الأحد 2020/05/31

آخر تحديث: 13:49 (بيروت)

الراعي للمطالبين بتغيير النظام: ذريعة للقضاء على لبنان

الأحد 2020/05/31
الراعي للمطالبين بتغيير النظام: ذريعة للقضاء على لبنان
الراعي: "المطلوب المحافظة على جمال صيغة العيش معاً" (الوكالة الوطنية)
increase حجم الخط decrease

بعد الكلام الذي تفوه فيه المفتي أحمد قبلان، يوم عيد الفطر، قائلاً: "أصل نشأة لبنان تم على أساس طائفي واستبدادي، بوظيفة خدمة المشروع الاستعماري والاحتكاري، وهذه الصيغة قد انتهت"، معلناً سقوط "الطائف"... وبعد الكلام الشائع عن الفيدرالية أو "المؤتمر التأسيسي"، جاء رد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد 31 أيار، ليظهر حال لبنان اليوم، جماعات وطوائف تعيد النظر في الكيان والهوية والنظام السياسي الذي تتصوره، ما يدل على التأزم الكبير والعميق الذي يهدد أسس الجمهورية في ذكراها المئوية.

وقال الراعي: "جيلنا يفتقر إلى الصلاة بنوع خاص. فالإنسان الذي لا يصلي، لا يعبد الله بل ذاته؛ ولا يصغي إلى صوت الله بل إلى مصالحه؛ ولا يسمع حاجات الناس بل أنانيته ومكاسبه غير المشروعة؛ ولا يتردد في أعماقه صدى صوت لبنان الحضاري ذي الخصوصية الراقية، بل صدى الروح الطائفية والمذهبية المستوردة والبغيضة. هنا مكمن الفساد السياسي والمالي والإداري عندنا. وهذا ما أوصل بلادنا إلى الإفلاس، وإلى المأساة المعيشية والاجتماعية التي نعيشها. وهذا ما شوه وجه لبنان الشراكة والرسالة والدولة المدنية الوحيدة في الشرق، التي تفصل بين الدين والدولة، من دون أن تفصل بينها وبين الله. فالدولة المدنية في لبنان تحترم جميع الأديان وشرائعها وتضمنها، كما تنص المادة التاسعة من الدستور. فلا دين للدولة في لبنان، ولا أي كتاب ديني مصدر للتشريع المدني، ولا استئثار لأي مكون من مكوناته بالسلطة السياسية بكل وجوهها. أما خصوصية الدولة المدنية في لبنان فهي نظامه الديموقراطي، وحرياته العامة، وميثاقه الوطني للعيش معاً، مسيحيين ومسلمين، بالولاء الكامل والاستئثاري للوطن اللبناني، وهذا الميثاق هو روح الدستور، وهو مترجم في صيغة المشاركة المتساوية والمتوازنة في المؤسسات الدستورية والإدارات العامة".

وأشار الراعي: "ثمة من يطالب بتغيير النظام، فيما المطلوب أولا التغيير في السلوك، والكف عن خرق النظام، وانتهاكه بالأنظمة الموازية. والمطلوب المحافظة على جمال صيغة العيش معا والولاء للوطن والتعاون في إدارة شؤونه، ورفع الحمولات الزائدة على هذه الصيغة، والتعاون في خدمة المؤسسات العامة وتحريرها من المحاصصات القاتلة. وعندها يعود لبنان دولة نموذجية في هذا الشرق. فلا نحمله ممارساتنا وأخطاءنا، ولا خروجنا عن الدستور والميثاق والصيغة والقانون، ولا نحمله خصوصا رهاناتنا على الغرباء، كل الغرباء".

وأضاف: "نرفض أن تتحول عملية تطوير النظام اللبناني إلى ذريعة للقضاء على لبنان، هذا الخيار التاريخي بخصوصياته. إن لبنان الدولة المدنية والشراكة والرسالة موجود منذ مئة سنة. فلا يخترع اليوم من العدم والفراغ. كان لبنان قبل أن نكون، وسيبقى بعدنا. لبنان أمة موجودة في التاريخ والحاضر، وفي الجغرافيا والوجدان، وقد تأسست بالإرادة والنضال. وحدها الحقيقة التاريخية تبقى، أما الباقي فمرحلي وزائل. لذا يدعونا الواجب للدفاع عن هذا الكيان. نذرنا أنفسنا للبنان حراً وللبنانيين أحراراً. معا يعيشون، ومعا يقاومون كل احتلال وتعد، بقيادة الدولة وشرعيتها وجيشها. لبنان كقيمة ثمينة لا يزال يثير اهتمام الأسرة الدولية، وبالتالي ليس دولة متروكة ومستباحة. فلا يحق للجماعة السياسية أن تتصرف في شؤون البلاد والمواطنين بقلة مسؤولية، وبذات الروح التي أوصلت الدولة إلى الحضيض".

الملاحظ في عظة البطريرك، عدم ذكره لـ"اتفاق الطائف" أو "المناصفة"، متعمداً التركيز على "الدولة المدنية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها