الجمعة 2021/10/01

آخر تحديث: 11:55 (بيروت)

كرامة المواطنين يا معالي الوزير..

الجمعة 2021/10/01
كرامة المواطنين يا معالي الوزير..
يا معالي الوزير ماذا نفعل بالدستور والقانون؟ (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

لدى وصوله إلى مطار بيروت، قادماً من عالم الإعلام الإعلاني البرامجي، أطلق الوزير جورج قرداحي شطحة كبيرة وواسعة باتجاه الإعلام اللبناني، الذي بات حسب مرسوم تشكيل الحكومة وزيره. فطلب بأريحية وراحة ضمير أن لا تتم استضافة من يبشرون لبنان بالجحيم، ساخراً من جهابذة المحللين والمنظرين، مشيراً بطريقة أو بأخرى إلى ضرورة أن تتولى وسائل الإعلام إجراء تنقية للضيوف أو "فلترة لهم". أي اختيار من هو المناسب ومن هو غير المناسب، لكي يتحدث في الشؤون العامة، مع الأفضلية لاستبعاد الرأي المخالف أو المعارض أو السلبي.

أثار كلام وزير الإعلام الجديد في الممارسة، انزعاجاً عاماً لدى قطاع واسع من الصحافيين اللبنانيين، الذين أصيبوا بالمفاجأة من كلام زميلهم النجم الإعلاني العربي الكبير. وبالرغم من سيل التعليقات والانطباعات السلبية، فضّل الكثيرون منهم -وكاتب هذه السطور من بينهم- عدم التعليق على الأمر، لعل في الواقعة، زلة لسان غير مقصودة، بالرغم من أنها زلة كبيرة تعكس رؤية ومنهجاً وتفكيراً وطبعاً وميلاً وطريقة في التعاطي والنظرة للإعلام بشكل عام، وللصحافة ومضمونها ودورها وطريقة عملها بشكل خاص.

لكن معالي وزير الإعلام المفوه، استكمل الإعلان عن توجهه الجديد بشكل صريح، خلال اللقاء مع وفد نقابة المحررين المخضرمين "المارق على راسهم كتير وزراء"، برئاسة نقيبهم الزميل العتيق جوزف القصيفي، وهو بعد كلام النقيب الذي عمل طويلاً في كنف النقيب التاريخي ملحم كرم، أطلق مجموعة من المواقف تضمنت مفاتيح تفكير وبداية نهج، لا بد من التوقف عندها ومحاولة تفسيرها. إذ يبدو أن البرنامج المقبل بقيادة الوزير الجديد، الذي ما يزال صوته الإعلاني يتردد عبر أثير وسائل الإعلام، سيكون مسلياً للجمهور على مختلف المستويات؟!

قال الوزير قرداحي: "إن هناك شكوى كبيرة من السواد الأعظم من اللبنانيين من تفلت بعض الإعلام"!

معالي الوزير لم يقل لنا، أو يخبر اللبنانيين، كم هي كبيرة وكم هو حجمها هذه الشكوى. وهل يتم قياسها بالوزن، أي بالكيلو، أم بالطول والعرض؟ أي بالسنتمترات والأمتار؟ أي المساحة؟

معالي الوزير لم يخبر نقابة المحررين ما هو مصدر معلوماته؟ هل استند إلى إحصاء علمي من مؤسسة مكلفة مهمتها قياس كمية الشكوى؟ أم على ماذا استند في كلامه عن "السواد الأعظم"؟

وماذا قصد بكلامه عن تفلت وسائل الإعلام.. وماذا يعني التفلت هنا ؟ هل يقصد معالي الوزير البث الحيّ والمباشر؟ أم الكلام بالدارج أم بالفصحى؟

والنقطة الإيجابية هنا، أنه تحدث عن بعض الإعلام وليس كله، مما يعني أن في كلامه "ترك للصلح مطرح"، ولم يأخذ الجميع بجريرة القلة!

وزير الإعلام، في هذه الجلسة التاريخية، لم يتوقف أمام كلام نقيب المحررين الذي تحدث عن مشروع القانون الموجود في مجلس النواب، وذهب إلى مكان آخر إذ قال إنه "سيعمل على درس وإعداد ميثاق شرف إعلامي مع زملائنا الإعلاميين يهدف إلى احترام كرامة وحريات وحيثيات الآخرين"!

لكن يا معالي الوزير ماذا نفعل بالدستور والقانون؟ ولماذا نذهب إلى ميثاق شرف ولدينا قوانين تدرس على أهبة الإقرار وقوانين لا تزال سارية؟ وهل ميثاق الشرف يعطل القانون أم يلتزم به ولا يتجاوزه؟

وعندما نصل إلى ميثاق الشرف، ماذا سيحل بالقانون؟

قال معالي الوزير: "إننا مقبلون على مستقبل جديد. فلنرس أنظمة وقواعد للإعلام اللبناني على المدى البعيد". أوف!

السؤال الذي يطرح نفسه ما هي معالم هذا المستقبل الجديد الذي تستشرفه معاليكم؟ وما هو القصد بقولكم: "فلنرس أنظمة وقواعد للإعلام اللبناني على المدى البعيد". هل تقصد قوانين ثابتة؟ وما معنى "على المدى البعيد"؟ هل من تفسير؟ وكم سيكون بعيداً هذا المدى؟

وقال وزير الإعلام في الجلسة نفسها: "أريد إعلاماً على صورة لبنان الذي نعرفه، لبنان الرحابنة وفيروز. والغريب هنا، أنه نسي وديع الصافي!
أضاف: "هذا هو لبنان الجميل وليس لبنان الذي يشهد نوعاً من التفلت، بسبب الظروف التي مر بها بلدنا من كورونا والتحركات الشعبية".

ما هو المقصود بنوع من التفلت بسبب ظروف كورونا والتحركات الشعبية ؟هل تقصد الكلام والشعارات التي خرجت من أفواه الناس خلال تظاهرات ما بعد 17 تشرين 2019؟ وعن أي تفلت وتحركات شعبية تتحدث؟

وزير الإعلام أسف لـ"تضعضع ومصادرة القيم التي تربينا عليها".

أي قيم يا معالي الوزير؟ ومن ضعضعها وصادرها؟

وقال وزير الإعلام: "لا يوجد إعلام في العالم يسمح بهذا الأمر. فهناك قوانين تضع ضوابط، كفرنسا مثلاً التي هي أم الحريات، حيث لا يمكن الاعتداء على كرامة السياسيين".

معالي الوزير، غريب أمرك، في هذه البداية، هل أنت مهتم لهذه الدرجة بكرامة السياسيين وتبذل الجهد للحفاظ عليها أم يجب أن تهتم بكرامة المواطنين؟

معالي الوزير، يبدو أنك ستكون على خلاف كبير في وجهات النظر مع الكثير من الصحافيين والإعلاميين في لبنان.

فالإعلام في لبنان يفترض أن سقفه الدستور والقانون وحقوق الإنسان وكرامة المواطنين أولاً، وليس مواثيق الشرف لحماية كرامة السياسيين!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها