انفجار مرفأ بيروت، تداعياته، أضراره الهائلة بشرياً ومادياً ومعنوياً، والتحقيقات بما حصل، اجتمعت كلها على طاولة مجلس الوزراء. وسبقها قبل ساعات اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع.
صلاحيات الجيش
كان هذا المجلس قد أوصى بإعلان حال الطوارئ، وحصلت نقاشات وخلافات بين الوزراء حول تسليم الجيش الصلاحيات المطلقة في العاصمة بيروت، بموجب حالة الطوارئ. فاعترض وزراء آخرون على بعض الممارسات التي قامت بها الأجهزة الأمنية والعسكرية، كوزير الصحة الذي اعترض على منع فرق وزارة الصحة من المشاركة في استلام المساعدات الطبية والصحية التي وصلت إلى مطار بيروت، والمقدمة من دول عديدة.
وبحثت الحكومة باقتراحات متعددة حول فرض إقامة جبرية على كل المسؤولين عن المرفأ منذ العام 2014 إلى اليوم، وبانتظار صدور نتائج التحقيقات.
حال طوارئ ببيروت
وفيما أقرت الحكومة إعلان حال الطوارئ في بيروت، وتسليم الجيش صلاحيات ضبط الأوضاع فيها، أعلن وزير الصحة حمد حسن اعتراضه على تسليم الجيش المستشفيات الميدانية، منعاً لأي تأخير في تأمين الطبابة للمواطنين.
وكان التركيز على إنجاز التحقيقات، وتحميل المسؤوليات للجهات المسؤولة عن المرفأ: مديره العام، بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية، الجمارك. إضافة إلى البحث في إعادة تشكيل هيئة الإشراف على المرفأ، والتي تتضمن حسابات وخلافات سياسية متعددة. وحسب المسار الذي سلكته الحكومة والأجهزة الرسمية المختلفة، فإن التركيز ينصب على تحميل المسؤولية للإهمال والفساد وانعدام التنسيق بين الأجهزة المختلفة.
الانفجار والحريق
التقارير التي تم الحديث عنها تشير إلى أن جهاز أمن الدولة قد طلب مراراً إزالة هذه المواد المتفجرة والمخزنة منذ سنوات في العنبر رقم 12، لكنها ظلت في مكانها، ما أبقى الخطر قائماً.
وفي المعلومات، طلب جهاز أمن الدولة إصلاح بعض الأعطال والثغرات في العنبر، فعملت فرق المرفأ على صيانة باب العنبر وبعض الفجوات في جدرانه. وبحسب ما يقول مدير عام المرفأ حسن قريطم، فإن الأعمال انتهت ظهر أمس الثلاثاء 4 آب. وتفيد معلومات "المدن" أن أعمال التلحيم انتهت عند الساعة الثانية بعد الظهر، أي قبل 4 ساعات من حصول الانفجار. وتشير المعلومات إلى أن فرضية الانفجار بفعل الحريق سقطت، خاصة أن عمليات التلحيم كانت في مكان بعيد عن مكان تخزين المواد المتفجرة.
كذلك صرّح قريطم أنه لم يكن هناك من عمليات تخزين لمفرقعات نارية، قائلاً: "لا أعرف ما الذي حصل".
تقاذف المسؤليات والإقالات
حسب توزيع المسؤوليات فإن مسؤولية إدارة المرفأ تنتهي عند هذا الحدّ، بينما مسؤولية المحتوى ملقاة على عاتق الجمارك والأجهزة القضائية والأمنية الأخرى. هنا يحصل التضارب. الجمارك تحمّل المسؤولية للقضاء، والقضاء يحمل المسؤولية للأجهزة الأمنية والعسكرية. فيما البحث في الجلسة تركز على ضرورة محاسبة الجميع.
وقد طرحت فكرة تحميل المسؤولية لجهة قضائية، وأخرى عسكرية، ولإدارة المرفأ. فاقتُرح إقالة مدعي عام التمييز غسان عويدات، ومدير مرفأ بيروت حسن قريطم، ومدير المخابرات العميد طوني منصور، ولم يطرح أي إجراء يطال مدير عام الجمارك بدري ضاهر.
الجهات الثلاث هذه على خلاف مع الحكومة والعهد منذ مدة طويلة. والآن جاءت لحظة محاسبتهم، إضافة إلى البحث في تعيين هيئة جديدة للمرفأ.
عون ودياب
رئيس الجمهورية ميشال عون قال في مستهل الجلسة: "ليس هناك كلام يصف هول الكارثة التي حلت ببيروت مساء أمس، وحولتها مدينة منكوبة". وأضاف: "هول الصدمة لن يمنعنا من التأكيد لأهل الشهداء والجرحى أولاً، ولجميع اللبنانيين، أننا مصممون على السير في التحقيقات وكشف ملابسات ما حصل في أسرع وقت ممكن، ومحاسبة المسؤولين والمقصِّرين وإنزال أشد العقوبات بهم. وسنعلن بشفافية نتائح التحقيقات التي ستجريها لجنة التحقيق".
أما رئيس الحكومة حسان دياب فقال إن "ملف التحقيق أولوية ونتائجه يجب أن تكون سريعة، لتكثيف عمليات انتشال الضحايا والبحث عن المفقودين ومعالجة الجرحى، وتأمين مأوى موقت لأصحاب المنازل المتضررة، وإطلاق عملية سريعة لمسح الأضرار، وصرف مساعدات عاجلة لإصلاح الأضرار، وتأمين مساعدات لترميم المنازل والمكاتب". وتابع: "البلد يعيش أزمة وطنية. أتمنى على الجميع وقف السجالات والانصراف للتعامل مع الكارثة التي أصابت البلد. وعلى المستوى الإعلامي، المطلوب أن تكون هناك مسؤولية وطنية في هذه اللحظات العصيبة التي يعيشها لبنان.. اليوم نحن كلنا عمّال في ورشة عمل لمعالجة تداعيات الكارثة". وأضاف دياب: "هذا وقت العمل ليلاً ونهاراً لنخفّف عن الناس وعن البلد، وأطلب من الوزراء أن يشاركوا جميعاً في ورشة العمل. الكل معني بتقديم وقت وجهد للمساعدة. اليوم امتحان الانتماء للبلد، وتقديم مصلحة الوطن كأولوية على كل شي".
قرارات الحكومة
في نهاية الجلسة، أقرّ مجلس الوزراء جملة من توصيات المجلس الأعلى للدفاع. وهي:
- إعلان بيروت مدينة منكوبة.
- استنادا إلى المادة 3 من قانون الدفاع رقم 102 والمواد 1 و2و3 و4 من المرسوم الاشتراعي رقم 52 تاريخ 5/8/1967، إعلان حالة الطوارئ في مدينة بيروت لمدة أسبوعين قابلة للتجديد أي من 4/8/2020 لغاية 18/8/2020. وتمارس السلطات المختصة الصلاحيات المنصوص عنها في المرسوم الاشتراعي رقم 52/1968 كما وبالاستناد إلى المادة 3 من هذا المرسوم الاشتراعي، تتولى فوراً السلطة العسكرية العليا صلاحية المحافظة على الأمن وتوضع تحت تصرفها جميع القوى المسلحة بما فيها قوى الامن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك ورجال القوى المسلحة في الموانئ والمطار وفي وحدات الحراسة المسلحة ومفارزها بما فيها رجال الإطفاء، وتقوم هذه القوى بواجباتها الأساسية وفقاً لقوانينها الخاصة وتحت إمرة القيادة العسكرية العليا .
كما تختار السلطة العسكرية العليا بقرار بعض العناصر من هذه القوى لتكليفها بمهام خاصة تتعلق بعمليات الأمن وحراسة النقاط الحساسة وعمليات الإنقاذ .
كما تبنى المجلس:
- تخصيص اعتمادات للمستشفيات لتغطية النفقات الاستشفائية للجرحى.
- دفع التعويضات اللازمة لعائلات الشهداء على أن تحدد قيمتها لاحقاً.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها