الإثنين 2021/12/06

آخر تحديث: 11:51 (بيروت)

حزب الله المتوتر

الإثنين 2021/12/06
حزب الله المتوتر
وجد حزب الله نفسه وحيداً في مواجهة تداعيات التحقيق بجريمة المرفأ (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

منذ انطلاق التحركات الشعبية في 17 تشرين الأول 2019، يظهر التوتر جلياً على مسؤولي حزب الله. وزاد توترهم مع تداعيات التحقيق في انفجار المرفأ. وهذا الانْفِعَال في خطاب الحزب لم يعرفه الحزب في أقصى الانقسام الذي كان قائما في لبنان بين فريقي 14 و8 آذار، ولا أثناء حرب تموز التي شنتها إسرائيل على لبنان.

أسباب الصداع
البعض يقول إن هذا التصرف الجديد من قبل الحزب سببه خارجي. ولكن ظاهر الأمور يقودنا إلى الظن بأن تصرف الحزب لا يتعلق بما يحدث في المنطقة، خصوصاً وأن إيران التي تخوض مباحثات مضنية في فيينا، لم تقدم أي تنازل، وما زالت لغاية تاريخه تتمسك بما تعتبره حقوقاً مكتسبة.. إضافة لذلك، فإن النظام في سوريا عادت إليه روح العلاقات الخارجية، وأضحت دمشق "مربض خيل" لمعظم وزراء الخارجية، مع بعض الاستثناءات التي تتشدد إزاء النظام.. والوضع في اليمن لا يدعو إلى قلق مصيري، علماً بأن المباحثات المستقبلية حول اليمن ستحدد نوعية العلاقة السعودية مع لبنان ودول الخليج العربي. إضافة إلى كل ذلك، فإن المجتمع الدولي -وعلى رأسه الرئيس الفرنسي- يعمل على قاعدة أن إنقاذ لبنان يعني إعادة الحياة إلى الطبقة السياسية الحالية، ومن ضمنها بالطبع حزب الله. هذه الوقائع تؤكد أن الأحداث الداخلية هي التي تسبب الصداع لحزب يمتد تأثيره إلى أقاصي الأرض.

تعب الحزب وعقدته
غرق حزب الله، كما غيره من الأحزاب، في الرمال المتحركة اللبنانية، من دون أن يقدم أي مقاربة جديدة أو مختلفة لحل المشاكل التي تعاني منها بلاد الأرز. وهذا الأداء الفاشل والتقليدي يشمل وزراءه ونوابه، ما أثر على صورته أمام جماهيره وأحرجه تجاهها. هذا ومن جهة أخرى، يبدو أن الحزب قد تعب من فريقين:

الفريق الأول يتمثل بالثورة، أو بذلك الحراك الذي انطلق مع أزمة النفايات في العام 2015، وانفجر في تشرين العام 2019.

أما الفريق أو الطرف الثاني، فهو نقيض الأول. أي العهد وأهل العهد وحزب العهد، وخصوصاً رئيس هذا الحزب.

يشكل الفريق الأول عقدة للحزب، على الرغم من أن هذا الفريق غير منظم، ولم يستطع أن يصوغ برنامجاً سياسياً واحداً أو موحداً، إلا أنه يمثل رأس الجبل لشعب خرج عن طاعة الأحزاب، وحرك مياهاً هادئة كان يرتاح إليها الحزب، بانتظار الوقت المناسب للانقضاض على السلطة. فالحزب كان يسعد أن يلاعب القوى التقليدية، التي كانت تعارضه. فهو يدرك الثمن الذي تعمل لتحصيله، وإنها في النهاية ستعود إليه. ولعل ما قاله غالب أبو زينب عن الخطاب العلني العدائي والآخر السري المسالم لتلك الأحزاب يعبّر خير تعبير عن اطمئنان الحزب للعبة السياسية اللبنانية، قبل دخول الحراك إليها.

أداء "العهد"
أما تصرفات العهد، فهنا الطامة الكبرى بالنسبة للحزب. فالعهد يعمل لمصلحته، ولا يرى في هذه الدنيا إلا تأمين مصلحة الصهر وانتصار هذا الأخير على من ينافسه، من دون أن يأخذ بالاعتبار حسابات حليفه السياسية والوجودية. فالحزب الذي عطل الحياة السياسية والدستورية من أجل إيصال الرئيس الحالي، وجد نفسه وحيداً في مواجهة تداعيات التحقيق بجريمة المرفأ. لا بل هنالك من يشير إلى مسؤولية المستشار الأول لرئيس الجمهورية بإدارة ملف التحقيق. وبغض النظر عن أحقية هذه الاتهامات، إلا أن الإصرار على انعقاد جلسة لمجلس الوزراء من قبل تيار العهد، تعطي إشارات سلبية لدى مسؤولي الحزب وجمهوره. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن فشل العهد بإدارة المشاكل ووصول لبنان إلى جهنم على أيامه أحبط تيار المقاومة.

باختصار فإن الحزب أمام معضلتين، تسببان له الصداع والتوتر. الأولى، بروز تيار شعبي لا يمكن لجمه بالسياسة أو بالتسويات السياسية. والمعضلة الثانية، أزمته مع حليفه الذي يملك حق التوقيع الدستوري، ولا يستعمله إلا إرضاء لطموحات فرد يسيطر على القصر الجمهوري.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها