الأربعاء 2021/01/20

آخر تحديث: 14:20 (بيروت)

جبهة مسيحية ضد عون وباسيل: التمسك بالطائف أولاً

الأربعاء 2021/01/20
جبهة مسيحية ضد عون وباسيل: التمسك بالطائف أولاً
لسان حال البطريرك: لا للمسّ باتفاق الطائف، ولا للتعديلات الدستورية (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease

من بكركي، في عظة الأحد، أطلق البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، الموقف: لا حاجة لتغيير الدستور بل لتطبيقه. يحمل هذا الكلام الكثير من الدلالات، التي بدأت تترجم على الساحة المسيحية والوطنية سيما في هذا التوقيت من الصراع الإقليمي.

كذلك، ومن دارة الرئيس تمام سلام، حيث اجتمع رؤساء الحكومة السابقون، فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، على مائدة العشاء، خرج كلام مشابه وتمسك بالطائف، رفضاً لأي محاولة تغيير دستوري، قد تدخل لبنان في متاهة البحث عن صيغة جديدة للحكم.

هذه المواقف التي عبّرت عنها بكركي أكثر من مرة، ليست سوى العنوان السياسي لمجموعات بدأت تتأطر في الأوساط المسيحية، بعيداً عن الأحزاب المسيحية التقليدية.

تضم هذه المجموعات أساتذة جامعيين وأطباء ومحامين ومهندسين ورجال أعمال في لبنان والخارج. هي الطبقة الوسطى في البيئة المسيحية التي خرجت عن عباءاتها الحزبية. ففي المجموعات من كان في القوات اللبنانية والكتائب والتيار الوطني الحر. هواجسهم "وجودية"، بعدما وصلت البلاد إلى مفترق طرق سيحدد مصيرها في السنوات المقبلة. ولدى هذه المجموعات علامات استفهام حول النظام السياسي وإمكانية إدخال تعديلات فيه.

في كلامه الأخير، تحدث رئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، عن ضرورة الذهاب إلى تعديلات دستورية، بعدما اصطدمت مسألة التكليف والتأليف بحائط مسدود. وقال باسيل إنه إذا أردنا أن نعيد النظر بالدستور فعلينا أن نفعل ذلك بهدوء، وليس على عجل.

لم يلق طرح جبران باسيل استحساناً في الأوساط المسيحية، التي تتحدث عن خطورة إثارة أي مطالبة بإصلاحات دستورية، لانها ستفتح باباً يصعب إغلاقه.

هذه الأوساط ترى أن فتح باب التعديل أو التغيير في النظام السياسي أو تبني فكرة مؤتمر تأسيسي، سيكون على حساب المسيحيين أولاً.


من هذا المنطلق، تنشط منذ أشهر حركة في الساحة المسيحية ترى في إداء الأحزاب التقليدية تخاذلاً. تتمثل هذه الحركة في مجموعات عديدة، تجتمع فيما بينها، وتزور بكركي لتأكيد عدد من المسلمات. يتقدم هذه المجموعات نواب انشقّوا عن تكتل لبنان القوي، كالنائبين نعمت افرام وشامل روكز. ومجموعات أخرى يتقدمها أكاديميون وصحافيون وناشطون سياسيون، ينشطون راهناً تحضيراً للمرحلة المقبلة، خصوصاً وأن الساحة المسيحية خسرت ديناميكية الأحزاب وقدرتها على الاستقطاب. ففي هذه الساحة ما يسمى بـ"الرأي العام" الذي يمتلك ثقلاً ثميناً في صناديق الاقتراع.

وحتى وإن اختلفت هذه المجموعات في التكتيك، إلا أنها في الوقت الراهن تجتمع على عنوان واحد: لا للمسّ باتفاق الطائف، ولا للتعديلات الدستورية. فإما التمسك بالطائف بما فيه من بنود لم تطبق بعد، كاللامركزية الإدارية وغيرها، أو الذهاب إلى فيدرالية. أما المثالثة فهي مرفوضة تماماً.

وفي المعلومات، أن تحركاً سياسياً من صلب الساحة المسيحية سيعلن عن انطلاقه في آذار المقبل، يناقض سياسة رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحرّ، إن في الأداء أو الطروحات والخيارات الاستراتيجية. وبالنسبة لهم، فكما الطائف هو مطلب للطائفة السنّية هو مطلب المسيحيين أيضاً.

والفكرة الأخيرة هي الرسالة التي كان سبق أن أوصلها البطريرك الراعي إلى الفرنسيين، في لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. يومها، تقول المصادر الكنسية، إن الراعي توجّه إلى قصر الصنوبر لقطع الطريق أمام القناعة التي كانت بدأت تترسخ لدى ماكرون، بأن الأزمة هي أزمة صلاحيات بين السنّة والمسيحيين.

قناعة ماكرون هذه تولّدت بعد لقاءاته مع القوى التقليدية، ومن بينها حزب الله. ثم عبّر يومها الرئيس الفرنسي عنها في مؤتمره الصحافي، عندما قال إن لبنان بحاجة إلى عقد سياسي جديد.

وفي المعلومات، أن ماكرون عاد وتفهّم الموقف المسيحي، قبل أن يوضح الراعي الموقف نفسه للأميركيين، في لقائه مع ديفيد شينكر وديفيد هيل.

لا يكفي تواصل الراعي مع الفرنسيين والأميركيين لضمان عدم حصول التسوية الكبرى في المنطقة، بين الأميركيين والإيرانيين، على حساب المسيحيين وتموضعهم في النظام بعد الطائف. لذلك، تقول الأوساط الكنسية إن النشاط اللبناني المسيحي يفترض أن يكون وطنياً.

انطلاقاً من هنا، وبالعودة إلى عشاء الرئيس تمام سلام والورقة السياسية التي يحضر لها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، مع مختلف القوى السياسية للتمسك بالطائف، يبدو أن جبهة سياسية تتحضر لخوض معركة نظام، يمكن أن تفرض نفسها لاحقاً على المشهد اللبناني.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها