الأحد 2020/08/09

آخر تحديث: 15:22 (بيروت)

مساع لإسقاط الحكومة: دياب على كرسيه فوق ركام بيروت

الأحد 2020/08/09
مساع لإسقاط الحكومة: دياب على كرسيه فوق ركام بيروت
الكنيسة والمجتمع الدولي: رحيل الحكومة والبرلمان (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

لو عادت لحسان دياب لأراد البقاء على كرسيه ولو وحيداً. هو الذي قال يوماً، لن أستقيل مهما فعلوا. وصف نفسه بـ"الكاميكاز"، الذي لا يتراجع ولو بلغ الهاوية. عاش أشهراً من التخبط السياسي. لا يريد السياسيين ولا السياسة، ويتغطّى بـ"التكنوقراط". وعند وقوع المشكلة يلجأ إلى اتهامهم أو إلى المطالبة بتدخلهم لمعالجة الوضع. ناطح السفراء والدول. حارب مرجعيات سياسية ودينية. وكأنه على حلبة صراع الثيران، غيّر مضامين برقيات واتصالات تلقاها، أخطأ ديبلوماسياً مع رؤساء ووزراء. أراد مصارعة أميركا، وفرنسا، وكل المنظومة الدولية. عاد وتراجع طالباً ترتيب العلاقة. واجه حاكم مصرف لبنان، والمصارف. عاد وتراجع. وهذه حاله دوماً.

سابقة تاريخية
الآن وصلت المعركة إلى حكومته. يواجه وزراء أصبحوا على قناعة بأن الحكومة لا يمكن لها أن تستمر. كثر يفكرون بالإستقالة. جهات دولية وعربية، تريد للحكومة أن تستقيل. خرج البطريرك الماروني بشارة الراعي داعياً بشكل علني لاستقالة الحكومة. إنه موقف لا يمكن تجاهله، لا من قبل وزراء مسيحيين، ولا من قبل رئيس الجمهورية الماروني. أول الضغوط الكنسية كانت على الوزير دميانوس قطار، المحسوب على بكركي. قطّار المستهدف من قوى مكوِّنة للحكومة، وجد نفسه أمام نارين. نار بكركي التي ترعاه سياسياً، ونار قربه من رئيس الحكومة. فكر بالاستقالة جدياً، ذهب إلى السراي الحكومي عازماً تقديم استقالته. اجتمع بحسان دياب، الذي طلب منه التريث.

وصلت المعلومات عن توالي الاستقالات. تحرّك دياب لثني الوزراء عنها، وسط استمرار الضغوط المحلية والخارجية. في الاتصالات، حاول دياب دفع الوزراء لعدم تقديم استقالاتهم. كما حاول أن يكسب المزيد من الوقت، لحسم القرار والخيار، هو لا يريد أن يكون وحيداً، ويستقيل وزراءه من حوله، فتكون سابقة في تاريخ الحكومات، بأن يستقيل وزراء ويتم تعيين بدلاً منهم، فقط للحفاظ على الحكومة وعلى رئيسها بالذات. تلك إهانة للرئيس وللموقع.

إشارة عون وحزب الله
جهد دياب لإقناع الوزراء بتأجيل استقالاتهم، وعقد اجتماعاً وزارياً لبحثها، أو لبحث الاستقالات الجماعية. أراد التقاط فرصة جديدة، وتأجيل الاستقالة إلى ما بعد جلسة الاثنين. وهو يفكّر إذا ما كان سيستمر، ويتم تعيين بدلاً عن المستقيلين، أم يأخذ الاستقالة بصدره، فلا يرى وزراءه يتساقطون الواحد تلو الآخر، إنما يحرمهم "فرصة هذه الدعاية والإدعاء"، ويستقيل هو  فتستقيل الحكومة كلها. 

كان دياب ينتظر إشارة من رئيس الجمهورية ومن حزب الله، وهل سيتخليان عن الحكومة. أقصى تمنياته أن يتشبث الحزب بهذه الحكومة، فيبقى هو على رأسها، تحت عنوان أنه لا يمكن تقديم سلفة للحسابات الدولية، أي تطيير الحكومة قبل الحصول على أي شيء، أو ترتيب المفاوضات التي قد تحصل مع الحزب. عون أيضاً لا يريد إسقاط الحكومة التي حقق فيها الكثير من التقدم في المواقع والإدارات والوزارات، وتمكن فيها من تصفية الحساب مع كل خصومه.

من بين ما قاله حسان دياب للوزراء ولكل من فاتحه بمسألة الاستقالة، أنه لو استقال سيبقى في موقع تصريف الأعمال، والوزراء سيبقون في مواقعهم، يسيرون أعمال وزاراتهم. خصوصاً أن لا بوادر للاتفاق على تشكيل حكومة جديدة.
وبحال الاستقالة، يفترض أن يدعو رئيس الجمهورية إلى استشارات نيابية جديدة، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الاستشارات ستوصل إلى تكليف رئيس جديد بتشكيل الحكومة، في ظل الانقسام القائم، أم أن سيناريو تأجيل الاستشارات سيتكرر. أسئلة كثيرة تطرح: كيف سيكون شكل الحكومة الجديدة؟ وحدة وطنية؟ تكنوقراط؟ حيادية؟ مستقلة؟ هذه كلها تحتاج إلى أسابيع. والرهان على إطالتها يبقى السلاح الوحيد في يد حسان دياب.

التدويل..
دولياً، ليس المطلوب الإطاحة بالحكومة فقط، بل بالمجلس النيابي أيضاً، وذلك يظهر من خلال الضغوط، والاستقالات التي تتوالى تباعاً، لتشكيل عنصر ضغط جديد للذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة. قانوناً، ولو استقال 127 نائباً يبقى المجلس قائماً وسيد نفسه، ويعمل على الإعداد لانتخابات فرعية، وليس انتخابات عامة. بينما الضغط يهدف للوصول إلى توافق على انتخابات نيابية مبكرة. وهذه لن تكون في ميزان اللبنانيين بل في ميزان الدول. كل شيء في لبنان يتحول إلى التدويل، من مؤتمر المساعدات الدولية، إلى آلية توزيع هذه المساعدات، ودخول فرنسا على خطّ التحقيق في أسباب التفجير في المرفأ، وطروحات سياسية حول الحكومة والانتخابات المبكرة، أو الاقتصادية، حول الإصلاحات والقرارات المالية. كل المجريات اللبنانية أصبحت مدولة، وما تبقى من هياكل لم يعد غير صورة معلّقة فوق ركام بيروت. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها