الإثنين 2020/02/24

آخر تحديث: 16:15 (بيروت)

ائتلاف "التغيير الديموقراطي": جناح الممانعة اليسارية والقومية في الثورة!

الإثنين 2020/02/24
ائتلاف "التغيير الديموقراطي": جناح الممانعة اليسارية والقومية في الثورة!
هل هو "نسخة مشوّهة عن الحركة الوطنية" (المدن)
increase حجم الخط decrease
مع بدء تراجع الرخم الشعبي في التظاهرات، وبعد دخول انتفاضة 17 تشرين شهرها الخامس، بدأ الإرباك يصيب الأحزاب والمجموعات الناشطة في الساحات. فبدلاً من تشكيل جبهة معارضة تضم القوى السياسية والشبابية لمواجهة أحزاب السلطة المتكاتفة على الرغم من خلافاتها، بدأت التكتلات الفئوية تلتف على نفسها، مدعيةً في الوقت نفسه انفتاحها على التغيير الديمقراطي!

لقاء البيت الواحد
يصب في هذا المنحى التفاف الحزب الشيوعي اللبناني مع التنظيم الشعبي الناصري ومع الحزب الديمقراطي الشعبي وحزب الطليعة وشخصيات "وطنية" ممانعة وبائدة، لإطلاق "لقاء التغيير من أجل لبنان الديمقراطي". 

وحتى لو أتى هذا اللقاء - المؤتمر الذي دعت إليه هذه القوى يوم الأحد 23 شباط الجاري، تحت شعار "نحو قيام أوسع ائتلاف لكل قوى التغيير الديمقراطي"، فإن البعض يعتبر هذا اللقاء بمثابة انفتاح بعض أفراد البيت الواحد على بعضهم الآخر. فمن نظم ودعا وكتب وفكر وناقش هم أهل البيت اليساري والناصري والبعثي ذاته، "مكتفين بتوجيه الدعوات للمجموعات الشبابية والناشطين في انتفاضة 17 تشرين للاستماع والتصفيق"، على ما قال أحد المشاركين في اللقاء.

وهو لقاء يساري - قومي يستنسخ جبهة الممانعة ويقدمها بصيغة ما بعد ثورة 17 تشرين، أو على أبعد تقدير، على ما أشار أحد المعترضين عليه، هو "نسخة مشوّهة عن الحركة الوطنية" المنقرضة، والتي تعود إلى مرحلة السبعينات من القرن الماضي، وجمعت قوى سياسية هيمنت على السلطة والشارع آنذاك، ومختلفة جذرياً عما يصل اليوم. 

مجموعات 17 تشرين
المجموعات الفاعلة في تظاهرات 17 تشرين، والتي تواصلت معها "المدن"، رحبت بهذا اللقاء على قاعدة أي لقاء يعقد ضد السلطة الحاكمة ويطمح للتغيير مرحب به. فالأولوية هي لحماية الثورة ومكتسباتها. والوقت ليس لتوجيه انتقادات قد تستفيد منها قوى السلطة. لذا يتعاطى الجميع بإيجابية، رغم اعتقاد سائد أن اللقاء "ممانع" بحت وبين "أهل البيت الواحد"، وبالتالي "لا يغني ولا يسمن" في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان، والتي تستدعي من الجميع تشكيل جبهة سياسية عريضة تضم مختلف الأطياف. 

حضر اللقاء ممثلون عن معظم المجموعات الناشطة. لكن مشاركتهم أتت لتلبية الدعوة ولا علاقة لهم بتنظيم اللقاء ولا بالأفكار السياسية التي خرجت به. فقد تلقوا دعوات ولبوها لأنهم منفتحون على أي لقاء يهدف لتجميع قوى الاعتراض. ورغم اعتبار البعض أن اللقاء يساري بغلبة ممانعة، وقد يستعيد تجميع القوى الممانعة والانقاسامات السابقة، إلا أنهم لا يريدون الحكم عليه مسبقاً، في انتظار ما ستحمله الأيام والأسابيع المقبلة. 

أحد الحاضرين اعتبر أن اللقاء قد يستعيد الانقسام البائد بين 8 و14 آذار وينتشل شخصيات "ممانعة" لتعويمها، في وقت لفظت الساحات تلك الانقسامات السياسية. 

حزب الله وسلاحه
يعتقد البعض أن المشكلة مع "الشيوعي" وباقي القوى الحاضرة، أنهم يحصرون الأزمة بالسياسات المالية والاقتصادية، ولا يحددون من الذين رهنوا البلد للصراعات الدولية من الأميركيين إلى الإيرانيين والسعوديين، وصولاً إلى النظام السوري. ويضيف هؤلاء أن خروج حزب الله عن سياسية النأي بالنفس ودخوله في الحرب السورية، بات سلاحه إقليمياً، وليس للمقاومة المشروعة التي لا يستطيع أي عاقل في العالم الوقوف ضدها. لقد حوّل حزب الله لبنان إلى قاعدة خلفية لإيران. وهذا برر للأميركيين التدخل لحصار الحزب ولبنان. 

الأميركيون ليسوا بحاجة لعذر أو ذريعة للتدخل، لكن حزب الله والنظام الإيراني والسوري، يقاتلون الأميركيين الذين يريدون السيطرة والهيمنة والقمع ونهب الثروات وإحداث الانقسامات بين الشعوب. وسلاح حزب الله يدافع عن أنظمة الاستبداد والقمع وإفقار المجتمعات، وإدارة صراعات طائفية ومذهبية مثلما يفعل الأميركيون. أي أنهم يقدمون للأميركيين المنطقة عاجزة ومدمرة ومفككة، تسهّل تدخلاتهم. 

أما الانتفاضة فتجاوزت الانقسامات والمناطق - يضيف المعترضون متسائلين - فهل نعقد مثل تلك المؤتمرات التي نرى فيها السير خطوة إلى الوراء، أم نخطو إلى الأمام؟ ويضيفون: نفهم أن التنظيم الناصري يريد الخروج من قوقعته الصيداوية، لكن إلى أين يريد الحزب الشيوعي الذهاب؟ ولن تقوم لليسار قائمة إذا لم يغادر منظومة حزب الله ويخرج من عباءة المقاومة، ويذهب إلى خيار وطني ديمقراطي جامع، بعيد عن تصنيفات الحرب الأهلية، ويفكر بالسياسة والاقتصاد بشكل متكامل.

ففي كل دول العالم السياسة في خدمة الاقتصاد. وصحيح أن الاقتصاد في خدمة الطبقة السياسية في لبنان. لكن هل رياض سلامة هو من يحكم البلد ويشكل الحكومات، ويقر قوانين الانتخابات ويعيّن النواب؟ يتساءل المعترضون. 

طغيان الممانعة
خرج اللقاء بتوصيات كثيرة، منها تصعيد الانتفاضة الشعبية، رفضاً لسياسات الحكومة الجديدة، وضرورة تطهير القضاء وتحريره، والالتزام بحماية مصالح الفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة من انهيار سعر صرف الليرة، والتمسك ببناء اقتصاد وطني منتج، وصيانة الحريات العامة، وتحرير القرار السياسي من التبعية للخارج، وإقرار قانون انتخابي نسبي، وسن قانون مدني موحد لأحوال الشخصية... لكن طغيان الطابع "اليساري القومي الممانع" يفقد اللقاء وقواه سياسة اجتماعية تمنحه بعداً وطنياً جامعاً. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها