الإثنين 2021/10/18

آخر تحديث: 16:26 (بيروت)

اختلال التوازنات قد يطيح بالانتخابات بذريعة أمنية

الإثنين 2021/10/18
اختلال التوازنات قد يطيح بالانتخابات بذريعة أمنية
"تطيير" الاستحقاق ممكن بسبب اختلال التوازنات التي قام عليها النظام الانتخابي (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease
ملف الانتخابات بات بمثابة البند الأول في المرحلة المقبلة. وقد عاد وأكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه ملتزم بإجراء ​الانتخابات النيابية ووضع خطة الإصلاح الاقتصادي. 

غداً الثلاثاء، سيكون يوماً حاسماً لناحية إقرار المجلس النيابي التعديلات اللازمة على قانون الانتخابات، لناحية تجميد العمل بالبطاقة الممغنطة وتعديل بعض المهل القانونية، ومدة ولاية هيئة الإشراف على الانتخابات، وذلك في حال تم التوافق على إجراء الانتخابات في 27 آذار، رغم المطالعة التقنية التي رفعتها وزارة الداخلية حول عدم إمكانية إجرائها في هذا الموعد، مفضلة جعلها في موعدها المحدد في أيار، وفق ما تقول مصادر مطلعة لـ"المدن".  

المغتربون والنساء
يبقى أن العقدة الأساسية تكمن في اقتراع المغتربين، والتوجه هو لإقرار المقاعد الست في الخارج، طالما أن هناك توافقاً عليها بين حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وذلك رغم اعتراض القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، اللذين يفضلان اقتراع المغتربين للداخل.  

ووفق المداولات الجارية، بات محسوماً أن المجلس لن يقر الكوتا النسائية، وسيستعاض عنها إما بإطلاق وعود لتنفيذ الكوتا في انتخابات العام 2026، أو حتى تعديل القانون لتحقيق الكوتا على الترشح، وليس عبر حجز مقاعد مسبقاً للنساء في المجلس النيابي، في الدورة التي تلي انتخابات العام 2022، وذلك في محاولة للترويج الانتخابي بأن الكتل السياسية تريد تمثيل "نصف المجتمع".

لكن الأحداث الأخيرة التي حصلت في منطقة الشياح-عين الرمانة، ستلقي بثقلها على ملف الانتخابات، في حال أدت إلى تعميق الخلافات الداخلية وضعضعة ما تبقى من التوازنات التي كانت قائمة قبل إقرار القانون الانتخابي.    

اختلال التوازنات
وبمعزل عن الذرائع التي قد تلجأ إليها القوى السياسية، لعدم إجراء الانتخابات النيابية، واستعادة حجج الأوضاع الأمنية، كما حصل في السابق، "تطيير" هذا الاستحقاق ممكن بسبب اختلال التوازنات التي قام عليها النظام الانتخابي في العام 2017. فقد أتى القانون بعد ورقة إعلان النوايا واتفاق معراب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وبعد انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية في نهاية العام 2016 عقب إعلان خصمين أساسيين تأييدهما له.

وبالعودة إلى الوراء لكيفية تطور التوصل إلى القانون الحالي، منذ العام 2009، أي بعد نتائج الانتخابات النيابية حينها، التي أتت لصالح 14 آذار، بدل التيار الوطني الحرّ موقفه وبات على رأس الرافضين لقانون الستين، الذي تم الاتفاق على اعتماده في مؤتمر الدوحة في العام 2008، والذي قسم لبنان إلى 26 دائرة انتخابية وفق النظام الأكثري. وخرجت حينها طروحات ما يعرف بقانون الانتخاب الأرثوذكسي (أي كل طائفة تقترع مقاعدها) والذي تبناه الوطني الحر. في المقابل، خرجت طروحات النسبية والدائرة الواحدة. ثم اقترحت حكومة ميقاتي قانون النسبية مع صوتين تفضيليين. وكانت الطروحات المتناقضة حول القانون هي السبب وراء "تطيير" الاستحقاق في العام  2013، وبدعة التمديد المجلس النيابي، وذلك بذريعة الأوضاع الأمنية. ثم قدمت الكتل السياسية قوانين وأنظمة مثل المختلط، واحد من الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وتيار المستقبل وآخر من نائب حركة أمل علي بزي. وبقي الاستعصاء الذي أطاح بالانتخابات ومدد المجلس النيابي لنفسه مرة ثانية ولدورة تشريعية كاملة، انتهت في العام 2017 بتمديد تقني إضافي بعد وضع القانون الحالي. 

التوصل إلى هذا القانون استغرق سنوات من الصراع وعدم التوافق على كل القوانين المقدمة وهي كثيرة. وبعد الاتفاق على مبدأ اعتماد الدوائر الـ15 والنسبية، جرت مفاوضات عسيرة للتوصل إلى الصيغة النهائية. 

قانون على المقاس
وضع الخبراء الانتخابيون للأحزاب أرقامهم وأجروا حسابات هوامش الربح والخسارة وكيفية إدارتها بين بعضهم البعض من خلال التحالفات الممكنة. وخرجت الصيغة النهائية مفصلة على قياسات الجميع. والأهم من ذلك، أن المسيحيين بات باستطاعتهم الحصول على نحو 55 نائباً بأصواتهم، فيما كان قانون العام 2008 يحصر تأثيرهم بنحو 34 نائباً فقط. أما حصر تأثير الصوت التفضيلي الواحد على مستوى القضاء فكان من شأنه عدم حصول أي منافسة على مقاعد زعماء الأحزاب والمناطق بين اللوائح الفائزة. أما صيغة ترتيب المرشحين الفائزين في قائمة واحدة وتوزيع المقاعد عليها وفق قاعدة نسبة الصوت التفضيلي (قسمة عدد الأصوات التفضيلية التي نالها المرشح على مجموع الأصوات التفضيلية في القضاء) فوضع بشكل أساسي لدائرة الشمال الثالثة، ولقضاء البترون على وجه التحديد، لأنه الأصغر بعدد الأصوات من باقي الدوائر، وأفضت النتيجة إلى تصدر جبران باسيل قائمة الفائزين لمرحلة ما قبل توزيع المقاعد على اللوائح الفائزة. 

التوازنات التي قام عليها النظام الانتخابي بين القوى السياسية انتهت في السنتين التي تلت الانتخابات. وأتى الانهيار الشامل في لبنان وضعضع شعبية كل القوى السياسية، التي لجأت إلى "التحشيد" الطائفي والمذهبي واستنفار العصبيات. وهذا سلاح غير مضمون النتائج. أي بمعنى آخر، ستعيد الأحزاب السياسية حسابتها لمعرفة مدى إمكانية صرفه في صندوق الاقتراع. إلى ذلك دخلت قوى جديدة إلى المنافسة في الانتخابات وبإمكانها تلقي التمويل لخوض حملاتها الانتخابية. وما الهجوم الشرس من كل القوى السياسية على منظمات المجتمع المدني وبعض المنصات التي تعمل على دعم القوى المعارضة، والاتهامات بتلقي التمويل من السفارات (على اعتبار أن تمويل الأحزاب اللبنانية من تبرعات المنتسبين إليها!)، إلا إحدى المؤشرات بأن الأحزاب باتت تتحسب للاعبين الجدد. ورغم مساوئ القانون الحالي إلا أن النسبية، حتى لو كانت إقصائية، تتيح للاعبين الجدد حيزاً للمنافسة.

صحيح أن الاستحقاق ما زال قائماً ومطلوب دولياً ومرتبط بأي مساعدة خارجية، لكن إمكانية إلغائه تبقى قائمة في ظل تبدل التوازنات التي قام عليها القانون.    

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها