "نخبها السياسية" لصالح من يديرونها منذ ثلاثة عقود، وهم شركاء في خسائرها المتلاحقة.

لكن هذه الأصوات العالية الداعية للانكفاء لجمتها القرارات القطعية الصادرة عن الأمين العام للجماعة، عزام الأيوبي، والذي خاض نقاشات حادة مع كوادر الجماعة في مناطق مختلفة لإقناعهم بخوض المعركة الانتخابية المقبلة. لذا، بدأت الجماعة منذ أسابيع مرحلة اختيار مجموعة من المرشّحين بواسطة ما يسمى "الهيئة الاستشارية". وشهد يوما السبت والأحد الماضيان المرحلة الثانية المتمثّلة بانتخاب الأعضاء لمرشح واحد فقط. علماً أن أنظمة الجماعة الداخلية تعتبر التصويت من باب "الاستئناس"، ولا يلزم المكتب العام الذي يديره الأيوبي والحوت.

وتقول معلومات إن الأيوبي -مدد له مجلس شورى الجماعة 9 أشهر لإدارة المعركة الانتخابية- يعمل منذ مدة على تأمين ميزانية للانتخابات من مصدرين رئيسيين: مغتربو الجماعة، وقيادات إخوانية مصرية وفلسطينية. ووُعد الرجل بدعم مالي يصل إلى مليون دولار في المرحلة الأولى.

حوارٌ مع "المستقبل"
عقب قيام رئيس تيار المستقبل سعد الحريري خلال مرحلة تكليفه السابقة بجملة من المصالحات مع القوى والشخصيات السّنية، كانت الجماعة جزءًا منها. وجرى ترتيب المصالحة بين رئيس مكتب الجماعة السياسي عماد الحوت وأمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري. وحسب معلومات، بدأ الحوار بين المستقبل والجماعة منذ أشهر، في محاولة للخروج باتفاق انتخابي. وهذا ما يتحمس له الحوت وفريقه داخل المكتب السياسي، معتبراً أنّ سعد الحريري، مقارنة بباقي الأطراف، لا يزال الأقوى حتى اليوم في السّاحة السّنية، وصاحب القاعدة الشعبية الكبرى.

وفي المقابل، يرفض بعض الأعضاء في الجماعة خيار التحالف مع المستقبل، معتبرين أنه "غدر" بهم في مراحل عدة، منها سياسية وأخرى انتخابية. لذا، يؤكّد هؤلاء على ضرورة إيجاد بديل يسعف الجماعة ويمكّنها من تحقيق حاصل يسمح لها بالعودة إلى البرلمان.

وكان لأعضاء الجماعة خياران آخران إضافة إلى الحوت: مغير سنجابة (عضو بلدية بيروت) ورانيا قوزي، على أن يختار الأمين العام للجماعة عزام الأيوبي واحداً منهم. ويميل الأيوبي إلى الحوت، الذي بدأ يحضر لإطلاق حملته الانتخابية. ويرى البعض أن سنجابة خيار جيد، لأنه يتمتع بعلاقات اجتماعية وسياسية في البيئة البيروتية. إضافة إلى الرغبة في تغيير الوجوه السابقة المسؤولة عن تراجع الجماعة.

ويخشى الشطر المعارض للتحالف مع الحريري الخسارة، لأن المستقبل يعاني من تراجع شعبي مبين في الآونة الأخيرة، رغم محاولته تصحيح أخطائه السياسية أخيراً. وهناك سبب آخر للامتناع عن التحالف: تقرّب الحريري من الإمارات المناهضة للإخوان المسلمين في المنطقة. وهذا ينعكس ذلك سلبياً عليهم. بل من المتوقّع أن لا يمدّ الحريري يده لهم، لئلا يغضب الإمارات.

حزب الله خيار مطروح
بات واضحاً أن الجماعة تبحث عمن يضمن وصولها إلى المجلس النيابي. لذا لا بدّ من البحث عن حزب قاعدته الشعبية متينة، رغم الأمواج التي حطّمت جدران القوى السياسية التقليدية بعد انتفاضة 17 تشرين. وقد تجلّى ذلك في الانتخابات الجامعية والنقابية. وحتى لو فازت أحزاب السّلطة هذا العام، فأسباب فوزها هو امتلاكها قدرات تنظيمية ولوجيستية تفتقدها المجموعات المعارضة.

لذلك يعتقد بعض أعضاء الجماعة المعارضين والمقرّبين من حزب الله وحركة حماس، أن التحالف مع حزب الله في دوائر عدّة ضروري، انطلاقاً من أن المبادئ مشتركة بينهما، وأهمها مقاومة العدو الإسرائيلي. وفتح هؤلاء "أنفاق" التواصل مع حزب الله، بعد قطيعة دامت سنوات. ولكن الجماعة تدرك أنّ لجوءها إلى الحضن الشيعي، يحرقها بيروتياً وسنياً، فتتعرض لأسوأ من ما تعرض له تيار المستقبل.

على المقلب الآخر، تطرح الفئات الشابة داخل الجماعة فكرة التحالف مع المجموعات الثورية التي خرجت من رحم ثورة 17 تشرين. فالجماعة شاركت في تحركات الانتفاضة، وحاورت مجموعاتها. لكن المعضّلة تتمثل بعدم استمرار هذا الحوار وانقطاعه، بسبب خلافات أيديولوجية، وتخوف المجموعات من تاريخ الجماعة القائم على التحالف مع أحزاب السلطة، وآخرها التيار العوني في الانتخابات الماضية.

"المشاريع" لعرّابها حزب الله
تكرر جمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش) قولها إنها منفتحة على الحوار مع الأطراف كلها، ولا تمانع أي تحالف. لكن خيارها محسوم من البداية. ودار حديث في الصالونات السياسية عن إمكان تحالفها مع تيار المستقبل بعد "المصالحة السّنيّة". لكن جماعة الأحباش لن تنسلخ عن حليفها الدّائم وعرّابها: حزب الله.

فالنّائب عدنان طرابلسي عضو في اللقاء التشاوري حليف حزب الله. ويتبنى الأحباش مواقف حزب الله ويسيرون على خطاه. لذا، تشدّد مصادر "المدن" على أن الأحباش لن يغيّروا مواقفهم وتحالفاتهم، وسينطلقون إلى جانب حزب الله في معركته الانتخابية المقبلة.

تجري مباحثات داخلية حول ترشيح شخصيتين وهما عماد طرابلسي والعميد "سميسمة" (لقبه) لتوزيع الأصوات بين 6500 صوت و7000 كون اللائحة، حسب دراستهم، يمكنها أن تحوز على 5 حواصل. لذا، كون الحواصل مضمونة حتّى السّاعة فباستطاعتهم توسيع الدائرة لضمان مرشح إضافي داخل المجلس.

والجدير ذكره أن تحالف حزب الله–المشاريع تمكّن من إحراز أصواتاً تعتبر كبيرة في بيروت الثانية، بعد تراجع تيار المستقبل في الانتخابات الأخيرة. علماً أن حزب الله يمنح الأصوات في بيروت لحليفته حركة أمل. أما وقد يشهد المستقبل مزيداً من التراجع اليوم مع احتمال غياب سعد الحريري عن المشهد السياسي، فسيستغل الأحباش ذلك سعياً لتحويل القاعدة السّنية إلى جعبتهم، لتكون المنافسة الأشرس بينهم وبين النائب فؤاد المخزومي، لا تيار المستقبل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها