نصرالله: سياسة "الاستعانة بصديق" ونصائح بإدارة الجوع!

أراد أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، تخصيص كلمته عصر اليوم الجمعة، للملف اللبناني بشكل كامل. يدلّ ذلك على الاهتمام بكل المسار السياسي القائم ومتابعة كل التفاصيل، على إيقاع التخوف من استمرار التدهور والانهيار. أراد نصر الله أن يكون ناصحاً ومرشداً للجميع، حول كيفية تجنب الفتنة والتخفيف من الذل الذي يتعرض له اللبنانيون. كما أراد أن يؤكد على استمرار العلاقة القوية بالرئيس نبيه برّي والتيار الوطني الحرّ، بالإضافة إلى علاقة حزب الله مع كل القوى السياسية على الرغم من انتقادهم له وتصويبهم عليه.

أميركا والجيش
تناول نصر الله العلاقة بين الأميركيين والجيش اللبناني، معتبراً أنه قبل فترة تم التداول بتصريحات أميركية متعددة، لتبرير الدعم للجيش اللبناني أمام الرأي العام. وهم يضعون ذلك في خانة أهداف مواجهة حزب الله. وصف نصر الله ذلك بالتحريض الأميركي المكشوف للبنانيين على بعضهم البعض، لأن الجيش لكل اللبنانيين، والمقاومة لبنانية، وحزب الله حزب لبناني. معتبراً أن هذه السياسة تهدف إلى نشر الفتنة في المنطقة. وقال: "إن الهدف ليس تحريض الجيش إنما تحريض المقاومة وحزب الله وجمهوره من خلال إثارة الشك والمخاوف من تقوية الجيش". وأكد أن حزب الله "دائماً مع تقوية الجيش. وهناك استعداد إيراني لتزويد الجيش بكل ما يحتاج". مشيراً إلى أن لا اعتراض على تقوية الجيش، حتى ولو كان الطرف الداعم هو الولايات المتحدة. معتبراً أن الجيش هو الضمانة الحقيقية للأمن والاستقرار ولوحدة لبنان. ولفت إلى أنه لا يمكن لمؤسسة وطنية من هذا النوع ان تقبل كل أساليب التحريض، كما أنه ليس سلطة قائمة بذاتها، بل خاضعة للسلطة السياسية المقررة.

في التعطيل الحكومي
أما في الموضوع الحكومي، اعتبر نصر الله أن البعض ومن خلال التصريحات أو المقالات، يحملون مسؤولية التعطيل لحزب الله، بذريعة أن إيران طلبت من الحزب تأجيل تشكيل الحكومة بانتظار مفاوضات فيينا، أو بانتظار المحادثات الإيرانية السعودية. مشيراً إلى أن إيران ترفض التفاوض على مفاوضات المنطقة وعلى الصواريخ البالستية بل تحصر المفاوضات في الملف النووي، ولا أحد يلتفت إلى لبنان. وكذلك، ففي كل المحادثات الإيرانية السعودية لم يتم البحث في ملف لبنان، إنما كان هناك تركيز على ملف اليمن.

واعتبر نصر الله أن اتهام الحزب بالتعطيل، أو أن مصلحته عدم وجود حكومة في لبنان هو افتراء وظلم وعدوان. لافتاً إلى أنه منذ تكليف الحريري كان الحزب حريصاً على التأليف السريع، وقال: "أنا أول من دعا إلى الاستعانة بصديق، هو الرئيس نبيه برّي. وكان قد بدأ في مساعيه، ولكن دعوتي هي دعوة مشجعة وخصوصاً الوعد من قبل الحزب بأنه سيكون من المساعدين والمساهمين. وهذه المبادرة التي لا تزال مستمرة أدت للوصول إلى نقطة مهمة، وهي الاتفاق على عدد أعضاء الحكومة، وهو 24 وزيراً. كما تم الاتفاق على توزيع الحقائب كأعداد على الجهات والطوائف. وما زال هناك نقاش نهائي حول تفاصيل التوزيع". وأضاف نصر الله: "قيل في الأدبيات إنه تم الاتفاق على صيغة ثلاث ثمانيات، والتي أدت إلى التباس بأنها مثالثة. وهذا يعني إحساس بالخطر بسبب عرف جديد لتغيير التوازنات السياسية القائمة. مشيراً إلى أن تعبير الثلاث ثمانيات غير صحيح، لأن كل طرف يصوت كما يريد ووفق قناعاته، ولا تضم الحكومة 8 وزراء شيعة مثلاً، ولا يمكن احتساب وزراء تيار المردة والحزب القومي على الثنائي الشيعي، فلا يمكن القول هذا ثلث للشيعة، ولا الثلث الآخر للسنة، وكذلك بالنسبة إلى الوزيرين المسيحيين، اللذين لم يحسم بعد وجهتهما. مشدداً أن حزب الله وكل أركان الطائفة الشيعية لم يطالبوا بالمثالثة.

الرد على باسيل
وفي ردّ بشكل مباشر على دعوة باسيل يوم الأحد له للتدخل، قال نصر الله: "أشكر له الثقة والمحبة، وأريد أن أتوقف قليلاً عند ردود الفعل لدى بعض الشخصيات في الوسط المسيحي، وسمعنا ردود فعل سريعة من بعض الأشخاص الذين أسمعونا تكفيراً سياسياً وشتائم والكثير من اللغة العنصرية والطائفية البغيضة، فتمت مهاجمة باسيل بسبب موقفه، أو ما وصف بأنه فوّض نصر الله باستعادة حقوق المسيحيين، بينما موقفه كان طبيعياً وهو صديق يستعين بصديق". وأشار نصر الله إلى أن هذا الكلام "دليل على أن هؤلاء لا يسمعون ولا يقرأون، أو لا يعقلون وإذا عقلوا ينكرون، لأن الأحقاد والضغائن تعمي العقول والقلوب وليس الأبصار فقط".

ولفت نصر الله إلى أن فهمه لما طلبه باسيل هو امر عادي أي الاستعانة بصديق. وفي جوابه قال: "نحن بدأنا بتلبية هذه الدعوة ونريد أن نمد يد المساعدة، لندافع عن حقوق كل لبناني له حق، وأنا لم يخطر في بالي ولا لحظة أن باسيل يريد الإيقاع بين حزب الله وحركة أمل، وهو يعلم أن هذا غير ممكن وقد تناقشنا به سابقاً. وهو أذكى من أن يقدم على خطوة من هذا النوع". وأما بشأن اعتبار حزب الله حكماً، اعتبر أن ذلك لا يمكن أن يلعبه الحزب، لأنه يجب أن يكون مقبولاً من الطرفين. وأكد نصر الله وجود النقاط العالقة، وأن النقاش سيستكمل لأجل السعي إلى حلها، فباسيل استعان بي كصديق، وانا استعنت بالرئيس برّي. وهذا الإطار هو الوحيد المتاح الذي يمكن أن يوصل إلى نتيجة مرضية للرئيسين ميشال عون وسعد الحريري.

وتناول نصر الله مواقف التيار الوطني الحرّ، الذي يعتبر أن الحزب يقف على الحياد في موضوع تشكيل الحكومة، معتبراً أن هذا الكلام غير صحيح وغير دقيق، ومنذ أيام تكليف مصطفى أديب كان هناك ضغط على رئيس الجمهورية بالقبول بأي تشكيلة يتم تسليمه إياها، وهذا كان سيسلب من رئيس الجمهورية أهم صلاحية لديه، وهي مشاركته في تشكيل الحكومة. وأنا شخصياً قد رديت على الفرنسيين ورفضت تحميل المسؤولية لرئيس الجمهورية.

أزمات الاقتصاد والنفط الإيراني
وفي الشؤون المعيشية، قال نصر الله إن ما هو معاش من أزمات في الشارع يجب أن يكون حافزاً للعمل على تشكيل حكومة لمعالجة هذه المشكلات. وجدد نصر الله التأكيد بأنه ملتزم بوعده، بأنه في حال أصبحت الدولة عاجزة عن الإتيان بالمشتقات النفطية، فحزب الله مستعد لنقل هذه المحروقات من إيران إلى الشواطئ اللبنانية، لافتاً إلى إجراء اتصالات مع الدولة اللبنانية لمعالجة هذا الأمر. وانتقد الكلام عن عدم توفر المحروقات في إيران، واصفاً من أطلق هذا الكلام بالجاهل. كذلك انتقد من اعتبر أن جلب النفط من إيران سيؤدي إلى فرض عقوبات، مشيراً إلى أن اقتراح الحزب لا يعني جلب النفط من خلال المصرف المركزي.

واعتبر أن هناك العديد من الدول الجاهزة للإتيان بمصافي تكرير خلال أشهر قليلة إلى الزهراني وطرابلس، متسائلاً عن أسباب عدم إقدام السلطة السياسية على هذه الخطوات؟ مشيراً إلى أن هناك شركة جاهزة للقيام بهذا الأمر. وأكد نصر الله أن البلد يتجه إلى رفع الدعم ومن دون قرار سياسي. فمصرف لبنان يقول إنه لم يعد يمتلك الأموال، وبالتالي، فعلى الجميع تحملّ مسؤولية رفع الدعم. وتوجه إلى الناس قائلاً إن البلد مقبل على أيام صعبة، داعياً إياهم إلى الانتباه وتخفيف المعاناة. ودعا الناس إلى عدم قطع الطرقات لأن هذا سيؤدي إلى المزيد من الذل والهوان.