الجيش يستعد للحظة "الارتطام الكبير"..دور تدريجي قابل للإتساع

منير الربيعالسبت 2021/08/14
400.jpg
كلام كثير عن وصول لبنان إلى الحاجة لفرض حالة الطوارئ (المدن)
حجم الخط
مشاركة عبر

دخل لبنان في مدار الانهيار. خطورة المشهد والتوقعات القاتمة، حتّمت نزول الجيش اللبناني على الأرض، والبحث عن مخزون المحروقات، والإشراف على توزيعها. انطلق الجيش في تحركه مستنداً على قرار سياسي يتعلق بتوزيع مخزون المحروقات على سعر 3900 ليرة.  الصورة الأساسية هي للجيش، الذي منذ فترة تتجه الانظار عليه، بدءاً من رفض مواجهة المتظاهرين، وصولاً إلى مساعيه لمنع قطع الطرقات. وكتجسيد أوسع لمدى الثقة به كان القرار الدولي بعدم منح المؤسسات السياسية اللبنانية أي مساعدات، بل حصرها بالجيش وإيكاله مسؤولية توزيعها. هذا الدور آخذ في التوسع. لا حاجة هنا للدخول في كلام سابق ناتج عن إستنتاجات أو تحليلات بأن الحلّ قد يكون بتشكيل حكومة عسكرية، أو بحصول إنقلاب أو غيرها. لكن الأمر الواقع فرض بقاء الجيش كمؤسسة موثوقة صاحبة صلاحية في الإشراف على كل ما له علاقة بالناس. 


دور الجيش 
لا بد من الوقوف أمام الخطوة الاستنثائية والأساسية التي اتخذها الجيش اللبناني بمداهمة المحطات بحثاً عن المحروقات المخزّنة. ولا بد من الإشارة إلى البيان الصادر عن الجيش اللبناني، داعياً اللبنانيين إلى التبليغ عن أي محطة محروقات تعمل على تخزين المواد لديها. مرفقاً البيان بأن المواد المصادرة سيتم توزيعها على الناس بلا مقابل. هذا الأمر ليس تفصيلاً عابراً. وسيمهد لدور أوسع للجيش عند لحظة الارتطام الكبير. يأتي ذلك بعد اجتماع عقده قائد الجيش مع مختلف قادة الأجهزة الأمنية، للتنسيق وضبط الاستقرار، ومكافحة الاحتكار، ومواكبة أي تطورات قد تؤدي إلى اهتزاز الأمن.

تترافق هذه الخطوات، مع كلام كثير، داخلياً وخارجياً، بأن الوضع في لبنان لم يعد يحتمل. ووسط تقديرات بأن الحكومة في حال تشكيلها لن تكون قادرة على لجم الانهيار، ولا على الحدّ من الفوضى الاجتماعية. فقرار رفع الدعم مغطى دولياً. ولا مبادرة دولية حقيقية للإنقاذ. ولا بوادر لتقديم مساعدات قادرة على معالجة الوضع الإقتصادي. حتى المساعدات الإنسانية التي سيتم توزيعها، سيكون التفويض الأكبر والأوسع للجيش للقيام بهذه المهمة. كذلك، الموقف الخليجي، وتحديداً السعودي، من حكومة نجيب ميقاتي معروف. وبالتالي، هناك قرار دولي عربي معارض لمثل هذه التسوية وهذه التركيبة.

جهات دولية عديدة أبلغت بشكل واضح أن لا ثقة لديها إلا بالجيش، من هنا اندفعت دول متعددة في توفير المساعدات له حفاظاً على صموده وبقائه، فهو العمود الفقري الوحيد المتبقي والقادر على حماية الإستقرار. لكن مشهد نزول الجيش إلى محطات المحروقات والإشراف على توزيعها للناس، قابل لأن يتوسع أكثر، بالإشراف على كل المؤسسات والصروح الطبية، ومخازن المواد الدوائية والغذائية، مستقبلاً، بالإضافة إلى وجود قرار دولي واضح تبلغته مختلف القوى السياسية بأن أي مساعدات لن يتسلمها أي جهة غير الجيش وهو الموكل مهمة الإشراف على توزيعها. 

حالة طوارئ؟
في الكواليس أيضاً، داخلياً ودولياً، كلام كثير عن وصول لبنان إلى الحاجة لفرض حالة الطوارئ. هنا سيكون الجيش صاحب الدور الأبرز في هذا الموضوع، بتوفير آلية توزيع المساعدات والحفاظ على الاستقرار. يستند هذا الكلام إلى تقارير متعددة، خصوصاً في حل عدم النجاح بتشكيل حكومة. عندها سيستفحل الانهيار، ولا بد للجيش من تأمين حماية لكل المناطق، ولكل المقومات الاجتماعية بالحدّ الأدنى. أما بحال تشكلت الحكومة، فإن خطوة إعلان حالة الطوارئ ستتأخر وسيتم تأجليها، لأن تشكيل الحكومة قد يرخي أجواء إيجابية (معنوياً) ما يؤدي إلى إراحة البيئات الاجتماعية المختلفة. المسار الذي يطبع مفاوضات تشكيل الحكومة، ينطوي على شد حبال هائل، قد يؤدي إلى ولادة تسوية، أو قد يؤدي إلى الإطاحة بكل الآمال في سبيل تشكيلها.

لطالما لعب الجيش اللبناني أدواراً مشابهة، سواء قبل الحرب الأهلية أو بعدها، قبل الحرب وعلى الرغم من التفكك الذي أصابه، إلا أنه كان ملاذاً للجميع، ويلجأ إليه الجميع في ضبط المعابر وتسهيل مرور المواد الأولية العابرة لخطوط التماس. وبعد الحرب كان الجيش يلعب دوراً مهدئاً كنتيجة للإتفاق السياسي، فيعمل على سحب فتائل التفجير والتوتير خصوصاً بعد العام 2005، وقبل وبعد أحداث 7 أيار، وصولاً إلى أثر الأحداث السورية على الواقع اللبناني. هنا كان الجيش محط إجماع لدى الجميع، ويحظى بالغطاء السياسي اللازم، أما اليوم فالواقع مختلف جداً في ظل الإنقسام السياسي الداخلي والخارجي الهائل، وانعدام توفر أي توافق سياسي يفترض بالجيش أن ينطلق مستنداً عليه. هذا الواقع سيدفع الجيش إلى لعب دور أكبر في المرحلة المقبلة بحال استمرّ الإنهيار واستمر التفكك. 

جواب حزب الله
وسط الضوضاء القائمة، وبحال تقدم أكثر خيار إعلان حالة الطوارئ، ثمة سؤال لا بد من طرحه، وهو المتعلق بموقف حزب الله من هذا الإجراء. فهل سيكون دور الجيش منسقاً مع الحزب، الذي يستشعر كماً كبيراً من الضغوط داخل بيئته وخارجها، وبالتالي هو يفضل التنسيق مع الجيش لضبط الأمن، وكي لا يكون هو في مواجهة بيئته الحاضنة، أم أن مسار الضغط الدولي سيكون أبعد وأمضى، ما قد يؤدي إلى فرز حقيقي، بين مناطق جغرافية يعمل الجيش على حماية وتوفير مقومات الأمن والاستقرار فيها، ويتولى توزيع المساعدات، مقابل مناطق تبقى خاضعة لسيطرة حزب الله الكاملة، بانتظار ما تفرزه كل هذه التحولات.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث