الإثنين 2021/12/27

آخر تحديث: 14:10 (بيروت)

انتفاضة على رأس جبل المعارضة

الإثنين 2021/12/27
انتفاضة على رأس جبل المعارضة
ماذا يبقى أمام اللبناني من مخرج إلا الهجرة؟ (Getty)
increase حجم الخط decrease
مع نهاية عام دخولنا إلى جهنم، واستقرارنا في إحدى زواياه، يبدو للكثير من المعارضين البسطاء أن المشهد العام والتصريحات والردود عليها تشي بأن المنظومة السياسية في لبنان تتخلى عن بعضها البعض، أو تبتعد عن بعضها البعض. ويعزون ذلك إلى وطأة الأزمة الاقتصادية التي بدأت بفضيحة مالية، تمثلت بالسيطرة على ودائع اللبنانيين في المصارف وانفلات سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة اللبنانية.

برأي هؤلاء، أن المنظومة لم تعد تستطيع اقتسام قالب السلطة، وأن التسويات التي كانت صالحة أيام زمان لم تعد صالحة لإقناع من يدور في فلك أحزاب المنظومة التي باتت واعية ومتطلبة. إضافة لكل ذلك، فإن التاريخ السياسي يؤكد أن الأزمات السياسية الناتجة عن مصائب وفضائح مالية، تؤدي حتماً إلى انفراط عقد المنظومة الحاكمة، حتى أنك تسمع هؤلاء المتفائلين يصرخون عالياً وبكل ثقة أنه كما كان العام 2021 عام سقوط المحرمات، وانكشاف السحرة، ستكون السنة المقبلة سنة انفراط عقد هذه الطبقة، وستضعف إلى أن تسقط في الانتخابات النيابية بالضربة القاضية وننتهي منها..

بالتأكيد لو كنا نعيش في بلد طبيعي غير لبنان، لكان مصير هذه الطبقة ليس فقط الانفكاك وإنما السجن والنفي، وكل ما يخطر على بالكم من أدوات العقاب. ولكننا في لبنان الوطن الصغير، الذي تتحكم فيه طبقة أو منظومة تعشق فنون التمسك بالسلطة، حتى لو كانت خراباً. وتجيد تدوير الزوايا الخلافية فيما بينها عند استشعارها بأي خطر خارجي محدق فيها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن قوى المعارضة أو قوى المجتمع المدني لم تقدم نفسها على أنها بديل يستطيع أن يركن إليه المواطن اللبناني، ويسلمه بالتالي مصيره.
فأبطال المعارضة منقسمون حائرون، يدورون على أنفسهم بلا مشروع سياسي أو اقتصادي في جعبتهم، ولا هم لهم إلا الظهور الإعلامي ولقاء القناصل والسفراء ورؤوساء الدول (بالمناسبة، أخاف أن أسال ما هي الأفكار الإنقاذية والمشاريع السياسية التي تطرحها المجموعات المعارضة على من تلتقيهم من المجتمع الدولي؟).

إضافة لكل ذلك، فإن هذه القوى تحصر إمكانيات التغيير بالانتخابات النيابية. ولست أدري في هذا المجال إذا كانت هذه القوى تدرك أن هنالك ساحات مقفلة على التغيير، وأن تركيبة لبنان تحتاج إلى أكثر من انتخابات للوصول إلى شاطىء أمان وطن يحترم المواطن.. وأن هذه القوى بتصرفاتها العشوائية تضع اللبناني أمام خيار مرّ بين قوى تقليدية فاسدة ومفسدة، ولكنها قوية وحاضرة.. وأن بين قوى رأس الجبل يظهر الضعف والانقسام والنفخ في الأحجام لا مبرر له.

أمام هذا الواقع السياسي والمالي الأسود، ماذا يبقى أمام اللبناني من مخرج إلا الهجرة؟ ربما المخرج الوحيد هو الانتفاض مبكراً على رأس جبل المعارضة، واستبدالهم بقوى لديها مشروع ومشروعية، تؤمن فعلاً أن التغيير لا يكون على قاعدة "قوم لحتى أقعد محلك".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها