الثلاثاء 2020/05/26

آخر تحديث: 16:31 (بيروت)

شامل روكز بحركة عسكرية - سياسية ضد "العهد"

الثلاثاء 2020/05/26
شامل روكز بحركة عسكرية - سياسية ضد "العهد"
يعقد روكز لقاء موسعاً مع العسكريين يوم الأربعاء أمام مكتبه في جونية (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

مهّد العميد السابق شامل روكز لجمع العسكريين المتقاعدين بمؤتمر صحافي، عقده  قبل نحو أسبوعين، ودان فيه الطبقة السياسية كلها. واعتبر أن الثورة على النظام القائم على ​المحاصصة​ والطائفية والزبائنية، والتلطي خلف "حقوق المسيحيين" و"حقوق المسلمين"، ضرورية ومحقة. فالنظام القائم ما عاد صالحاً، وعندما يجوع الشعب وتفرغ جيوب الناس وبطونهم، تصبح الثورة والانقلاب والتمرد سبلاً مشروعة لاسترداد الكرامة الوحيدة، على ما قال روكز.

مبادرة روكز ووجهاها
وتواصل روكز مع الضباط العسكريين المتقاعدين، فعقدوا اجتماعاً موسعاً في مكتبه الأسبوع الفائت، لتوحيد صفوفهم، خصوصاً أنهم منقسمون سياسياً وطائفياً، وبينهم من لديه طموحه السياسي الخاص، فيجمع خلفه شطراً العسكريين السابقين.

كان روكز يعتمد على قدامى العونيين في حراكه السياسي ضد صهر العهد، الذي سيطر على التيار الوطني الحر، واقصى المؤسسين مستنداً على المتنفّعين وأصحاب المصالح. أما إقدامه على جمع العسكريين وتوحيد صفوفهم، فيجعل حراكه السياسي مستنداً إلى حراكهم في الشارع، هم من لم يبارحوه منذ العام 2017، وشاركوا في تحركات انتفاضة 17 تشرين كلها. وهم على خلاف المجموعات المدنية، متراصون تنظيمياً خلف الضباط، ويتحركون كقطاعات عسكرية في التظاهرات والاحتجاجات، وفق ما تقول مصادر مطلعة لـ"المدن".

مواقف روكز متقدمة - تقول مصادر مطلعة - وقرأها قدامى العونيين المنشقين والمطرودين والضباط، كإشارة لهم بأن معركته باتت مفتوحة في اتجاهين: ضد العهد ووليّه باسيل، الذي أضر بكل نضال العونيين السابق. وضد المنظومة الحاكمة في لبنان عامةً. علماً أن هذه المواقف جاءت بعد مقاطعة زوجة روكز، كلودين عون قصر والدها الرئاسي منذ مدة غير قصيرة. فالمرحلة السابقة شهدت خلافات بين أجنحة العائلة العونية، أدت إلى تمرد الصهر العسكري على عمه والصهر الآخر "المدني".

البلبلة حرفةُ باسيل الوحيدة
استراب العونيون الباسيلون من نشاط روكز. فهو قادر على حشد العسكريين العونيين وسواهم، وكذلك وسائل الإعلام أكثر بكثير من باسيل، الذي لا يجيد سوى إحداث بلبلة أو نزاع مع هذا الزعيم الطائفي أو ذاك، ليشد عصب جمهوره، على ما أشارت المصادر.

وغيرة باسيل وحسده من روكز ونشاطه، تمتد أسبابهما إلى انفراط الجمهور العوني وأزمات التيار المتلاحقة. وهذا ما  دفع بعض العونيين المأزومين أصلاً، إلى فبركة برقية فرع المعلومات عن اجتماع روكز برئيس حزب الكتائب سامي الجميل والمحامي واصف الحركة. وأشاع آخرون أن روكز اجتمع مع السفيرة الأميركية التي دعته إلى توحيد صفوف العسكريين للنزول إلى الشارع. فالدعاية العونية التي بثت تلك الشائعات، غايتها مزدوجة: تأليب الضباط ضد روكز، خصوصاً أن في صفوفهم موالين لبعض الجهات الحزبية، مثل حركة أمل وحزب الله والعونيين. وقطع الطريق أمام روكز لتشكيل تحالفات موسعة مع الجهات السياسية والمجموعات المدنية الناشطة في انتفاضة 17 تشرين، كما قالت مصادر.

لجنة مبادئ
ورغم كل ما قيل عن توحّد الضباط والعسكريين بمعية روكز، والتوافق على وثيقة مبادئ عامة وقّعها الضباط الحاضرون - وكان عددهم نحو 50 ضابطاً - نفى رئيس الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى العميد السابق مارون خريش الأمر. ولفت في حديث لـ"المدن" إلى أن الاجتماع لم يخلص إلا إلى تشكيل لجنة تواصل، لوضع الأسس والمبادئ. فكل ضابط وضع تصوره، وهناك اختلافات في وجهات النظر. وستجتمع اللجنة لوضع المبادئ ليصار إلى تنظيم اجتماع آخر لهم مع روكز لتثبيتها.

خريطة طريق
ثمة خوف بين الضباط من تزعم أحدهم هذا الحراك. فضلاً عن خوف البعض من تزعم روكز الذي لم ينضم إلى الثورة إلا بعد المؤتمر الصحافي. وفي هذا الإطار، يعتبر العميد السابق سامي رماح في حديث لـ"المدن" أن روكز اتخذ مواقف متقدمة مؤخراً، وأعلن استقلاليته عن العهد، ودان كل المنظومة السياسية الفاسدة. لذا لبى الضباط دعوته واتفقوا معه على أسس للمرحلة المقبلة قائمة على جمع العسكريين في إطار موحد لتحقيق أهداف الثورة. فالعسكريون لم يعد هدفهم تحقيق مطالبهم الخاصة السابقة فحسب، خصوصاً أن أكبر ضابطهم رتبة  لم يعد راتبه يساوي أكثر من 500 دولار.

ووفق رماح وضع روكز في المؤتمر الصحافي خريطة طريق وطنية لإنقاذ لبنان. وتوافقوا معه على أسسٍ مثل استقلالية القضاء وقيام دولة القانون والمؤسسات وتطبيق مبدأ فصل السلطات، وتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين ذات صلاحيات استثنائية لمكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين، واستعادة الأموال المنهوبة والموهوبة والمهربة، ودعم المؤسسات الأمنية لتمكينها من بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، والسعي لإقرار قانون انتخابات عصري وإجراء انتخابات نيابية مبكرة ينتج عنها مجلس نواب يمثل كل اللبنانيين.

سلاح حزب الله
هذا الاجتماع الموسّع هو الأول من نوعه بين الضباط للتوافق على آلية لتوحيد صفوفهم. وطرح العديد منهم هواجسه، حتى أن البعض أراد الاتفاق على فكرة أن يسلّم حزب الله سلاحه، فرفض بعضهم الفكرة. لكن لم يحصل خلاف على هذا الموضوع بينهم، وتم تجاهله، خصوصاً أن السلاح بات إقليمياً، ولا قدرة لأحد على حل هذا الموضوع.

ورغم بعض التباينات بين الضباط حول قضايا سياسية وتنظيمية  أدت إلى انقسامهم سابقاً في تحركات انتفاضة تشرين، أكد رماح وخريش أن جميع الضباط دعوا العسكريين والرتباء من كل المناطق إلى لقاء موسع مع روكز يوم غدٍ الأربعاء أمام مكتبه في جونية عند الساعة الخامسة مساء لطرح هواجسهم عليه.

وبينما يصرّ رماح على أن الجميع ينبذ الخلافات، واتفقوا على المبادئ العامة، يعتبر خريش أن الخلاصات التي ستصل إليها لجنة التنسيق المكلفة وضع الأسس والمبادئ، ستحدد مصير توحد العسكريين في جسم واحد في المرحلة المقبلة.

العسكريون والمدنيون
لكن هل يستطيع لقاء العسكريين، في حال خلص إلى إطار موحد، الاتفاق مع المجموعات المدنية والسياسية في انتفاضة تشرين؟
التنسيق بين العسكريين والمجموعات في التحركات على الأرض، حصل في السابق وتوافقوا على إقفال جميع مداخل مجلس النواب خلال جلسة الثقة. فالمشكلة مع العسكريين ليست في التنسيق، بل في الرؤية السياسية، قالت بعض المجموعات.  

وإذ يشدد رماح وخريش على أن مشاركتهم في انتفاضة تشرين لم تكن لتحقيق مطالبهم الخاصة، بل لإسقاط منظومة الفساد التي حكمت البلاد طوال العقود الفائتة، لفتت بعض المجموعات إلى أن التنسيق مع العسكريين على التحركات الميدانية قائم منذ أول أسبوع اندلعت فيه الانتفاضة. والمشكلة القائمة بين العسكريين والمدنيين هي ذاتها القائمة بين المدنيين أنفسهم. إذ لا يوجد توافق على طبيعة الصراع في المرحلة المقبلة. فالبعض يعتبر أن المرحلة هي لتثوير الشارع أكثر فأكثر لإسقاط النظام، والبعض الآخر يعتبر أن الأولوية هي الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة لإعادة تشكيل مجلس نيابي جديد تنبثق عنه سلطة جديدة.

وصحيح أن الجميع يتفقون ضد السلطة والحكومة ويعتبرون أن المجلس النيابي الحالي نسخة عن منظومة الفساد والهدر والنهب، إلا أنهم لا يتشاطرون فكرة تحريك الشارع لإسقاط الحكومة الحالية. ورغم ذلك، بدأت المجموعات والعسكريين بالبحث لتنظيم تحرك شعبي كبير في الأسبوعين المقبلين، سيكون منطلقاً لإعلان العودة إلى الشارع. ورغم ذلك يتخوف البعض من فشل هذا التحرك في ظل عدم وجود رؤية سياسية موحدة. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها