الخميس 2021/11/25

آخر تحديث: 13:47 (بيروت)

البابا يستقبل ميقاتي: أمان المسيحيين والالتزامات الدولية

الخميس 2021/11/25
البابا يستقبل ميقاتي: أمان المسيحيين والالتزامات الدولية
أمين سر دولة الفاتيكان: "صدقية أي حكومة أن تؤمن التزامات البلد خاصة مع المجتمع الدولي" (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
دعا البابا فرنسيس إلى تعاون جميع اللبنانيين من أجل انقاذ وطنهم، وطن الرسالة، كما وصفه سلفه القديس يوحنا بولس الثاني، كما تمنى أيضاً أن "يستعيد لبنان دوره كنموذج  للحوار والتلاقي بين  الشرق والغرب". وقال: "هموم لبنان كثيرة وأنا سأحمله في صلاتي من أجل أن يخلصه الله من كل الأزمات". وجاء ذلك بمناسبة استقباله رئيس الحكومة اللبنانية.

بدوره، أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي "أن الحرب التي كادت أن تقضي على عيشنا المشترك، علمتنا كيف نحمي هذه الميزة الفريدة، وأننا نجاهد اليوم للحفاظ عليها رغم التحديات والمخاطر، لأن فيها ضمانة لمستقبل اللبنانيين من دون تمييز".

وكان الرئيس ميقاتي وصل إلى الفاتيكان عند التاسعة بتوقيت روما (العاشرة بتوقيت بيروت) يرافقه أفراد عائلته. وبعد مراسم الاستقبال الرسمية، استقبل قداسة البابا الرئيس ميقاتي في مكتبه، وعقد معه خلوة استمرت نصف ساعة. وفي خلال اللقاء قال الرئيس ميقاتي: "إننا في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها لبنان، في أمس الحاجة إلى الصلاة ليقي الله وطننا الويلات والشرور، كما أننا في أمس الحاجة إلى دعم الأصدقاء على كل الصعد، خصوصاً على الصعد الاقتصادية والاجتماعية".

أضاف: "لقد كان المسيحيون في الشرق من دعائم الحريات وحقوق الإنسان وحرية المعتقد، وقد وجدوا على الدوام الملاذ الآمن في لبنان. وبقدر ما يشعر المسيحيون في لبنان بالأمان بقدر ما ينعكس ذلك على جميع المسيحيين في الشرق. وأنا واثق بأن الكرسي الرسولي يمكنه القيام بدور كبير في هذا الإطار". وبعد انتهاء الخلوة، استقبل قداسة البابا عقيلة الرئيس ميقاتي، السيدة ميّ، وتم تبادل الهدايا التذكارية بين  البابا والرئيس ميقاتي وعقيلته، ثم التقى البابا الوفد اللبناني والتقط معهم الصور، وقدم لهم الهدايا التذكارية.

دعوة لزيارة لبنان
وفي نهاية زيارة الفاتيكان، أدلى ميقاتي بالتصريح التالي: "سعدت اليوم بلقاء قداسة البابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان، ونقلت إليه محبة اللبنانيين الخاصة له، من كل الطوائف، وتقديرهم وامتنانهم على الاهتمام الذي يوليه لهم ولوطنهم، من خلال المتابعة الدائمة والحرص على أن يبقى لبنان وطن الدور والرسالة. كذلك نقلت إلى قداسته تحيات فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون، وأكدت دعوة فخامته لقداسة البابا لزيارة لبنان قريباً، لان جميع اللبنانيين ينتظرون هذه الزيارة وينظرون إليها بوصفها أملاً جديداً لهم، على غرار الزيارات السابقة التي قام بها عدد من البابوات، وأبرزها زيارة البابا القديس يوحنا بولس الثاني صاحب الشعار الشهير "لبنان أكبر من وطن، إنه رسالة".

وأضاف ميقاتي: "لقد حمّلني البابا فرنسيس محبته الكبيرة إلى اللبنانيين وتعاطفه معهم في هذه الظروف العصيبة التي يعيشونها، مجدداً ثقته بأن اللبنانيين قادرون على تجاوز المحنة، ومشدداً ًعلى اهمية استمرار الدور الذي يقوم به اللبنانيون وتفاعلهم مع محيطهم العربي، ما يبقي لبنان بلداً ريادياً وذا فرادة". وأكد قداسته انه سيبذل كل جهده في كل المحافل الدولية لمساعدة لبنان على عبور المرحلة الصعبة التي يعيشها، وإعادة السلام والاستقرار إليه، ولكي ينعم اللبنانيون بالعيش الكريم".

وتابع ميقاتي: "كذلك، تناول البحث الأوضاع العامة في المنطقة والتطورات التي تحصل فيها، وكان تأكيد متبادل على أهمية تفعيل العلاقات الإسلامية–المسيحية. وثمنت عالياً وثيقة الأخوة الإنسانية التي كان وقعها قداسة البابا وسماحة شيخ الأزهر أحمد الطيب في اللقاء التاريخي  الذي كانا عقداه في الإمارات العربية المتحدة عام 2016، تتويجاً لجهود مشتركة قاما بها منذ أعوام، لنشر ثقافة الحوار والتعايش بين أتباع الرسالات السماوية".

تشجيع بابوي
وقال ميقاتي: "لقد طمأنت قداسة البابا والمسؤولين في الكرسي الرسولي الذين التقيتهم أن  لبنان سيبقى ملتقى للحضارات والثقافات المتعددة، وأن التعايش الإسلامي والمسيحي فيه قيمة كبرى، يحرص اللبنانيون، إلى أي طائفة انتموا، على حمايتها وتعزيزها، لأنها أثبتت أنها قادرة، على رغم ما تعرض له لبنان في تاريخه القديم والحديث، على إعادة إنتاج الصيغ التوافقية التي نهضت بلبنان من الكبوات التي مني بها. وهذه القيمة باتت نموذجاً يحتذى لمعالجة ما تعرض له الوجود المسيحي من خضات في عدد من الدول العربية".

وشدد ميقاتي على أن "الحرب التي كادت أن تقضي على عيشنا المشترك، علمتنا كيف نحمي هذه الميزة الفريدة، وأننا نجاهد اليوم للحفاظ عليها رغم التحديات والمخاطر، لأن فيها ضمانة لمستقبل اللبنانيين من دون تمييز، وضرورة أيضاً لمحيطهم العربي، وإرادة طوعية لتجاوز هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة. فالتجربة اللبنانية ليست فقط للداخل اللبناني، بل هي من خلال صيغتها المتجددة، النموذج الذي يمكن للعالم العربي الإفادة منه، لأنه حاجة للمجتمعات التي تتميز بالتنوع والتعدد".

وأضاف: "لقد سمعت من المسؤولين في الكرسي الرسولي كلاماً مشجعاً حول أهمية المحافظة على الوفاق الوطني بين اللبنانيين، وضرورة توفير كل مقومات النجاح له، لأن به خلاص اللبنانيين وقدرتهم على المحافظة على وطنهم واحداً موحداً، تسوده الإلفة والمحبة والتعاون بين كل مكوناته، لتنمو أكثر فأكثر ثقافة الحوار والتسامح  بين المسلمين والمسيحيين، الذين يؤمنون بالله الواحد الأحد الذي لا شريك له، وينبذون بقوة الضغينة وعدم التسامح والقهر والتعصب بكل أشكاله وتحت كل سماء.. لقد كانت محادثاتي مع قداسة البابا والمسؤولين في الفاتيكان فرصة لشرح توجهات الحكومة اللبنانية حيال التحديات التي تواجه لبنان. ويسعدني أن أشير إلى أني لمست ارتياحاً بابوياً لما نقوم من جهد في المحافظة على الأمن والاستقرار في لبنان، ومعالجة الصعوبات الهائلة التي يمر بها لبنان، وتشجيعاً على المحافظة على الاستقرار في لبنان، وعلى الاستمرار في التزام الخيارات الوطنية التي يجمع عليها اللبنانيون، فضلاً عن تعزيز العلاقات بين لبنان والعالم".

ختاماً، قال ميقاتي: "خرجت من هذا اللقاء مع قداسة البابا فرنسيس بارتياح تام، خصوصاً وانه على اطلاع كامل على الأوضاع اللبنانية والظروف التي نعيشها. ويشدد على ضرورة تعاضد كل الإرادات للحفاظ على الرسالة اللبنانية ووقف نزيف الهجرة الكبير من كل الطوائف اللبنانية. وهو يعمل على أن يكون للإنسان في لبنان، كما في كل دول العالم، ما يحفظ حريته وكرامته واستقلاليته، وهي قيم لن يألو الفاتيكان جهداً في المحافظة عليها".

تنبيهات دبلوماسية
الكلام السياسي الفعلي والمباشر أتى بعد ذلك، حين عقد ميقاتي اجتماعاً مع أمين سر دولة الفاتيكان، الكاردينال بياترو باروليني، في حضور عضوي الوفد اللبناني، وزير العدل هنري خوري ووزير السياحة وليد نصار وسفير لبنان في الفاتيكان فريد الخازن. وخلال الاجتماع، شدد باروليني على أن "لبنان أساسي للوجود المسيحي في الشرق. وهو كان على الدوام مثالاً للعالم حول كيفية تعايش المجتمعات مع بعضها البعض". وأشار إلى أن "لبنان يحظى باهتمام خاص من الكرسي الرسولي"، مؤكداً أن "صدقية أي حكومة أن تؤمن التزامات البلد خاصة مع المجتمع الدولي".

وأعرب عن قلقه من الوضع الاجتماعي في لبنان والأوضاع الاقتصادية التي يرزح اللبنانيون تحتها. ونوّه بشجاعة رئيس الحكومة في تحمل المسؤولية الصعبة، رغم إدراكه المسبق بخطورتها. وقال أن الفاتيكان سيبذل جهوداً لدعم لبنان في المحافل الدولية. وشدد على ضرورة أن يكون لبنان على أفضل العلاقات مع محيطه العربي والمجتمع الدولي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها