الأحد 2021/10/17

آخر تحديث: 00:00 (بيروت)

لا استفراد بـ"القوات" والبيطار: طاولة حوار برعاية عربية ودولية؟

الأحد 2021/10/17
لا استفراد بـ"القوات" والبيطار: طاولة حوار برعاية عربية ودولية؟
تركزت المواقف الدولية على ضرورة حماية الاستقرار وحماية التحقيق (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

لا تنحصر الأحداث الأمنية الدامية، التي شهدتها بيروت يوم الخميس الفائت، بالوقائع الداخلية فقط. أصبحت امتداداتها إقليمية ودولية.
تشدّدٌ أكبر باستمرار التحقيقات في تفجير المرفأ ودعم القاضي طارق البيطار، وفق مواقف واضحة أوروبياً وأميركياً. في المقابل، إصرار من قبل حزب الله على تنحية البيطار كشرط لإعادة تفعيل عمل مجلس الوزراء. ولا يزال البحث عن مخرج داخلي للخروج من هذا المأزق. فرئيس الجهورية غير قادر على الموافقة على إقالة البيطار ولا رئيس الحكومة، لأن ذلك سيؤدي إلى توجيه ضربة قوية للحكومة والعهد معاً. الثنائي الشيعي أبلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رسالة واضحة، بعدم التنازل عن شرط إقالة البيطار لتفعيل عمل الحكومة. المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي علي حسن خليل التقى ميقاتي في اليومين الماضيين، وأبلغه بالرسالة. ينتظر برّي إجابات من رئيس الحكومة، فيما لا بوادر تشير إلى القدرة على تلبية مطالب الثنائي.

مثال "قبرشمون"
على وقع هذا الانقسام الداخلي، لا يريد حزب الله وعون أن يكونا في حالة خلاف بهذه المرحلة. السعي للالتفاف على التناقض بموقفهما حيال مصير البيطار، يتركز بهجوم من قبل عون على القوات اللبنانية، وتحميلها مسؤولية ما يجري. لكن ذلك دونه حسابات كثيرة سياسياً وشعبياً، وتحديداً داخل البيئة المسيحية.

وعلى وقع هذه الأحداث، كانت المواقف الدولية تركز على ضرورة حماية الاستقرار وحماية التحقيق والحفاظ على ضبط النفس. وفق هذه الوقائع لا مجال إلا للبحث عن تسوية سياسية، مثلما كان الحال بعد حادثة قبرشمون 2018. لأن لا أحد سيكون قادراً على الحسم ضد الآخر، خصوصاً في ظل توازنات المواقف الدولية. في هذا السياق هناك من يتخوف من أن تتم إحالة القوات على المجلس العدلي، وتكرار تجربة "سيدة النجاة". لكن مصادر متابعة تستبعد ذلك، فالجو في المنطقة ليس كذلك. هناك حوار سعودي إيراني، وإن لم يؤد إلى أي نتيجة حتى الآن، فلا يمكن في ظلاله الدخول إلى معركة كسر عظم في بيروت.

الدعم السعودي
في تطور لافت، أصدرت الخارجية السعودية بياناً تشير فيه إلى ضرورة الهدوء في لبنان، واعتبرت أن المشكلة هي بسبب وجود سلاح غير شرعي. طبعاً المقصود سعودياً هنا هو سلاح حزب لله. هو موقف أول تتخذه السعودية تعليقاً على حدث لبناني من هذا النوع. فسابقاً، وعندما وقعت اشتباكات خلدة وحادثة شويا، لم يصدر أي موقف عن السعودية. وها هو يظهر اليوم بعد أحداث الطيونة. وهذا ما تفسره مصادر سياسية بأنه دعم معنوي لسمير جعجع والقوات، ورسالة إلى عدم السماح بالاستفراد بهم. وهنا تشير المصادر إلى أن السعودية أبدت الاستياء من موقف رؤساء الحكومة السابقين، الذي وضعته في خانة الميل نحو حزب الله.

في هذا الوقت كان وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان يعقد لقاءات في الولايات المتحدة الأميركية. وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، سئل بن فرحان عن الوضع في لبنان فقال: "لا بد من إجراء تغيير حقيقي وجاد" غداة اشتباكات عنيفة في بيروت، معتبراً أن قيادة البلاد فشلت في معالجة المشاكل البنيوية. وأضاف: "إن أحداث اليومين الماضيين تظهر لنا أن لبنان بحاجة إلى تغيير حقيقي وجاد". مشيراً إلى أن لبنان بحاجة إلى "معالجة المشاكل البنيوية الاقتصادية وأيضا السياسية" بدل الاعتماد على "الحلول القصيرة المدى". وتابع أن على السلطات اللبنانية "اتخاذ خيار حقيقي لانتشال لبنان من الورطة التي يعيشها الآن. لم نر حتى الآن أنهم اتخذوا هذا القرار". وعندما سئل بن فرحان عن احتمال استقبال السعودية لنجيب ميقاتي لم يجب على السؤال.

الحكومة أمام الامتحان
أما في الكواليس فتقول مصادر ديبلوماسية متابعة إن الوزير السعودية عبّر عن أسفه للوضع في لبنان خصوصاً أن ليس لدى السعودية حليفاً سنياً يمكنها الحديث معه والاستناد عليه. ففُهم الموقف بأن السعودية تعتبر أن جعجع هو الحليف الأساسي في هذه المرحلة، كما أن الموقف ينطوي على عدم توفر عوامل الثقة ومقوماتها بحكومة ميقاتي. هنا تفسر المصادر هذا الموقف بأن الحكومة ستكون أمام امتحان أساسي، وهو كيفية توفير حماية تحقيقات تفجير المرفأ، وعدم الذهاب إلى اتخاذ قرارات مجحفة بحق القوات.

أما حول كلام بن فرحان عن وجوب سعي المسؤولين اللبنانيين لاتخاذ قرارات لإنتشال لبنان من الأزمة التي يعيشها، فتقول المصادر إن الموقف واضح، وهو اتخاذ قرار بتغيير السياسة الخارجية التي يعتمدها البلد، ولو اقتضى ذلك عقد طاولة حوار وطني برعاية دولية أو إقليمية، هدفها إعادة وضع أسس السياسية الخارجية، والبحث في تطبيق مشاريع الإصلاح الجدي. طاولة الحوار فكرة يتم التداول بها على صعيد ديبلوماسي واسع، خصوصاً أن هناك جهات غربية عديدة بدأت تفكر بجدية بهذا الأمر، خوفاً من أن يذهب لبنان إلى ما هو أسوأ. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها