الجمعة 2021/11/26

آخر تحديث: 10:40 (بيروت)

شروط عون وأهداف حزب الله.. والرحلة إلى المجهول

الجمعة 2021/11/26
شروط عون وأهداف حزب الله.. والرحلة إلى المجهول
ركنا تفاهم مار مخايل يتحدثان بوضوح لا لبس فيه (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease

حفلت الأيام الماضية بمواقف دالة وأساسية ومهمة، صادرة عن ركنيّ تفاهم مار مخايل، أي حزب الله والتيار الوطني الحر. وهذه المواقف بسبب أهميتها تشغل البال وتطرح علامات استفهام كبيرة ومقلقة، فوق القلق الحالي، بالنسبة للمستقبل والأيام المقبلة.

أبرز هذه المواقف وأهمها ما صدر عن لسان رئيس الجمهورية ميشال عون في حديثه لجريدة "الأخبار".

في الأغلب، فإن الحديث الصحافي يختلف عن الخطاب المُعدّ مسبقاً، الذي تتم كتابته بعد نقاش أو تفكير مسبق، ومن ثم تتم مراجعته وتعديله من قبل المسؤول المعني أو من قبل فريقه المختص. وبالتالي، فإن الرسائل في الخطابات السياسية تكون مدروسة ومعدة جيداً بعد تفكير وتمحيص، أما الكلام الصادر في أحاديث صحافية، ففي أغلبه كلام صادق، وإن كان نتيجة تفكير مسبق، ولكن برتوش وتعديل وتهذيب أقل، أي أن الرسائل السياسية المكثفة والمعاني التي تكتنفها الأحاديث الصحافية أكثر صدقاً ودقة وتعبيراً عن تفكير المسؤول السياسي.

لهذه الأسباب، يرتدي الحديث الصحافي الذي أدلى به رئيس الجمهورية أهمية استثنائية. فهو مع أنه يحمل الكثير من الالتباسات والفقرات غير الواضحة وحمالة الأوجه، لكنه كشف إلى حدود بعيدة حقيقة تفكير رئيس الجمهورية، ومن هم من حوله من بطانة سياسية واستشارية وعائلية. ففي العادة، تتم الأحاديث من شخص بمستوى رئيس الجمهورية بعد حلقة نقاش من مقربين ومحيطين به. وهكذا درج عون على التصرف قبل الرئاسة وبعدها.

أرسل رئيس الجمهورية مجموعة من الرسائل دفعة واحدة تكشف تفكيره للمقبل من الأيام.

قال الرئيس، لن أسلّم إلى الفراغ: يعني أنه في حال تعذر انتخاب رئيس للجمهورية لن أخرج من قصر بعبدا، ولن أكرر فعلة إميل لحود وميشال سليمان. أي أنه كشف إنه على استعداد لتكرار تجربته في الحكومة العسكرية والبقاء في قصر الرئاسة.

قال الرئيس عون: "لن يأتي بعدي رئيس كما قبلي. لن يكون بعد الآن رئيس للجمهورية لا يمثّل أحداً، ولا يمثّل نفسه حتى، بل ابن قاعدته. إذا وصلنا إلى نهاية الولاية، سأترك قصر بعبدا حتماً لرئيس يخلفني. أخشى تعذّر انتخاب خلف لي".

هذا الكلام يعني أن الرئيس عون يريد اختيار الرئيس الذي سيأتي من الآن، ويريد أن يوافق عليه مسبقاً. وهو بذلك يقطع الطريق على مرشحين ويختار من يريد أن يخلفه.

هو يقطع الطريق على ثلة من المرشحين المحتملين، منهم قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي ارتفعت وترتفع أسهمه في المدة الأخيرة لأكثر من سبب وسبب، محلي وإقليمي ودولي. كما ارتفعت وترتفع أسهم مرشحين آخرين منهم رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، من جانب قطاع كبير من الرأي العام المحلي والدولي، وغيره من شخصيات وكوادر في مراكز وظيفية متقدمة.

الرئيس عون في هذا الكلام يحصر الاحتمالات التي يريدها بصهره ووريثه السياسي، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وهذا هو معنى كلامه عن رئيس "ابن قاعدته"، من دون أن يستطيع طبعاً نسف احتمالية وصول سليمان فرنجية أو سمير جعجع.

باختصار، رئيس الجمهورية في كلامه فتح معركة رئاسة الجمهورية من الآن. وهي المفتوحة بالأساس، منذ وصوله إلى بعبدا وتسليمه بوجود رئيس ظل خلفه وإلى جانبه، ما أجج الرغبات والمواقف والعواطف داخل قصر الرئاسة وخارجه وفي بيته ومحيطه في آن، وإلا ما معنى أن يطلب من المرشحين إلى مراكز حكومية أو إدارية الاجتماع بباسيل، كممر إلزامي للوصول والقبول والنجاح.

كلام رئيس الجمهورية، بكل معانيه وأبعاده، طرح احتمالات عديدة تشغل القوى السياسية، التي بدأت تحسب الحسابات وتضع الاحتمالات.

المواقف المهمة أيضاً صدرت عن شخصيات في المحور الثاني المشكل لتفاهم مار مخايل، أي عن قيادات في حزب الله.

نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قال جملة تحمل دلالات كثيرة.

قال الشيخ قاسم في كلمة له، في لقاء سياسي نظمته المهن الحرة في حزب الله: ‏"اليوم مشهد القضاء في لبنان مشهد غير صحي، ليس له علاقة لا بحادثة ولا بقاضٍ، له ‏علاقة بمنظومة قضائية كاملة تتداخل بطريقة غير عادية. يجب إعادة النظر وإيجاد حل وإلا فالواقع القضائي غير صحي".

أوف؟!

الموضوع، حسب كلام صاحب السماحة، يتعلق بمنظومة قضائية كاملة تتداخل بطريقة غير عادية ويجب إعادة النظر بها؟

ماذا يعني ذلك؟ يكفي التفكير بالاحتمالات والتفسيرات لكي تطرح أجوبة كثيرة واردة في هذه الحالة.

الشيخ قاسم يقول إن حزب الله يريد تغيير المنظومة القضائية في لبنان أو فرطها وإعادة تركيبها من جديد. وللعلم، فإن أبرز نماذج القضاة المحترمين -بالنسبة للشيخ قاسم بطبيعة الحال- التجربة القضائية الشهيرة والمعروفة للرئيس الايراني الحالي إبراهيم رئيسي، الذي شغل منصباً مهماً ومؤثراً كقاض في الثورة الإيرانية.

الكلام الثاني المهم الذي يمكن التوقف عنده هنا وصادر عن أحد قيادات حزب الله، هو كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد.

النائب رعد قال: إنّ هذا البلد هو رهنُ إرادة أبنائه فقط. وقد توافق أبناؤه على تسوية سياسية قوامها الديموقراطية التوافقية. فالذي يريد أن يحكُمنا غدًا بأكثرية مدّعاة، عليه أن يُدرك بأن الأكثرية التي حكمت لم تستطع أن تحكم". أضاف: "لا تراهنوا على أكثرية عددية في الانتخابات كانت من حظّكم أو لم تكُن، بل راهنوا على وحدة الموقف بين أبناء الوطن الواحد".

النائب رعد يقول لخصومه، بوضوح، حصلتم على أكثرية نيابية سابقاً ولم تستطيعوا الحكم ولن تستطيعوا في المستقبل مهما كانت النتائج.

ركنا تفاهم مار مخايل يتحدثان بوضوح لا لبس فيه.

رئيس الجمهورية يختار الرئيس المقبل، ويلغي من لا يريد. والشيخ قاسم وضع أهدافاً واضحة وهي تطهير القضاء وإعادة تركيبه. والنائب رعد يقول للمراهنين على التغيير بالانتخابات النيابية خيطوا بغير هذه الإبرة أو المسلة!

وكلها دعوات إلى المصير المجهول ليس أكثر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها