الجمعة 2020/08/21

آخر تحديث: 19:59 (بيروت)

ما علاقة حزب الله بالمالك الحقيقي لسفينة الأمونيوم؟

الجمعة 2020/08/21
ما علاقة حزب الله بالمالك الحقيقي لسفينة الأمونيوم؟
لم يُعرف السبب الحقيقي لمجيء السفينة "روسوس" إلى مرفأ بيروت (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

أصبحت سفينة "روسوس" محط أنظار العالم، لتسببها في واحد من أقوى الانفجارات التي شهدتها المعمورة في مرفأ بيروت. وبعد أن أظهرت سجلات الشحن أن السفينة بدأت رحلتها من مرفأ باتومي في البحر الأسود يوم 23 أيلول 2013 متوجهةً إلى بييرا في موزمبيق، وعلى متنها طاقم مؤلف من ثمانية أوكرانيين وروسي، كشفت مجلة "دير شبيغل" الألمانية بالتعاون مع الشبكة الإعلامية المسماة "مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد"، وهي منظمة إعلامية غير ربحية تأسست في عام 2006، عن تفاصيل جديدة حول هوية مالك السفينة التي غيرت وجه بيروت.

المالك الحقيقي
أظهرت الرواية التي انتشرت بعد وقوع الكارثة في المرفأ، أنه قبل أن تكمل "روسوس" وجهتها، طرأت عليها مشاكل فنية، كان من الضروري معها أن ترسو في مرفأ بيروت، ولكن السلطات اللبنانية منعتها من الإبحار. وهناك رواية أخرى مختلفة قليلاً بأن السفينة عرّجت على مرفأ بيروت، حيث خضعت لفحص فني من قبل سلطات المرفأ، وقيل إن الخبراء اكتشفوا عيوباً كبيرة بالسفينة وقرروا منعها من مواصلة رحلتها.

وكان قبطان السفينة الأوكراني بوريس بروكوشيف، قد أكد أنها مملوكة لرجل أعمال روسي يُدعى إيغور غريتشوشكين ويعيش في قبرص. وأن سفينته كانت تحمل 2750 طناً من مادة نترات الأمونيوم شديدة الخطورة، من النوع المستخدم في صنع المتفجرات، بمستوى تخصيب بالنيتروجين يقارب 35 في المئة.

إلا أن المجلة الألمانية تزعم، أن تحقيقاتها أثبتت أن المالك الحقيقي للسفينة هو رجل الأعمال القبرصي المدعو شارالامبوس مانولي، الذي حافظ على علاقة مع مصرف في تنزانيا كان يستخدمه حزب الله سابقاً. وسط ترجيحها اختفاء كمية كبيرة من نترات الأمونيوم المخزنة في مرفأ بيروت قبل الانفجار المشؤوم.

تزوير الملكية
وفق النتائج التي توصلت إليها المجلة، بذل مانولي قصارى جهده لإخفاء ملكيته لسفينة "روسوس". ورتبت إحدى شركاته لتسجيل السفينة في مولدوفا. في حين صدقت شركة أخرى في جورجيا تُدعى "Maritime Lloyd "على صلاحية سفينة الشحن المتهالكة للإبحار. وفي النهاية، استأجر المواطن الروسي إيغور غريتشوشكين السفينة عبر شركته "Teto Shipping"، المسجلة في جزر مارشال.

إلى ذلك، كشفت المجلة أنه حين استجوبت شبكة "الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد" مانولي، ادعى في البداية أن السفينة بيعت إلى غريتشوشكين، لكنه عاد وأقر لاحقا أن الرجل الروسي حاول شراءها فقط. بعد كل هذا الصخب، عاد مانولي وامتنع عن إعطاء أي تفاصيل، رافضاً تقديم أي معلومات أخرى.

أعطى غريتشوشكين الأوامر لطاقم السفينة بالتوقف بشكل مفاجئ في بيروت أثناء نقلها شحنة نترات الأمونيوم من جورجيا إلى موزمبيق. ولم يُعرف السبب الحقيقي وراء هذا الأمر المثير للشبهات، على الرغم من أن المستأجر ادعى أنه لم يعد يملك ما يكفي من المال لدفع ثمن المرور عبر قناة السويس، ولهذا احتاج إلى استلام شحنة إضافية من بيروت لتسليمها إلى الأردن. وحسب تقرير صادر عن وزارة النقل اللبنانية، كانت الشحنة تتألف من 12 شاحنة كبيرة، و 15 صغيرة، وحاوية بسعة 40 قدم، وحاويتان بسعة 20 قدم.

كما بات معلوماً، كان من المقرر أن يتم تخزين أسطول المركبات على سطح السفينة. لكن المشاكل بدأت أثناء تحميل المركبة الأولى بينما كانوا يحاولون وضعها على سطح السفينة. ولاحقاً لم تغادر "روسوس" بيروت أبداً، لا سيما بعد أن تحركت شركتين يدين لهما مانولي بالمال، بما في ذلك شركة كان مانولي قد استأجر منها في السابق مولداً للسفينة، من أجل الاستيلاء على سفينة الشحن تلك، فضلاً عن أن السلطات اللبنانية في مرفأ بيروت وجدت بأن السفينة غير قادرة على الإبحار.

مصرف مشبوه في تنزانيا
تشير المجلة الألمانية أن تحقيقاتها تظهر عدم علم السلطات اللبنانية بأن مانولي هو المالك الحقيقي لسفينة الموت.لا سيما وأن اسمه لم يظهر في أي من المراسلات المتعلقة بتلك القضية. وعلى عكس غريشوشكين، الذي استأجر السفينة، كان لدى مانولي روابط وعلاقات تجارية في لبنان.

وتضيف المجلة أن بعض السجلات القضائية أظهرت أن مانولي حصل على قرض عام 2011 بمبلغ 4 ملايين دولار من مصرف FBME التنزاني لشراء سفينة أخرى من جزيرة سخالين التي تقع قبالة الساحل الشرقي لسيبيريا. واللافت أن هذا المصرف ارتبط اسمه بعمليات غسل أموال، حين اتهمه محققون أميركيون بالعمل كواجهة من أجل غسل أموال لحزب الله. كما أظهرت التحقيقات أن من عملاء هذا المصرف المشبوه أيضاً شركة سورية عملت كواجهة للنظام السوري ولأطراف على علاقة ببرنامج الأسلحة الكيماوية في دمشق.

بعد شهر واحد وحسب من حصوله على القرض، تخلفت شركة "Seaforce Marine Limited"، التابعة لشركة مانولي الرئيسية، ومقرها جزيرة بليز في أميركا الوسطى، عن سداد الدفعة الأولى. وما كان بمانولي إلا أن عرض "روسوس" كضمان، لكن المصرف اشتبه بأن مالك السفينة يريد بيعها، لذا عمد إلى مصادرة ممتلكات عقارية تابعة له في قبرص.

تُظهر وثائق مصرف FBME الداخلية أن مانولي لا يزال مديناً للمصرف المذكور بمبلغ 962 ألف يورو في الديون المستحقة بتاريخ تشرين أول 2014. هذا، وينفي مانولي أي علاقة بين ديونه وحقيقة أن سفينة الشحن قد توقفت في بيروت. ومع ذلك، يشير أحد المحققين إلى أن مصرف FBME يشتهر بالضغط على المقترضين المتخلفين عن السداد من أجل تقديم خدمات لعملاء مشكوك فيهم مثل حزب الله.

شركة موزمبيق لصناعة المتفجرات
إضافةً إلى كل ما ذُكر آنفاً، تلفت المجلة أن شركة "موزمبيق لصناعة المتفجرات"، المشتري الرسمي لشحنة نترات الأمونيوم، التي كانت على متن السفينة، ما زالت تخضع لتحقيقات أيضاً. فقد أجرت السلطات الإسبانية تحقيقاً في شركة Moura" "Silva e Filhos، التي تمتلك 95 في المئة من "شركة موزمبيق لصناعة المتفجرات"، فيما يتعلق بالهجمات الإرهابية في مدريد عام 2004. ورغم عدم تمكن السلطات من إدانة الشركة بمساعدة الإرهابيين، كشف المحققون أن 785 كيلوغراماً من المتفجرات لم تكن مدرجة في دفاتر الشركة.

تقول خبيرة تهريب الأسلحة الأميركية كاثي لين أوستن، في حديثٍ مع المجلة الألمانية، إن الشركة تحافظ على اتصالات وثيقة مع الزمرة الحاكمة في موزمبيق، من بين آخرين. وهنا تذكر المجلة باستغراب عدم مطالبة الشركة بشحنة الأمونيوم التي تقطعت بها السبل في بيروت حتى قبل أن تصادرها السلطات اللبنانية، خصوصاً أن سجلات التحقيق لا تظهر أي محاولة من قبل الوسيط لاستعادة الشحنة التي كانت قيمتها الأصلية 700 ألف دولار. وبالمثل، لم يبذل مانولي أي جهود لاستعادة سفينته، التي غرقت في النهاية خارج مرفأ بيروت في شباط 2018.

ما هي الكمية التي انفجرت؟
لم يعترف أحد بدفع ثمن الشحنة ولم يحاول أحد استعادتها. لذلك تم تخزين المواد الكيميائية شديدة الانفجار لمدة ست سنوات في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت. حدث كل ذلك، رغم تحذير السلطات، لا سيما مسؤولي الجمارك، مراراً وتكراراً، بضرورة إزالة نترات الأمونيوم من المرفأ.

أثار تفتيش آخر على الشحنة في ربيع 2020، أجراه جهاز أمن الدولة اللبناني، شكوكاً حول ما إذا كانت كمية الـ 2750 طناً من نترات الأمونيوم لا تزال موجودة. وحذروا من أن إحدى بوابات العنبر كانت مفقودة وأن هناك فجوة كبيرة في الجدار الجنوبي. وجاء في تقريرهم "في حالة حدوث سرقة، يمكن للجناة استخدام هذه البضائع كمتفجرات". لكن يبدو أن مسؤولي أمن الدولة لم يحسبوا أو يقيسوا الكمية الدقيقة من نترات الأمونيوم التي بقيت في العنبر حينذاك.

وتكشف المجلة في الختام أنه رغم عدم وضوح مقدار كمية نترات الأمونيوم التي انفجرت يوم 4 آب وتسببت بالدمار الهائل. يفترض مسؤولو المخابرات الأوروبيون المشاركون في التحقيق أنها كانت تتراوح بين 700 و 1000 طن.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها