الجمعة 2021/12/03

آخر تحديث: 15:46 (بيروت)

المرفأ والقرداحي و"كرامة" حزب الله: البيطار خارج الصفقة

الجمعة 2021/12/03
المرفأ والقرداحي و"كرامة" حزب الله: البيطار خارج الصفقة
لا ضمانات للسلطة السياسية بإسقاط ملاحقة المدعى عليهم في القضاء بعد تحرّك البرلمان (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
يوم 11 تشرين الثاني 2021، أطلّ أمين عام حزب الله على اللبنانيين بمناسبة "يوم الشهيد" وأكد دعم الحزب لوزير الإعلام المُطالَب بالاستقالة حينها، جورج قرداحي. يومها اعتبر نصر الله أنّ "استقالة أو إقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي يعني أن الدولة اللبنانية أصبحت بلا سيادة ولا كرامة". لذا، ووفق معياره، حلّ هذا اليوم المشؤوم. اليوم، في الثالث من كانون الأول 2021، بتنا حسب نصرالله شعباً في دولة بلا سيادة أو كرامة. استقالة الوزير جورج قرداحي جرّدتنا من عزّتنا وشعورنا الوطني. نفسية أمتنا وهنت. نحن المحكومون من عصابة سياسية ومالية في السلطة. الذين نسهر على أضواء الشموع. ونتلاعب بجرعات الدواء المقطوع. ونتحايل على الأطفال في المناسبات. ونتلطّى من سلاح غير شرعي. ونبحث عن باسبورات للهجرة. ونركب قوارب موت باتجاه تركيا أو اليونان وقبرص. نحن اليوم بتنا في دولة بلا سيادة وكرامة. اليوم بالذات، جُرّدنا من حيائنا الوطني.. يا للعجب!

اغتصاب السيادة
لو جاءت استقالة قرداحي قبل يومين أو أسبوع أو أسبوعين، لكان اغتصاب سيادتنا ألطف. لا لشيء سوى لأنّ نصّ الاستقالة وضّبه معه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى السعودية. وفي الرياض سيقدّمها على طبق للقيادة السعودية في مسعى لحلّ الأزمة اللبنانية مع دول الخليج. يعني أنّ الاستقالة اللبنانية، تلقّفتها فرنسا للدخول على خط التفاوض مع الرياض كبادرة حسن نيّة ورجاء. وسبق ذلك استقالة وزير الخارجية السابق شربل وهبة في الحكومة السابقة. وقبلها بعشر سنوات كانت الضربة السياسية والدبلوماسية الأكبر عند نزع الشرعية عن رئيس حكومة قبل دخوله البيت الأبيض بدقائق. اغتصاب السيادة، ديبلوماسياً، ليس جديداً.

الصفقة المترنّحة
خُيّل للبعض أنّ استقالة قرداحي اليوم قد تدفع إلى حلّ على مستوى الأزمة السياسية والقضائية التي نصبها فريق الحكم منذ خمسين يوماً في تعطيل الحكومة. فبادرت بعض المجالس السياسية إلى الربط بين الاستقالة وتحديد رئيس مجلس النواب نبيه برّي موعداً لعقد جلسة تشريعية يوم الخميس. وكان السيناريو الذي تمّ التسويق له أن تجري خلال جلسة الثلاثاء مناقشة تشكيل لجنة تحقيق نيابية في ملف انفجار مرفأ بيروت، يتمّ من خلالها تحديد عمل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار وحصر مهامه بغير الرؤساء والوزراء والنواب. إلا أنّ هذا ما لن يحصل الثلاثاء، حسب ما تؤكد مصادر نيابية عدة. فالصفقة مترنّحة.

لا ضمانات
وفي هذا الإطار، تشير مصادر نيابية لـ"المدن"، إلى أن "ليس لدى الرئيس برّي ضمانات واضحة بأنّ القضاء، والقاضي البيطار تحديداً، سيوقف ملاحقة الرئيس حسان دياب والوزراء السابقين المدعى عليهم في ملف المرفأ في حال السير بالتحقيق البرلماني". وتضيف المصادر نفسها، أنه في اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب الذي عُقد اليوم استباقاً لجلسة الثلاثاء "لم يتمّ التطرّق إلى ملف المرفأ سوى من باب عام". وحول إمكانية طرح هذا البند من خارج جدول الأعمال، "قد ينفرط النصاب وتسقط الجلسة". وبالنسبة لأكثر من مرجع سياسي، بات فريق تعطيل التحقيق في جريمة 4 آب على بيّنة وقناعة تامة بأنّ التخلّص من البيطار (أو "قبعه") لا يمكن أن يتمّ إلا من خلال القضاء. كما أنّ الضمانة القضائية التي تبحث عنها السلطة السياسية على هذا المستوى، جاء القضاء بعسكها إذ ثبّت حق البيطار في استجواب الوزراء السابقين والمدعى عليهم من خلال إسقاط طلبات النقل التي تمّ التقدّم بها.

الخطوات القضائية
تقدّم أمس الوكلاء القانونيون للوزير السابق يوسف فنيانوس، المدعى عليه في ملف انفجار المرفأ والصادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية، بدعوى مخاصمة ضد القاضي البيطار. أي أنّ البيطار لم يعد بإمكانه اتخاذ أي إجراء بحق فنيانوس، مع العلم أنّ البيطار طوى هذه الصفحة بإصدار مذكرة التوقيف. هي خطوة غير محسوبة بالنسبة لهذا الفريق القانوني، نظراً لأمرين: أولاً، أنه بفعل هذه الدعوى لم يعد من الممكن أن يتراجع البيطار عن مذكرة التوقيف الذي سطّرها بحق فنيانوس. ثانياً، أنه في حال تم توقيف فنيانوس (وهو أمر مستبعد جداً)، لم يعد بإمكان القاضي البيطار إصدار قرار بإخلاء سبيله، نظراً لوجود دعوى المخاصمة. مذكرة التوقيف قائمة ومعمّمة.

طلبات ردّ إضافية
وفي السياق القضائي نفسه، من المتوقع أن تبدأ فرق الدفاع عن المدعى عليهم السياسيين تقديم طلبات ردّ إضافية ضد البيطار أمام الغرفة الأولى من محكمة التمييز، برئاسة القاضي ناجي عيد، الذي عيّنته الهيئة العامة للتمييز مرجعاً صالحاً للبتّ بطلبات الردّ المقدّمة ضد البيطار. وقد يتمّ توقيت تقديم هذه الطلبات فور تحرّك محكمة الاستئناف للتراجع عن القرار غير القانوني الصادر عن القاضي حبيب مزهر. فتحرّك الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، القاضي حبيب رزق الله، بعد جمود أسابيع. تنحّى القاضي نسيب إيليا عن النظر في طلب الردّ المقدم ضد البيطار. وعيّن رزق الله القاضية رنده حرّوق بديلة لإيليا في الغرفة رقم 12 في محكمة الاستئناف. ومن المفترض أن تلتئم الغرفة التي ستجمع حرّوق بالقاضيتين ميريام شمس الدين روزين الحجيلي وتتّخذ قرار التراجع عن قرار مزهر أولاً، وثم سقوط طلب الردّ شكلاً لعدم الاختصاص (بناءً على القرار الصادر عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز بتكليف عيد).

يوضح المشهد أنّ القاضي طارق البيطار قد يعود إلى التحقيق الأسبوع المقبل، لكن سيتمّ العمل على عرقلته وكفّ يده مجدداً من خلال تقديم طلبات ردّ إضافية أمام محكمة التمييز. حال العرقلة والتعطيل، بالنسبة للعصبة الحاكمة، هي أفضل الخيارات المتاحة أمامها طالما أنها غير قادرة إلى اليوم على العبث بقرارات المحقق العدلي وتوجيه تحقيقاته. إلى متى كل هذا العبث؟ الأكيد، أنه إلى الآن القاضي البيطار مقتنع وثابت على موقفه، ولن يُساق في أي اتجاه سياسي يبغاه متضرّرون من التحقيق. هل المطلوب عرقلة التحقيق إلى ما بعد الانتخابات النيابية؟ هل ثمة فعلياً انتخابات نيابية ربيع 2022؟ صحيح، نحن في دولة تفتقد للسيادة والكرامة، فلا داعي لتثبيت هذا الأمر مجدداً في استحقاق تشريعي جديد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها