وخلال المكالمة الهاتفية، حسب البيان الفرنسي، أكد الرئيسان على أهمية العمل المشترك في إطار منظمة الصحة العالمية بشأن الصحة العالمية، لا سيما لدعم البلدان الأكثر هشاشة في مواجهة الوباء. كما أعربا عن أملهما في أن تفتح عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس مرحلة جديدة من العمل، حتى يتمكن المجتمع الدولي من الوفاء بالتزاماته. كما أشارا إلى تقاربهما واستعدادهما للعمل سويًا من أجل السلام والاستقرار في الشرقين الأدنى والأوسط، لا سيما بشأن الملف النووي الإيراني والوضع في لبنان. واتفق الرئيسان على البقاء على اتصال وثيق للغاية في الأسابيع المقبلة، بشأن هذه الموضوعات، وعلى جدول أعمالهما المشترك بأكمله.
انشغالات أميركا
أما بيان البيت الأبيض، فقد جاء فيه:" أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عزم إدارته على تعزيز العلاقات مع فرنسا. وشدد بايدن، حسب البيان، على "تمسكه بتعزيز العلاقات الأطلسية بما في ذلك عبر حلف الناتو وشراكة الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي". وأفاد البيت الأبيض بأن "الزعيمين اتفقا على ضرورة التنسيق الوثيق، بما في ذلك عن طريق المنظمات متعددة الأطراف، في مواجهة التحديات المشتركة مثل التغير المناخي وكوفيد-19 وإنعاش الاقتصاد العالمي".كما اتفق بايدن وماكرون على "العمل سويا على الأولويات المشتركة في السياسة الخارجية، بما في ذلك الصين والشرق الأوسط وروسيا ومنطقة الساحل".
ربما التناقض يعود إلى سعي كل طرف لإظهار مدى الاهتمام بالملفات التي تعنيه. تحدث بايدن عن العلاقات الأطلسية وروسيا والصين، بالإضافة إلى الوضعين الصحي والاقتصادي، كإشارة إلى أبرز أولويات الولايات المتحدة. أما ماكرون فتحدث عن اهتمامه في شؤون الشرق الأوسط، وتحديداً الملف النووي الإيراني والملف اللبناني. وهما ملفان لم يردا على الإطلاق في بيان الرئيس الأميركي. لربما أراد ماكرون من هذه الإشارة وفي ظل عدم الإهتمام الأميركي بهذه الملفات حالياً، ان ينتزع خلال المكالمة وكالة أميركية في الاضطلاع بدور أوسع في الشرق الأوسط، طالما أن اهتمامات بايدن مختلفة، وغوصه في شؤون المنطقة سيكون بمرحلة متأخرة.
رهان ماكرون
إلى جانب التفاهم الأميركي الفرنسي حول اتفاقية المناخ، وتعزيز العلاقات الأطلسية، والتعاون لمواجهة وباء كورونا ومعالجة الإقتصاد العالمي، استمر الاختلاف حول ملفات المنطقة. ويبدو أن ماكرون يريد الرهان على الانشغال الأميركي بقضايا أخرى، ليكون هو صاحب الدور الرئيسي في ملفات المنطقة، وخصوصاً الملف النووي الإيراني، والتمهيد لأي مفاوضات بين أميركا وإيران. بالإضافة إلى الاستحصال على وكالة أميركية للاهتمام بالملف اللبناني واستمرار فرنسا بمبادرتها تجاه لبنان، بتفويض أميركي هذه المرة، بما يسهم في تقوية الموقف الفرنسي تجاه لبنان، بعد معاناة المبادرة الفرنسية وسقوطها، بسبب العقوبات الأميركية في فترة ولاية دونالد ترامب.
من سياق البيانين المختلفين، يبدو واضحاً ان ماكرون هو الذي طرح الملفين اللبناني والإيراني. وهو ما يعكس مدى الاهتمام والتركيز الفرنسيين على لعب دور إقليمي، في لحظة لن تكون الولايات المتحدة الأميركية، في عهد بايدن، جاهزة للاهتمام بشؤون خارجية، عدا تلك الثوابت الأساسية كالعودة إلى المؤسسات الدولية، مثل منظمة الصحة، واتفاقية المناخ، والحلف الأطلسي والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي، والتعامل مع الملفين الروسي والصيني. وهذا يقود إلى خلاصة واحدة، أن ماكرون لن يتخلى عن مبادرته تجاه لبنان، وأنه متحمس جداً للعب دور الوسيط بين الأميركيين والإيرانيين في المرحلة المقبلة، وهو بذلك يستعيد لفرنسا دوراً دولياً أوسع.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها