الإثنين 2021/10/18

آخر تحديث: 15:08 (بيروت)

"عنيد الحق" البيطار لن يتنحّى.. اقتراح إقصائه عبر البرلمان!

الإثنين 2021/10/18
"عنيد الحق" البيطار لن يتنحّى.. اقتراح إقصائه عبر البرلمان!
إقصاء البيطار عن الشق المتعلّق بالتحقيق مع المسؤولين السياسيين من خلال لجنة التحقيق النيابية (Getty)
increase حجم الخط decrease
يُراد من اللبنانيين التصديق أنّ المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، على تنسيق وتواصل يوميّين بسفارات العالم! يراد من اللبنانيين الاقتناع بأنّ القاضي طارق البيطار يأتمر وينفّذ أجندة غربية، هدفها الفتنة والمؤامرة! والمطلوب أيضاً التسليم بفكرة أنّ جريمة 4 آب استهدفت المسيحيين في البلد، قتلتهم وهدمت أحياءهم. كما أنّ العمل جارٍ من أجل التسويق لفكرة الاستهداف المسيحي من التفجير. وعليه، كان التحقيق مسيحياً بمحققه العدلي وقضاة البتّ في طلبات الرد والارتياب المشروع. وهكذا أتت أساليب تعليب الرأي العام، بلعبة مسلمين- مسيحيين، كمقدمة لإنهاء التحقيق ووقف عمل البيطار ومنعه من استكمال تحقيقاته.

خياران وحيدان
بالنسبة لثنائي حزب الله وحركة أمل، وخلفهما الوزراء المدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت، خياران وحيدان لحل التأزيم المفروض على التحقيق في هذا الملف. أولاً، أن يتنحّى البيطار من تلقاء نفسه. وهو خيار يبدو من الواضح أنّ المحقق العدلي لن يتخّذه، لا بل يصرّ على موقعه ومهامه ووظيفته وتحقيقه. ثانياً، إقصائه عن الجانب المتعلّق بالتحقيق مع المسؤولين السياسيين والرؤساء والوزراء. وهو ما يعني تفريغ ملف التحقيق وشرذمته.

التنحي المستحيل
من خلال سلوكه وإصراره وتمسّكه بملف التحقيق، يصبح من الصائب تلقيبه بـ"عنيد الحق". ولا يعند عنه. لم تقلقه الحملات السياسية والإعلامية. لم توقفه الضغوط وكل الجلبة. لم يرهبه التهديد. ولم يزحه حتى تنظيم الفتنة والاقتتال وإسالة الدماء في الطيونة. تنحي البيطار عن ملفه قد يبدو مستحيلاً الآن. لكن العمل جارٍ من أجل دفعه إلى هذا الخيار، مرغماً عليه.

البرلمان عنوان الإقصاء
لإقصاء البيطار عن ملف التحقيق مع السياسيين موضوع بحث مستمرّ منذ أيام. وفي هذا الإطار تؤكد مصادر مطلّعة على أجواء هذه النقاشات لـ"المدن" على أنّ "مجلس النواب سيشكّل لجنة تحقيق نيابية تطلق التحقيق مع النواب المدعى عليهم، وهنا يصبح هؤلاء المدعى عليهم خاضعين لمرجعين: المحقق العدلي واللجنة النيابية".

المرجع والاختصاص
وبفعل وجود مرجعين، يُقدّم طلب إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز للبتّ في المرجع والاختصاص. ويعود موضوع البتّ بهذا الخيار بالاحتكام إلى قوّة الدستور على القوانين والقرارات. فتتفوّق المادة 71 من الدستور على سائر النصوص القانونية الأخرى، مع تأكيدها على أنه "يحاكم رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المتّهم أمام المجلس الأعلى".

تفريغ التحقيق
مع هذا الخيار المطروح، يكون تحقيق القاضي البيطار قد فرغ. شُرذم ملفه. القضاة يحاكمون أمام الهيئات القضائية المعنية. والسياسيون أمام المجلس الأعلى. فيتفرّغ البيطار حينها للمدراء العامين والموظفين والضباط السابقين فقط. وكأنّ الأمر يصبح مقتصراً على التحقيق في جانب ضئيل من المسؤوليات لا يفضي إلى حقيقة كاملة ولا إلى محاسبة. يكون قد انتهى عمله على التحقيق. إذ أنه تقريباً أنجز كل ما يفترض به العمل عليه، بانتظار ما سيقرّره أيضاً في مسؤوليات القيادة العسكرية السابقة.

اقتراحات تبخّرت
في الساعات الماضية، عمل المعنيون على إيجاد بعض الاقتراحات المتعلّقة بحلّ الأزمة التي أوجدها ثنائي حزب الله وحركة أمل مع البيطار. اقترح هؤلاء إحالة المحقق العدلي إلى التفتيش القضائي، فتم رفضه. واقترحوا أيضاً إنشاء هيئة رقابية لعمل البيطار، وسقط الاقتراح بالضربة القاضية لكونه غير قانوني ويكرّس واقع التدخّل السياسي في القضاء ويضرب استقلالية القضاء بشكل كامل، ولو أنّ الاقتراح نصّ على أنّ لا صلاحية للهيئة الرقابية على البيطار وتحقيقاته. فكان الحلّ الأخير بتحريك موضوع العريضة النيابية وتعيين لجنة تحقيق نيابية تستجوب النواب المدعى عليهم وتقدّم الطلب إلى الهيئة العامة للتمييز. وتتألف الهيئة العامة من رئيس مجلس القضاء الأعلى ورؤساء الغرف الأعضاء.

اختصاص المحقق العدلي
الخيار المطروح، لإقصاء البيطار عن التحقيق مع الوزراء والسياسيين مساره طويل. إلا أنّ المعنيون غفلوا عن واقع آخر وهو أنّ المادة 70 تشير إلى أنه "لمجلس النواب أن يتّهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم..". في حين أنّ ادّعاء البيطار على هؤلاء يأتي في جرائم "القتل والإيذاء والإحراق والتخريب معطوفة على القصد الاحتمالي". وبالتالي، هي جرائم من اختصاص المحقق العدلي وليس المجلس الأعلى. وهذا الإغفال قد يحبط مسعى مجلس النواب من الأصل.

وفي الوقت نفسه، أسئلة وتساؤلات عديدة يمكن طرحها حول اعتماده: هل يرضى حزب الله باستمرار البيطار في التحقيق في الشق غير المتعلّق بالسياسيين؟ في حين أنّ كل الخطاب الموجّه ضد البيطار وضع الأخير في خانة العمل وفق أجندات خارجية، أميركية تحديداً؟ هل تحقق أصلاً الإجماع السياسي على هذا المخرج الذي يمرّ من البرلمان وكتله النيابية؟ والأهم من كل هذا، كيف يمكن اعتبار هذا المخرج المطروح للإطاحة بالبيطار ليس ضرباً للقضاء والتحقيق، ولو أنه قرار يسلك المسار القانوني والدستوري؟ هل يتحمّل البرلمان وكتله وحكومته هذا الخيار؟ أسئلة كثيرة أخرى يمكن إضافتها حول القضاء وواقعه، حول حقيقة مجزرة 4 آب وحقوق الضحايا والشهداء ومطالب أهلهم والمتضررين والجرحى وعموم اللبنانيين، وموقف كل هؤلاء من هذه المتغيّرات التي تفرضها القوى السياسية.

وهي أسئلة تقودنا إلى خلاصة سابقة: السلطة لا تريد الحقيقة والعدالة. السلطة لن تحاسب نفسها على ارتكاباتها. القاتل لن يحاكم نفسه على جرائمه. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها