باسيل: استراتيجية دفاعية لتوازن الردع والسلاح للقوة لا للخوف

المدن - لبنانالأحد 2021/03/14
GettyImages-1169089357.jpg
دعا باسيل إلى إعادة النظر بوثيقة التفاهم بينه وبين حزب الله ومراجعتها (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر
أطلق رئيس التيار العوني جبران باسيل، اليوم الأحد 14 آذار، الورقة السياسية الصادرة عن المؤتمر الوطني للتيار. ولم تخرج الورقة عن السياق العام المعروف لدى التيار: تكرار المواقف نفسها، تلك التي وضعها باسيل في قالب "برنامج مرحلي"، شدد فيه على ضرورة إعادة البحث في العلاقة مع حزب الله، وتطويرها، ومركزاً على ضرورة الاتفاق على استراتيجية دفاعية، وتحييد لبنان بشروط التوافق الداخلي حول أزمات المنطقة.

شخصية التيار 
وأشار باسيل​ إلى أن التيار "يدخل عامه الجديد" اليوم في ​14 آذار​، "مُذخّرًا باختبارات اكتسبها من مسيرته النضالية. وقد صقلت التجربة، بانجازاتها وخيباتها، شخصية التيار وبلورت خياراته الكبرى في ​الحياة​ العامة". وقال: "التيار عانى من إمساك ​منظومة​ سياسية - مالية بمفاصل ​الدولة​ والقرار، وقد عاش أثر ذلك، كسائر ال​لبنان​يين، أزمة الانهيار الكبير في ​المال​ ​والاقتصاد​، وأزمة سقوط النظام... ويدفع هذا السقوط التيار إلى معالجة عميقة لخياراته وممارساته"، معتبرا أن "مراجعة التيار لخياراته وممارساته يجب أن تفضي إلى صوغ مقاربة مختلفة لهواجس اللبنانيين وحلولٍ لمشاكلهم، وأن تؤسس لنظامٍ جديدٍ يُبنى على أسس الصيغة والميثاق ويستفيد من العثرات المتأتيّة من الطائفيّة و​الفساد​".

ورأى باسيل أن "​العالم​ يدخل مرحلة متغيّرات كبرى على الصعيدين الإقليمي والدولي، وعلى التيار مواكبتها والصمود لاجتياز مطبّاتها، والإفادة من انفراجاتها، بهدف تأمين حضوره، بما يمثّل ومن يمثّل، في رسم مستقبل لبنان والمنطقة"، مشيرا إلى أن "الصمود هو عنوان المرحلة. ويكون من جهة، بتحديد خيارات استراتيجية وتموضعات انتقالية في ال​سياسة​ الخارجية والداخلية. ومن جهة اخرى، بسياسة تنظيمية داخلية تسمح بالتأقلم والتحمّل تحقيقاً لما اعتاد عليه التيّار من صمود ومرونة تضاف اليهما ضرورة الانتاج".

ريادة مشرقسية 
وتابع :"ان التعدّد الفريد للمجتمع اللبناني، وكذلك الانتشار المنقطع النظير للإنسان اللبناني، يحتمان عليه تنويع علاقاته، ولا يمنعان عنه أن يكون مرناً في توجيه خياراته وفقاً للظروف وبحسب مصالحه، من دون التخلي عن أيّ من روابطه الثقافية وخصوصيّات مكوّناته".

وأكد أن "لبنان يجب ان يكون صاحب الدور الريادي في تأطير المساحة المشرقية. فمشرقيّتنا هي دعوة مفتوحة للسلام بين الشعوب، وليست أقليّات تتصارع، بل خصوصيّات تتكامل، ولا يستقيم الوجود ولا يسود الاستقرار ولا تنمو الحرية إلّا بالسلام، ولا يكون السلام إلّا بإحلال العدل وصون الحقوق أرضاً وثروات، ولا يدوم إذا لم تنخرط به الشعوب".

لبنان المقاومة والسلام
واعتبر ان "السلام بين البشر قيمة وغاية، وهو في صلب ثقافة التيار، ولأننا نريده دائمًا وفاعلًا، نؤمن بأن تحقيقه يستوجب الحفاظ على قوة لبنان كي لا يتحوّل السلام الى تبعية واستسلامٍ. وبذلك يَفقد لبنان ميزاته التي ترى فيها اسرائيل خطراً عليها".

وشدد باسيل على أن "اسرائيل تفهم لغة الحرب ولا تفقه معنى السلام الحقيقي. وتريد فرض تطبيع مصطنع بقوّة الخارج وتحت ضغط الأزمات. لكنّ هذا لن يؤدّي الاّ لمزيدٍ من الكراهية والعدوانية ويجعل السلام بعيد المنال... وحده لبنان القوي، أمنًا واقتصادًا، قادر على صنع السلام العادل والدائم والشامل مع إسرائيل".

وتابع: "على قاعدة أن الحق شرط للسلام، نؤكّد حقّ الشعب الفلسطيني اللاجئ بالعودة الى أرضه؛ وعلى القاعدة نفسها، نعمل من أجل عودة النازحين السوريين إلى وطنهم مع التمييز طبعاً بين اللاجئ الذي لا تسمح له إسرائيل بالعودة، والنازح الذي تسمح له دولته في سوريا، بينما تعاكسه بعض الظروف والدول. ولا نقبل، ولا يمكن للبنان أن يدمج في مجتمعه لا اللاجئين ولا النازحين، فلا دستوره ولا نسيجه الاجتماعي ولا موارده الاقتصادية ولا كثافة سكّانه تسمح بهذا التوطين".

هجاس اللاجئين 
واضاف: "لبنان هو بلد التوازنات، وأي إختلال في توازنه يضرب تنوّعه ويسقط هويته. عودة اللاجئين والنازحين شرط وجودي للبنان، وعدمها مانعٌ للسلام مع إسرائيل ومولّد للحرب معها، ومانع لاستقرار العلاقات المميّزة والمتوازنة التي نريدها مع سوريا"، مبينا بأن "التيار يريد تحصين لبنان في وجه أي عدوان من إسرائيل إو من الجماعات الإرهابية، ويعتبر الجيش اللبناني صاحب المسؤولية الأولى في الدفاع عن الحدود والوجود". وأضاف: "إلى أن يتم فكّ الحظر عن تزويد الجيش بالأسلحة اللازمة، والى أن يحلّ السلام المأمول، يرى التيار ضرورة اعتماد استراتيجية دفاعية تقوم على التفاهم الداخلي، والحفاظ على عناصر قوة لبنان، للحفاظ على توازن الردع، ومركزية قرار الدولة، دون التخلّي عن الحق المقدّس والشرعي بالدفاع عن النفس. والاستراتيجية الدفاعية ضمانة للبنان، تسمح له وتوجب على ابنائه إبقاءه بمنأى عن كل نزاع لا علاقة له به".

أصول الحياد
ولفت باسيل إلى أن "الحياد مفهومٌ له أصوله وقواعده في القوانين الدولية، وهو يقتضي توافقاً في الداخل وقبولًا من الجوار وموافقةً دولية. والتيار يريد تحييد لبنان، ويريد الاتفاق بين اللبنانيين على مفهوم واحد، هو عدم انغماس لبنان في قضايا لا ارتباط له ولمصالحه بها، بل تأتي عليه بالضرر دون أي فائدة، ودون أن يعني هذا المفهوم إلغاء دوره أو حياده عن القضايا التي تطاله وتضرّ بمصلحته أو تلك المتعلّقة بالصراع مع اسرائيل".

وأكد أن "التيار، في ​السياسة​، متشدّد من جهة، لناحية الخصوصية والكيان، ومتشدّد من جهة مقابلة، لناحية الانفتاح والقبول بالآخر، وتبقى "اللبنانيّة" ما بين الحدين رابطة الانتماء المتنوّع لمكوّناته والمتفاعل مع محيطه المشرقي والعربي ومع العالم".

وشدد على أن "في الاقتصاد، التيار مؤمن بالاقتصاد الحر وبدور القطاع الخاص فيه، ومتمسّك من جهة اخرى، بشبكات الأمان الاجتماعيّة التي تحفظ حق الإنسان بالعيش الكريم؛ وما بين الإثنين يبقى مرناً لناحية التعاطي مع أصول الدولة ومواردها وثرواتها وكيفيّة الإفادة منها بحسب مصلحة اللبنانيين".

لامركزية إدارية ومالية 
وذكّر باسيل بأن "التيار يناضل لتطوير بنيان الدولة لتصبح مدنية بكامل مندرجاتها، ولأنه يدرك صعوبة تحقيق هذا الهدف في نظام مركزي، وفي ظل معارضة داخلية كبيرة له، فإنه يدعو بالارتكاز على الدستور إلى قيام اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة كنظام يحفظ وحدة لبنان ويساهم في إنمائه. والتيار يتخوّف من اعتماد الفيدرالية، ليس لأنها لا يمكن أن تكون حلاً للبلدان الشبيهة به، وهي كذلك، بل لأنّ نسيج شعبنا وتداخله الجغرافي قد يحوّلانها إلى فرز طائفي طوعي للسكان. وهذا ما قد يجعلها نوعاً من التقسيم المقنّع، وهو مرفوض منّا حتماً".

وراى باسيل أن "مشروع التيار للدولة المدنية يقوم على: معالجة الاختلالات الدستورية، استكمال تطبيق الدستور، اللامركزية الادارية والمالية، قوانين مدنيّة للأحوال الشخصيّة، مجلس شيوخ على أساس التمثيل المذهبي، مجلس النواب على أساس النسبية والدوائر الموسّعة والمناصفة، صندوق ائتماني يدير أصول الدولة. ويتحقّق مشروع التيار للدولة المدنية بالحوار بين اللبنانيين حول طاولة برئاسة رئيس الجمهورية، ويتم التفاهم عليه بكامله، على أن يتم تنفيذه تزامناً وتدريجياً بشكل يسمح بتسهيل تطبيقه، وبإزالة الهواجس ومعالجة أسباب الخوف منه".

تطوير ورقة التفاهم 
ولفت باسيل إلى أن "التيار يؤكّد على تصميمه إعادة النظر بوثيقة التفاهم بينه وبين حزب الله ومراجعتها بنيّة تطويرها بما يحقق: حماية لبنان عن طريق استراتيجية دفاعية، بناء الدولة من خلال مكافحة جديّة للفساد، وإجراء كافّة الإصلاحات، تطوير النظام بما يوقف تعطيله ويؤمّن الشراكة الوطنية الكاملة". وأكد على أن "غاية التفاهم مع حزب الله ليست مصلحية ولا ثنائية، بل اشراك الجميع به واشعارهم بنتائج حسيّة لعملية تطويره واعادة الأمل بأنّه سيساهم في قيام الدولة، ويكون السلاح جزءاً من الدولة، ويشعر اللبنانيين بالقوة، من دون الخوف منه".

وتابع: "يعتزم التيار التأكيد بالممارسة على تواصله مع كلّ اللبنانيين وانفتاحه على جميع الأطياف والمكوّنات دون التنازل عن الحقوق والتراجع عن الإصلاح. وهو مستعد لكل حوارٍ لتوسيع المساحة المشتركة بين اللبنانيين والحفاظ على الوحدة، والتواصل والحوار اللذين يبدي التيار استعداده لهما يتوسّعان لتحقيق العلاقة الجيّدة مع أصدقاء لبنان، بدءاً من الدول العربية ووصولاً الى كل القوى الإقليميّة ودول العالم. وذلك انطلاقًا من الاحترام المتبادل للسيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتحقيقًا لأوسع تعاون اقتصادي وثقافي".

واكد أن "التيار يعمل على تحقيق إصلاحات بنيويّة في النظام على كافة الصعد: في النظام الاقتصادي بما ينقله من الريع الى الإنتاج. وفي النظام النقدي من خلال سياسة تخفيض الفوائد، وفي النظام المالي عبر خفض كلفة الدولة وتحقيق العدالة الضريبية. وفي النظام الاجتماعي من خلال العدالة الاجتماعية التي تؤمّن لكل لبناني حقّه في التعليم والصحة وفي ضمان شيخوخته".

البراءة من الانهيار
وشدد على أن "مسألة محاربة الفساد هي مسألة محورية في سياسة التيار لبناء الدولة، على الرغم من كلفتها الباهظة عليه لناحية استعدائه من كامل المنظومة السياسية والمالية المتحكّمة بالبلاد، والتي أوصلته بممارساتها إلى الانهيار، وتقوم مسألة محاربة الفساد في هذه المرحلة بالذات على هدف مركزي، هو استعادة أموال اللبنانيين، ولو جزئياً وتدريجياً عبر توزيع عادل للخسائر، وهي ترتكز على الالتزام بإجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، كمقدّمة طبيعيّة لاجرائها فوراً في سائر وزارات الدولة وإداراتها ومؤسساتها".

وأضاف: "ترتكز مسألة محاربة الفساد كذلك على الالتزام باقرار قانوني استعادة الأموال المنهوبة والمحوّلة إلى الخارج بصورة استنسابية، إضافة إلى قانون المحكمة الخاصة بالجرائم الماليّة، كما على إقرار قانون كشف الحسابات والأملاك لكل قائم بخدمة عامة. ولا يمكن الاستمرار بالتغاضي عن إقرار قانون الكابيتال كونترول لوقف تسرّب الأموال إلى الخارج، وعن كلّ الاصلاحات البنيوية والضروريّة لتأمين الدعم الدولي المشروط بتحقيقها، ويبقى أن الحلّ المستدام لمكافحة الفساد هو بقضاءٍ مستقّلٍ وفعّال واعتماد الحكومة الإلكترونيّة لوقف الرشوة وتسهيل وتسريع المعاملات الإدارية".

وشدد باسيل على أن "سياسة التيار بكل مفاصلها لا يمكن أن تقوم إلاّ على أساس وطني يطال مصالح وحقوق كل اللبنانيين، وعلى أساس كياني يحفظ الوطن بصيغته وميثاقه ويؤمّن حقوق كل مكوّناته في الشراكة الكاملة. ولقد عانى التيار ظلماً كبيراً جرّاء اتهامه زوراً بما ليس هو فيه. وذلك بسبب سياساته في استعادة الحقوق من الخارج وفي الداخل. ورفض التوطين ومحاربة الفساد والخروج عن الرتابة التي عانت منها حياتنا الوطنية، وكسر قيودها".
وختم: "ليس على التيار أن يكون في موقع الدفاع عن النفس، بل الهجوم على الذين أرهقوا البلاد على مدى الثلاثين عاماً المنصرمة. ويجب أن نتذكّر دوماً انّ التيار والحق والحقيقة متلازمون، ولا بدّ لنضال الحق أن ينتصر".

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث