الأحد 2020/02/23

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

حروب عون "الوجودية": تصفية الحساب مع جنبلاط وبرّي

الأحد 2020/02/23
حروب عون "الوجودية": تصفية الحساب مع جنبلاط وبرّي
سيعتمد التيار العوني الباسيلي حملة سياسية تزيد من الشحن المذهبي والطائفي (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
لم يكن مشهد التوتر بين العونيين والجنبلاطيين في كليمنصو يوم الخميس 20 شباط الجاري، عفوياً ولا مفاجئاً. وللأسف لن يكون المشهد الأخير.
فالقوى السياسية في لبنان، على تناقضاتها واختلافاتها، لم تعد تجد سوى هذه الطريقة من الاستنفار الطائفي والمذهبي والحزبي، لشدّ عصبياتها وتحصين نفسها شعبياً. وخصوصاً بعد انفضاض الناس من حولها.

الصدام بين العونيين والجنبلاطيين، يخدم الطرفين شعبياً في منظورهما. هما يحتاجان إلى "حرب وجود"، أو إلى إشعار البيئة المناصرة بالتهديد لتأمين التكاتف والتعاضد. والمشهد قد يتكرر في غير منطقة، وقد يؤدي إلى صدامات أعنف وأكبر. في بيروت تبقى الأمور مضبوطة نسبياً، لكن الخطر الأكبر من تمددها إلى الجبل، خصوصاً أن الشحن والاعتصاب هدفهما زيادة الاحتقان الذي قد يجعل أي صدام يتطور إلى مشكلة داهمة.

سياسة العداوة
يحتاج التيار االعوني دائماً على عدو أو خصم. فهو يعيش على العداوة والخصومة، وبدونهما يتلاشى، ولا يمكنه الاستمرار في التحشيد الشعبي والسياسي حوله، والنابع من إشعار أنصاره بالخوف والتهديد.

غاية عون من هذا تحقيق المزيد من الأهداف السياسية: توسيع مروحة المواجهات، أولاً مع حاكم مصرف لبنان والمصارف لتحميلها مسؤولية الأزمة المالية والاقتصادية، في تعامٍ مفضوح عن حقيقة الأزمة السياسية والسياسات الحكومية التي نجمت عن التسوية الرئاسية التي تسيّدها التيار العوني. وذلك لوضع يده على الهندسات المالية، مقدمة لإزاحة رياض سلامة. ويريد التيار العوني إلقاء مسؤولية الانهيار على الآخرين. وهو يستعد لحملة مستمرة في المرحلة المقبلة ضد خصومه السياسيين، لتحميلهم مسؤولية الانهيار كاملاً.

تحطيم السِّيبة الثلاثية
قبل مدة طمأن رئيس الجمهورية سائليه إلى الوضع السياسي، قائلاً إن الأزمة الاقتصادية عابرة وتمرّ. لطالما توعّد عون خصومه السياسيين. وحالياً حصرهم بنبيه بري ووليد جنبلاط وسعد الحريري. فعون وباسيل يعتبران أن الحريري خرج من المشهد السياسي حالياً. وهو في أضعف حالاته، بعدما تمكنا من استنزافه إلى حد إخراجه من المعادلة، وتطويقه في خارجها. وهو لن يكون قادراً على معارضة قوية، حفاظاً منه على علاقته بحزب الله، وحماية بعض مصالحه في الدولة، وحماية خطّ العودة إلى السلطة.

لذا، لا بد من تركيز الهجوم العوني - الباسيلي على نبيه بري ووليد جنبلاط، اللذين يصفانهما بأنهما، مع الحريري، ركيزة السيبة الثلاثية.

ولا يفوّت عون جلسة إلا ويكرر فيها إصراره على تصفية الحساب مع وليد جنبلاط ونبيه بري. سابقاً كان قد طمأن بعض سائليه عن وجهة التحركات والتظاهرات الشعبية ومآلها، فقال:" أصبحت موالية لي، والأيام ستثبت ذلك، وستكون وجهة المتظاهرين الأساسية مواجهة جنبلاط وبري والمرافق المحسوبة عليهما والموسومة بالفساد".

لن تتوقف المعركة العونية عند هذا الحدّ، بل ستترافق مع حملة سياسية عنيفة، وترخي بظلال التوتر على الأفق السياسي والشعبي في البلاد.

فقبل أيام كرر عون إصراره على فتح ملفات مجالس وهيئات محسوبة على خصومه، لمحاسبتها ومحاسبتهم: مجلس الجنوب، الهيئة العليا للإغاثة، مصرف لبنان، مجلس الإنماء والإعمار، طيران الشرق الأوسط، وغيرها.

استمرار التوتر والانهيار
ولا بد أن يترافق فتح هذه الملفات مع حملة سياسية تزيد من الشحن المذهبي والطائفي والتوتر السياسي الذي قد ينعكس صدامات على الأرض. وهذا ما تتخوف منه جهات عديدة في المرحلة المقبلة. وخصوصاً أن أي عمل أمني أو صدام في الشارع، يخدم القوى السياسية، ويشتت الناس التي تصر على الاستمرار في تحركاتها وتظاهراتها.

وما تتخوف منه مصادر متابعة، هو أن العمل الأمني في هذه الحال يكون ملاذاً للقوى الطائفية وتقويتها. هذا فيما خلُص وفد صندوق النقد الدولي إلى أن الوضع في لبنان عصيّ على أي حلّ، والأزمة أكبر وأعمق مما كانت تصوراته. لذا تحمل الأيام المقبلة المزيد من التوتر والعنف، والمزيد من الترهل والانهيار. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها