السبت 2021/12/04

آخر تحديث: 13:07 (بيروت)

ميشال ضاهر لـ"المدن":مقبلون على التمديد للبرلمان..وإلا مجلس تأسيسي

السبت 2021/12/04
ميشال ضاهر لـ"المدن":مقبلون على التمديد للبرلمان..وإلا مجلس تأسيسي
"حزب الله لا يمكنه أن يحكم البلد، ولكنه يتحكم به. والقطبان المسيحيان يدمران المسيحيين" (المدن)
increase حجم الخط decrease
حملت انتخابات 2018 وجوها جديدة مستقلة إلى المجلس النيابي، فتحالفت مع أحزاب السلطة. ولكن العلاقة بينهما ظلت كعلاقة الزيت بالماء، يستحيل امتزاجهما. وظل التمايز بين أولئك النواب والأحزاب فاضحاً في بعض المواقف. فالانفصال مطروح على الدوام. وقد خرج بعضهم من تكتلاتهم على مضض، وقدم آخرون استقالتهم من المجلس النيابي في خضم تدهور الأحوال اللبنانية، وهناك بعض آخر فضل المواجهة في المجلس النيابي.

تحذير وطلاق
النائب ميشال ضاهر واحد من النواب المستقلين، الذين لم تجرفهم موجة الاستقالات عقب ثورة تشرين. دخل معترك السياسة من عالم الاقتصاد الواسع. وكان من أبرز من حذروا من الانهيار الاقتصادي. ويقول لـ"المدن": "الناس اعتبرتني متشائماً، ولكني كنت أرى المشكلة منذ سنة 2011. والمسألة الوحيدة التي لم أتوقعها أن نصل إلى ما يسمى ازدواجية اللولار والدولار".

مصارحته الناس بواقع الاقتصاد، وتمايزه في الطروحات الاقتصادية البعيدة عن الشعبوية، جعلاه مصدر إزعاج حتى لزملائه. وشذّ عن حلفائه مرات عدة، فحجب ثقته النيابية عن حكومات شكلها حلفاؤه، واعترض على موازناتها المالية، وأعلن أخيراً طلاقه الحاسم عن تكتل لبنان القوي العوني.

لذا توجّس البعض من حركته السياسية-الاجتماعية"، فاتهمه بمحاولة إنشاء زعامة شخصية، وبتسخير مؤسساته وقدراته المالية لنقل الكرسي الكاثوليكي من زحلة إلى خارجها، وتحديداً إلى الفرزل، علماً أن نائبي زحلة الكاثوليكيين حالياً ليسا من أبناء المدينة.

"وهذه إشكالية عند سمير جعجع وليس لدي- يقول ضاهر- فأنا لا يمكنني أن ألغي ذاتي، بينما جعجع  يمكنه أن يوصل أي مرشح تختار القوات منحه أصواتها التفضيلية في زحلة. وإذا هو اختار مرشحاً من خارج المدينة يكون هو من يعاقبها لا أنا، فليحاسبوه".

مستقل رغم التحالفات
ويقول ضاهر أنه سيترشح لانتخابات 2022 مستقلاً. ويعني بالمستقل أن التحالفات التي قد يضطر إليها مهما كانت سعياً وراء الحواصل، لن تجلسه إلى طاولة حلفائه في الانتخابات. وإذ يبدي "إحتراما للأحزاب كلها"، يرى أنها "تتغذى من الطائفية وشد العصب والتخويف من الآخر في لبنان. وهي لم تتوصل إلى مصالحة حقيقية بعد انتهاء الحرب. وهذا ما مكّن الميليشيات من أن تحكم الدولة".

لكن ما يحسب على ضاهر أنه لم يكن متحفظاً في انتخابات سنة 2018 على التحالف مع أحزاب هذه السلطة تحديداً. بل ضمت اللائحة التي ترشح عليها أكبر تكتلين حزبيين للمسيحيين والسنة فيها. ويجيب ضاهر أن هدفه منذ البداية كان تأمين التفاف سياسي نيابي حول برنامجه الذي ترشح على أساسه، تحت عنوان "رؤية وطن". فرأى في التحالف فرصة ليصل بمشروع اقتصادي محاطاً أقله بـ 29 نائب في التكتل. ويشرح: "عندما تحالفت مع التيار العوني وتيار المستقبل، لم يكن انضمامي إلى التكتل مطروحا. وبناء على اتصال تلقيته من رئيس الجمهورية بعد الانتخابات، طلب أن أكون في التكتل. وقلت له حرفياً إنني كاثوليكي، ومرجعيتي الدولة ورئاسة  الجمهورية. وإذا كانت هذه رغبته فأنا حاضر. ولكن همي سيكون الاقتصاد. فوعدني أن يتحدث إلى جبران كي أكلف بالملف الاقتصادي. وبالفعل كنت أول من أطلق ورشة اقتصادية في خلوة للتكتل دعيت إليها في أوتيل قادري بزحلة".

لا للعونيين وحزب الله
لاءان جازمتان يطلقهما ضاهر بالنسبة لتحالفاته المستقبلية:
الأولى، لا للتيار العوني. فالتجربة معه لم تكن مشجعة بعد انتخابات 2018. ويقول: "أنا أحترم رئيس الجمهورية، وعلاقتي به أكثر من ممتازة. ولا خلاف على الصعيد الشخصي مع التيار. ولكن "المستوزرين" و"المستنوبين" في المنطقة صدعوا رأسي. وشعرت أن هناك مزاركة وتحاشر على هذه المناصب. وقلت خذوها، وليسامحكم الله بها. فأرحتهم وإرتحت. وأبعدت عني مهندسي الفتن". ويضيف ضاهر: " أما نيابتي فتحققت بقوتي الذاتية. وهذا ما أسعى إليه مجددا".

أما الـلا الثانية فهي للتحالف مع حزب الله. ويقول ضاهر إن هناك "علاقة احترام قوية بيني وبين حزب الله، ولكن خطهم غير خطي. أنا لا أؤمن بسياستهم في لبنان. فهم يخدمون أجندات خارجية. وهم أوصلوا البلد إلى ما نحن فيه. لذا لا تفاهم سياسياً بيننا. فنحن ندفع اليوم فاتورة سياسات حزب الله.  فالمملكة العربية السعودية مثلا، لم تعد تكترث ببلدنا بسبب حزب الله. وأصبحنا اليوم بلا حضن عربي. وبصفتي رجل أعمال ضايقني حزب الله في عملي، وخسّرني سوق الخليج. وهو يضع اللبنانيين الذين يعملون ويقيمون في الخليج تحت خطر الطرد.

والمطلوب من حزب الله وفقاً لضاهر أن يعود إلى لبنان. و"المطلوب من الناس جميعاً التواضع. فإما أن نعيش في هذا البلد كلنا ومعا، أو لن يكون لنا بلد". وهذا ما قلته لحزب الله: "يمكنكم أن تتحكموا بالبلد، ولكن لا يمكنكم أن تحكموه. ويمكنكم أن تعطلوه ولكن لن تحكموه. وهذا ما يحصل اليوم. حزب الله لا يمكنه أن يحكم البلد، ولكنه يتحكم به".

منفتح على الجميع
وإذ يبدي ضاهر انفتاحا على باقي المكونات السياسية، يشدد في المقابل على أنه لن يتحالف مع أحزاب السلطة. وانطلاقا من هذه القناعة يقول إن التحالف مع القوات اللبنانية غير مطروح أساساً، ولا كلام معها في هذا الخصوص. فـ"لا هم لديهم مصلحة معي ولا أنا لدي مصلحة معهم".

أما عن امكان التحالف مع تيار المستقبل فيقول: "نحن نعيش في منطقة تحوي موزاييك طائفياً. وقد أكون النائب الوحيد الذي استطاع التحرك في الاتجاهات كلها، والتواصل مع الجميع. وهذا ما أريده: أن أكون صمام هذا التواصل بين كل المكونات في المستقبل".

أسوأ قانون انتخابي للتحالفات
وعما إذا كان هناك سعي لخلق جبهة نيابية معارضة تضم نواباً من الدوائر كلها، يقول ضاهر: "لا اتفاقات حتى الآن. هناك أشخاص أتمنى أن يصلوا، كميشال معوض ونعمة أفرام وغيرهما". وإذ يرى حاجة لتشكيل مثل هذه الجبهة، يعتبر أن "القانون الانتخابي- ولو كان أفضل قانون لتمثيل المسيحيين- هو أسوأ قانون للتحالفات". ويقول: "لنأخذ زحلة مثلا، حيث لن نتمكن من إيصال ثلاثة نواب على الأقل من لائحة واحدة متجانسبة. ولذلك نحن اليوم منقسمين".

الاقتصاد والمسيحيون
ومن يراقب مواقف ضاهر يلاحظ سيطرة همي الاقتصاد والمسيحيين على معظم تغريداته. ويقول: "مشكلتنا في هذا البلد أننا كلما تأخرنا بمعالجة مشكلاتنا، كلما خسرنا نخب المجتمع. فهم يغادرون بلا عودة. وخصوصاً من المسيحيين. وما أخشاه هو التغيير الديمغرافي".

ويرى ضاهر أن "القطبين المسيحيين اليوم يدمران المسيحيين. فإن اتفقا يأكلان الضرع والزرع، وإن اختلفا يتلفان الزرع. إذا لم نتخل عن أنانيتنا الذاتية، مصيرنا الهلاك كمسيحيين".

وإذ يعتبر أن خسارة المسيحيين بدأت منذ سنة 1990 عندما انقسموا ودكّت مناطقهم، يرى "أننا لا نزال نغرق في خسائر مستمرة. والعقلية التي خربت البلد حينذاك لا تزال حاكمة حتى اليوم. الزعماء المسيحيون لا يريدون لأي منهم أن ينجح. ينتظرون بعضهم على المنعطفات، ليشمت كل منهم بالآخر. والشعب المسيحي هو من يدفع الثمن في النهاية. سمير جعجع ينتظر انهيار عهد ميشال عون. وبعد هذا الانهيار لن يبقى مسيحي ولا شعب ليُرأس". وإذا بقي الوضع الاقتصادي على تدهوره، يقول ضاهر: "أنا متأكد أن هجرة النخب والشباب ستتسع من الطوائف كلها، ولكن بكثافة أقوى لدى المسيحيين. وإذا حصلت هذه الهجرة لن يعود لبنان البلد الذي نعرفه".

سيدر والعالم العربي
وفي الهمّ الاقتصادي يقرأ ضاهر إمعاناً في تدمير الدولة، محذراً من استمرار رواتب القطاع العام ولا سيما القوى الأمنية والعسكرية على حالها. ويرى أن ذلك يقضي على البلد. ويرى أن السياسيين لا زالوا في حال نكران. والدليل الموازنات الأخيرة التي لا تزال تحتسب الدولار على سعر 1500 ليرة.  

و"الأخطر- يقول- هو ما نعيشه من حال انفصام. فنحن نتمسك بمؤتمر "سيدر" لدعمنا، بينما الدعم يمول بنسبة 45 في المئة من العالم العربي، الذي يشتمه بعضنا كل يوم. فإذا وافق البنك الدولي على إقراضنا لن نجد من يديننا من الدول العربية. لا يمكن اليوم أن أقول إنني سأنقذ البلد، ولدي 12 ملياراً من سيدر، وأهاجم الدول العربية صباحاً ومساءً. العالم العربي يرى أننا شعب كذاب ومستسلم".

ومع ذلك يرى ضاهر أن  الأزمة يمكن الخروج منها باستخدام الـ 14 مليار المتبقية في المصرف المركزي، بعد أن هدر 11 ملياراً على الدعم خلال 13 شهراً. ويقول: "الرقم رقم لا يبدله شيء، لا الصلاة لمار شربل ولا مسبحة الوردية. لذا حذرت من الكارثة الاقتصادية التي نحن فيها".

كارثة المودعين
وقبل الوصول إلى قعر الهاوية يطالب ضاهر بإقتطاع 30 بالمئة من ودائع كبار المودعين الذين يتخطى رصيدهم مليون دولار. وهي توازي قيمة فوائد ثلاث سنوات. ويشدد على أن ذلك لم يكن موقفاً شعبويا، بل موقف بعيد عن المزايدات. ويضيف: "الى أين وصلنا اليوم. نجد أن الهيركات يطال المودع الصغير الذي لا يتخطى رصيده أحيانا 20 ألف دولار، حيث اقتطع 85 بالمئة من قيمة ودائعه، ويضطر إلى سحبها على سعر 3900، بعدما صار الراتب لا يكفي أي موظف".

ويسأل ضاهر: "كيف يمكن أن يخسر المودع فيما المصرف لا يزال صامداً، ويزيد رواتب موظفيه، ويعطي حوافز على حساب المودع؟! في دول العالم كلها يخصم من الودائع إذا وقع المصرف في إفلاس. ما يحصل عندنا لا سابقة له في التاريخ ولا يمكن أن يستوي بأي منطق".

ولكن هل هناك أفق لهذا الحل السياسي من خلال الانتخابات النيابية؟
هنا يبدو التشاؤم أكبر في كلام ضاهر: "إننا مقبلون على تمديد للمجلس النيابي. وقد يصور التمديد تقنياً لئلا نقع بالفراغ. من يقول إنه لن يمدد للمجلس كاذب. فهذه الطبقة السياسية لا تريد الانتخابات. وحتى المجتمع الدولي لم يعد حريصاً على الانتخابات. وربما هو ينتظر فرصة ليكون الوضع أفضل للتغيير. وما يحصل حالياً حول صلاحيات المجلس الدستوري ومجلس النواب للنظر في الطعن المقدم بالانتخابات، يبشر بذلك. هناك محاولة لتركيب طرابيش لوضع الناس في الضياع. ولست واثقاً من ما إذا كانوا غير متفقين تحت الطاولة على هذا التمديد".

مؤتمر تأسيسي لبلد لقيط
ولكن إلغاء الانتخابات أو تأجيلها ينعكس أيضاً على استحقاقات أخرى، وأبرزها انتخاب رئيس الجمهورية. وهنا يتحدث ضاهر عن المؤتمر التأسيسي: "أخاف من أن تنتهي ولاية مجلس النواب ولا يعود هناك مجلس. وفي حال عدم التوصل إلى صيغة للتمديد، نكون دخلنا في مؤتمر تأسيسي".

وبرأي ضاهر "أن هذا المؤتمر ربما يشكل خلاصاً، أيا كانت حسناته وسيئاته، لأنه يجب أن نضع أرجلنا في مكان ما، لنعرف ماذا يريد كل طرف في هذا البلد". وهو يشدد: "طالما هناك دويلة في الدولة، لا يمكننا أن نعيش في هذا البلد".

ولكن هل يمكن أن نفتش وسط هذه الفوضى ولو عن بصيص من النور، أم أننا وقعنا في التشاؤم الكلي؟ يجيب ضاهر: "صار لدي إحساس أن هذا البلد لقيط، ينتظر دائما من يتبناه. أثبتنا طوال 16 سنة أننا بلد غير مؤهل ليحكم نفسه بنفسه. وأننا شعب غير مؤهل ليكون له بلد. وما أخشاه أنهم يبحثون الآن عمن يتبنانا".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها