الأربعاء 2021/01/27

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

غضب طرابلس في ليلته الثانية: اقتحام السرايا والاصطدام بالجيش

الأربعاء 2021/01/27
increase حجم الخط decrease

لليوم الثاني على التوالي، يسود التوتر الأمني في طرابلس، مع استئناف جولات العنف بين عشرات المتظاهرين والجيش اللبناني، ليل الثلاثاء 26 كانون الثاني 2021.  

فمع تقدّم ساعات النهار، بدأت أجواء التوتر تلوح من ساحة النور ومختلف مساربها. إذ منها انطلقت عشرات الدرجات النارية، وبدأ يتجمع الشبان في وسط الساحة، واللافت أن عددًا كبيرًا منهم كان ملثمًا. لكن، سرعان ما تحولت إلى أشبه بساحةٍ حرب، ملأتها الحجارة والإطارات المشتعلة، وتصاعدت روائح قنابل المولوتوف والغاز المسيل للدموع، كما سُجّلت اعتداءات على الأملاك الخاصة، بعد أن توزع المتظاهرون على نقاطٍ مختلفة لمواجهة عناصر الجيش التي كانت تحتمي بدروعها، قبل أن تبدأ بإطلاق الرصاص المطاطي تجاه حاملي الحجارة والمولوتوف.  



اقتحام السرايا
وقبل تفلت عمليات الكرّ والفرّ، كانت البداية من أمام سرايا طرابلس، حيث اجتمع العشرات وأطلقوا الشعارات ضدّ السلطة، فتسلق بعضهم سور السرايا، وتمكن آخرون من اقتحامه ورموا الحجارة باتجاه القوى الأمنية بداخلها.  

لاحقًا، وبعد أن تركزت المواجهات في ساحة النور، توسعت رقعتها لتصل إلى ساحة التل على بعد مئات الأمتار، وتمركزوا في محيط الساعة الأثرية ومركز رشيد كرامي الثقافي، كما امتدت باتجاه ABC والسرايا العتيقة، حيث رمى المحتجون كل ما طالته أيديهم باتجاه الجيش والقوى الأمنية، فتعرض أكثر من 5 عناصر لاصابات جراء الحجارة.  

وبعد استقدام عدد كبير من الآليات العسكرية، استمرت عناصر الجيش بإبعاد المحتجين مستخدمة الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع، ما أدى أيضاً الى إصابة العديد منهم، لتكون المحصلة سقوط عشرات الجرحى بين مدنيين وعسكريين.  

الصدام مع الجيش
وسط المتظاهرين الغاضبين في ساحة النور، كان يقف الشاب ماهر اسبر (26 عاماً)، يعرّف عن نفسه بـ"العاطل عن العمل"، وشكى لـ"المدن" قائلًا: "نحن لا يحركنا أحد، وإنما نزلنا إلى الشارع بسبب قهرنا وفقرنا، بعد أن اختنقنا في المنازل، ونشعر أن السلطة تريد قمعنا وترهيبنا عبر كورونا، لكننا لم نعد نخشى من التقاط الفيروس، وإنما من الاستمرار بالعيش بذل في بلد لا يحترمنا وداخل مدينة منبوذةٍ من الدولة". يقاطعه بعض أصدقائه الذين يواظبون على المشاركة بالتحركات الليلية، ودان بعضهم ما أسموه بـ"إفراط الجيش باستخدام العنف"، واعتبروا أن السلطة الأمنية تزيد بطشها ضدهم، "بينما هدفنا هو إسقاط نواب المدينة وأثريائها قبل غيرهم، لأنهم لا يكترثون لما وصلنا إليه من فقر وبطالة"، وفق قول أحدهم.  

في المقابل، خرجت أصوات تحذر من الذهاب للخيار الأمني، باعتبار أن الاصطدام مع الجيش وتخريب المدينة، لن يكون إلا فرصة لتحويل طرابلس إلى صندوق بريد لتبادل الرسائل الأمنية والسياسية، ثم يدفع بنهاية المطاف أهالي المدينة الثمن وحدهم.



الاستعصاء السياسي
والخشية اليوم، هي أن تنتهي جولات العنف بمشاهد دموية. ولطرابلس تاريخ طويل في هذه التجارب المماثلة. كما حذر كثيرون من الانجرار وراء موجة أن طرابلس تحارب عن مختلف المناطق، في وقت لن تنجح أي انتفاضة حقيقية إن لم يستنفر اللبنانيون على مختلف الأراضي اللبنانية.  

سياسيًا، ثمة من يسعى لربط جولات العنف في طرابلس بعرقلة تشكيل الحكومة، على قاعدة إثارة الفوضى في المناطق ذات الغالبية السنية. بينما تفيد معلوماتنا الميدانية أن قوى عديدة، سياسية ومذهبية وحتى أمنية، وبعض "القوى الناشئة حديثًا" أيضًا، تسعى للاستفادة من جو الاحتقان الشعبي شمالًا. وعليه، ستبقى قائمة كل الاحتمالات المتضاربة عن خلفية ما يحصل في طرابلس. لكن الواضح، أن العنف هو عنوان المرحلة المقبلة في عاصمة الشمال، والاشكالية تتمحور حول امكانية تمدد هذا العنف جغرافيًا، مع انسداد أفق الحل وغرق لبنان بأزمات مستعصية بين أركان السلطة الحاكمة.  

في مختلف المناطق
وكما أمس، شهدت بيروت وبعض المناطق تحرّكات احتجاجية عابرة حملت شعارات المطالب ‏المعيشية والواقع الصحي الصعب وإجراءات الإقفال العام، إضافة إلى مطلب تشكيل الحكومة. ‏ففي بيروت، تجمّع العشرات عند جسر الرينغ، حيث حاولوا قطعه، ثم توجّهوا إلى منطقة الصيفي ‏وأشعلوا فيه مستوعبات النفايات، قبل أن تعيد القوى الأمنية فتح الطريق. كما تناقل ناشطون على ‏مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لقطع طرقات في عدد من أحياء الضاحية الجنوبية لبيروت، ‏منها طريق المطار القديم وحيّ السلم، قبل أن تعود الأمور إلى هدوئها. ‏

وباتجاه الجنوب، كان قد عمد عدد من المحتجّين على قطع الطريق عند مفرق عرمون وبشامون ‏ومثلث خلدة لبعض الوقت. أما مدينة صيدا، فشهدت أيضاً قطع طرقات عدة أهمها عند شركة ‏الكهرباء ومستديرة إيليا، وسط دعوات للنزول إلى الشارع والتحرك احتجاجاً على تردي ‏الاوضاع المعيشية والاقتصادية.‏

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها