الأربعاء 2020/06/03

آخر تحديث: 14:59 (بيروت)

امتحان السبت وتسريب محضر.. يفرز مجموعات تشرين يميناً ويساراً

الأربعاء 2020/06/03
امتحان السبت وتسريب محضر.. يفرز مجموعات تشرين يميناً ويساراً
لم تحسم المجموعات رأيها بعد بين المشاركة من عدمها (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
هناك رغبة عند جميع مجموعات تشرين بالعودة إلى الشارع، والانطلاق بتحركات شعبية مجدداً. لكن اختلاف الرؤى السياسية بينها وتعدد الأجندات بات عميقاً. والفرز السياسي بينها بات محتماً.

تسريب محضر الاجتماع
كثفت المجموعات اجتماعاتها لحسم المشاركة في تحرك يوم السبت المقبل. وعقدت 18 مجموعة اجتماعاً في هذا الصدد يوم الإثنين المنصرم، حضره المرصد الشعبي لمحاربة الفساد، ومجموعة شباب المصرف، وتجمع الشبيبة الديمقراطي، وتكتل أوعَ، ولحقي - العمل المباشر، وبيروت مدينتي، ومنظمة العمل الشيوعي، والحركة الشبابية للتغيير، والجمهورية الثالثة، وعن حقك دافع، والثورة أنثى، ومجموعة لبنان ينتفض Streets، والحزب الشيوعي، وعاملون/عاملات فن وثقافة، وعامية 17 تشرين. لكن المجموعات تفاجأت بتسريب مسودة محضر الاجتماع، علماً أن المجتمعون لم يتوصلوا إلى اتخاذ أي قرار. وكان يفترض إعادة بحث المسودة بشكل موسع مع باقي المجموعات، للاتفاق على الخطوات في حال تقررت المشاركة.

كان من المفترض عقد اجتماع ثانٍ مساء الثلاثاء لحسم النقاش وكل النقاط الواردة في مسودة المحضر، التي أعدت لتوزيعها على المجموعة الموسعة. وبعد طرحها على هذه المجموعة، عبر منصة المحادثة الفورية التي تضم نحو 45 شخصاً، قام أحدهم بتسريبها. ما أحدث بلبلة في صفوفهم ولم يعقد الاجتماع. ووفق معلومات "المدن"، الشخص الذي تحوم حوله الشبهة مرتبط بمجموعة تسمى "تحالف قوى الثورة". وهي ليست من المجموعات التي تنسق في تحركات العاصمة مع باقي المجموعات، ولم تكن حاضرة الاجتماع. علماً أن هذه المجموعة لها صلات غامضة تمتد من بعض رموز تيار المستقبل إلى بهاء الحريري على السواء. ولم يعرف كي دخل هذا الشخص المسرِّب على مجموعة المحادثة الفورية أساساً، وفق ما أكدت المصادر. 

بين السبت والجمعة.. وإسقاط الحكومة
ووفق معلومات "المدن"، ما زالت بعض المجموعات تراوح عند نقطة أن تحرك السبت أتى بدعوة من حزب الكتائب، وحزب سبعة ومجموعة خط أحمر للضغط من أجل إجراء انتخابات نيابية مبكرة. لذا ترفض المشاركة. في المقابل، أصرت مجموعات أخرى على ضرورة المشاركة في التحرك وعدم ترك الساحة.. والنزول بكثافة تحت شعارات 17 تشرين والدعوة لإسقاط الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة أخرى مستقلة بصلاحيات استثنائية، لمعالجة الأزمة الاقتصادية والانهيار المالي، ووضع قانون انتخابي جديد، والتحضير لانتخابات نيابية مبكرة لإعادة تشكيل السلطة. وجرى البحث في إطلاق التحركات بدءاً من يوم الجمعة المقبل.

ورغم أن كل المجموعات الحاضرة تتفق على ضرورة تشكيل حكومة جديدة، ووضع قانون انتخابي جديد، إلا أن بعض المجموعات رفضت إطلاق شعارات اسقاط الحكومة. ومن هذه المجموعات الحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي ولحقي والحركة الشبابية للتغيير وتكتل أوعَ وشباب المصرف. لكن موقف الشيوعي ولحقي ومنظمة العمل الشيوعي مختلف عن باقي المجموعات، فهم مع اسقاط الحكومة بشكل عام لأنها تمثل المنظومة الحاكمة، بينما يعتقدون أن موازين القوى لا تسمح برفع هكذا مطلب، هذا فضلاً عن أن إسقاط الحكومة سيؤدي إلى الخراب كما بررت منظمة العمل الشيوعي. كما أن رفضهم لرفع هذا الشعار محصور في يوم السبت فحسب، لمعرفة موازين القوى التي قد يفرضها التحرك. 

أما باقي المجموعات الرافضة لهذا المطلب فرفضها له مبدئي وبشكل قاطع. وتفضل رفع شعارات استقلالية القضاء وغيرها من المواقف الجزئية. وعزت المصادر السبب إلى ارتباطات تلك المجموعات بحزب الله وببعض ضباط الحقبة السورية التي نشطت في المرحلة السابقة لخلق مجموعات في الثورة.

خلافات أيديولوجية
لم تؤخذ في الاجتماع أي قرارات، ولم تحسم المجموعات رأيها بعد بين المشاركة من عدمها. لذا ستشارك المجموعات الراغبة وحسب. وعلمت "المدن" أن مجموعات الحركة الشبابية للتغيير وأوع وشباب المصرف، وبعد أن قطعوا وعداً بالمشاركة يوم السبت، عادوا وعدلوا وجهة نظرهم لصالح عدم المشاركة بذريعة أن هذا النشاط سياسي ولا يطال المطالب الاجتماعية والمعيشية. وهنا، تعتبر المصادر أن هذا الموقف عدا عن أنه يعبر عن أجندة سياسية لمرجعية هذه المجموعات، أي حزب الله، ثمة تضارب في الرؤية السياسية بين المجموعات. 

طرح الحزب الشيوعي المشاركة يوم السبت وتنظيم مسيرة إلى أمام مبنى صندوق النقد الدولي، لكن مجموعات أخرى ترى في هذا المطلب منحى سياسياً وأيديولوجياً يعبر عن أن الشيوعي يرى الأزمة في لبنان محصورة بالنظام المصرفي والمصرف المركزي ولا يرى أن الأزمة متشعبة وأن "حكم المصرف" جزء منها فحسب. وهي تمتد من سلاح حزب الله وصولاً إلى القطاع العام وكل الزبائنية والهدر فيه، وما بينها من سرقة للمال العام ونهب لمقدرات الدولة عبر صفقات التلزيمات وغيرها. لذا رفضت أكثر من مجموعة هذه المسيرة، ورُفضت في المقابل اقتراحات تسيير مسيرات من أماكن أخرى تنتهي في ساحة الشهداء. 

بعض المجموعات مثل عامية 17 تشرين وغيرها طرحت إقامة خيم في ساحة الشهداء من يوم الجمعة، لكن معظم المجموعات رفضت الأمر. ولم يحسم الموضوع مثل غيره من النقاط العالقة. لكن يوم السبت وطبيعة المشاركة قد تغير في وجهات النظر. وقد تعود المجموعات لنصب الخيم من جديد.

تضارب الأجندات
تتحسب المجموعات من أن القوى السياسية الداعية ليوم السبت لها قدرات مالية وإعلامية ضخمة قد تستغل المشاركة الشعبية لطرح أجندة الانتخابات النيابية المبكرة، كمطلب أساسي للرأي العام، في وقت ضرب الجوع عائلات لبنانية كثيرة، وفي وقت فقد أكثر من نصف اللبنانيين وظائفهم. لكن هذا لا يعني ترك الساحة لتلك القوى، بل العكس يجب الدعوة للمشاركة بكثافة لقطع الطريق على تلك المطالب المتسرعة. 

وتشير المصادر إلى أن طبيعة النقاشات الدائرة ستؤدي إلى فرز سياسي بين المجموعات. إذ بات من الصعب التوفيق بين الأجندات الموجودة، وخصوصاً تلك المرتبطة بحزب الله وببعض ضباط الحقبة السورية. كما أن التطرف الذي تبديه بعض المجموعات وموقفها من النظام الاقتصادي الحر أو فكرة تأميم المصارف، لا يتعايش مع أفكار المجموعات التي ترى بالنظام المالي والمصرف مجرد جزء من الأزمة. 

طبيعة النقاشات الدائرة باتت مضنية وتعيق التقدم نحو وضع برنامج سياسي متماسك للمرحلة المقبلة. فبعد فشل عقد الاجتماع مساء الثلاثاء استمرت المجموعات في نقاش المشاركة من عدمها حتى صباح اليوم الأربعاء، على منصة المحادثة الفورية الضيقة من دون جدوى. وهو دليل على عدم وجود نقاط مشتركة في العمل السياسي. بل أن المصلحة في تنظيم تحركات في الشارع هي الوحيدة التي تجمعهم. لذا، ستشهد الأيام والأسابيع المقبلة إعادة فرز للمجموعات المشاركة وفق رؤى سياسية متفق عليها. لكن إمكانية قيام جبهة سياسية ما زال مستحيلاً، وهذا سيصعب المخاض.   

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها