الأربعاء 2020/10/07

آخر تحديث: 00:00 (بيروت)

"هآرتس": مفاوضات لبنان وإسرائيل على مثال تركيا واليونان

الأربعاء 2020/10/07
"هآرتس": مفاوضات لبنان وإسرائيل على مثال تركيا واليونان
التنمية الاقتصادية لا تجسد أولوية قصوى لدى حزب الله (Getty)
increase حجم الخط decrease

سيبدأ التفاوض في ظل الإعلان عن التوصل لاتفاق إطار بين لبنان وإسرائيل من أجل ترسيم الحدود البرية والبحرية، عبر اجتماعات وقنوات مستقلة، يقوم في إطاره الجانب الأميركي بالحديث مباشرةً مع كلٍّ من لبنان وإسرائيل، على سبيل الوساطة، بينما ترعى الأمم المتحدة هذا التفاوض. لكن، هل هذا يعني فعلاً وجود فرضية تَحول المفاوضات التي سيكون في صلبها جهة معنيّة بالدستور، وبإشراف خبراء في القانون الدّولي، إلى فتح المسار أمام التطبيع الكامل للعلاقات؟

تراجعات تكتيكية
تجيب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية على هذا الموضوع، لا سيما أن الإعلان عن المفاوضات كان كفيلاً بتوجيه أصابع الاتهام إلى حزب الله، من الفريق المعارض له، وبعض مناصريه، باتهامه بالتطبيع مع إسرائيل، وأن معركته ليست مع العدو، إنما لتغيير هوية لبنان. وأنها خطوة في مسار التطبيع بعد أن كان الحزب رافضاً بشكلٍ قاطع الإعتراف بحدود لبنان مع إسرائيل. وبرأي الصحيفة، ما المفاوضات بين اليونان وتركيا وبين إسرائيل ولبنان إلا تراجعات تكتيكية وليست بداية لحلول سلمية.

سَبق اتفاق لبنان وإسرائيل، وهما دولتان في حالة حرب من الناحية الفنية، توصل تركيا واليونان، اللتان بدتا على شفا الحرب رغم كونهما تنضويان تحت راية حلف الناتو، إلى اتفاقٍ مشابه على مفاوضات لحل نزاعاتهما الإقليمية. وهنا لا بد من طرح سؤال مهم: هل يمكن أن تكون هذه التطورات بالنسبة لشرق البحر الأبيض المتوسط بدايةً صغيرة لشيء إيجابي هائل؟

بَيد أن الإجابة على هذا السؤال ليست بالأمر اليسير، فلا أحد يدري ما يخطط له الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو أمين عام حزب الله حسن نصر الله. لذلك تستبعد الصحيفة تفكير الرجلّين بالمعادلة التالية "الشروع بصفقة تتيح تطوير مورد طاقة ثمين واستغلاله لصالح الجميع".

أردوغان وسياسة القوة
أصبح الغاز في شرق البحر المتوسط أساس التعاون بين إسرائيل ومصر وقبرص عبر منتدى غاز شرق المتوسط. لكنه من ناحيةٍ أخرى، أضحى مصدراً للاحتكاك، ويرجع ذلك أساساً، وفق "هآرتس"، إلى اختيار تركيا سياسة عدوانية ليس للمطالبة بمساحات شاسعة من مياه شرق البحر الأبيض المتوسط كمنطقة اقتصادية خالصة لها وحسب، ولكن أيضاً عبر إرسال سفن حفر مصحوبةً بسفن حربية تدعمها.

حتى أسابيع قليلة مضت، كان الجزء الأكبر من التحركات التركية يستهدف قبرص. ثم ما لبث أردوغان، بعد اتفاق اليونان ومصر على الحدود البحرية، في شهر آب المنصرم، أن حوّل انتباهه إلى اليونان. تبع ذلك إرسال تركيا سفينة المسح الزلزاليّ "أوروتش رئيس" إلى بحر إيجه. وإرسال الدولتان سفناً حربية إلى المنطقة وإجراء مناورات عسكرية. وعند تدخل الناتو، وافق أردوغان في منتصف أيلول المنصرم، على إعادة استدعاء السفينة إلى الوطن، ومن هناك اتفق البلدان على بدء المحادثات. ومع ذلك، فإن الخطاب العدواني لتركيا في التعامل مع المحادثات، كما تراه تل أبيب، لا يبدو وكأنه تكتيك تفاوضي، بل يحمل نوايا مبّيتة مفادها أن أنقرة لا تريد التفاوض على الإطلاق.

وتعتبر الصحيفة أن سياسة أردوغان في شرق البحر المتوسط لا تتعلق بالغاز الطبيعي بقدر ما تتعلق بالقومية العدوانية وسياسات القوة. فلقد كانت عمليات الاستكشاف التي أجرتها تركيا في المناطق التي تطالب بها اليونان وقبرص كمناطق اقتصادية خالصة، مصحوبةً بخطاب حول "الوطن الأزرق" لتركيا، لإحياء الأمجاد العثمانية. وبالفعل أرسل أردوغان رسالة مماثلة إلى إسرائيل الأسبوع الماضي عندما تحدث عن القدس قائلاً "هذه المدينة لنا".

بحثاً عن الخلاص
أما على الجانب اللبناني، فتؤكد الصحيفة أن المنطق نفسه ينطبق على موافقة لبنان على المحادثات مع إسرائيل. ففي ظل الفراغ الحكومي، يفتّش لبنان عن الأرباح الاقتصادية، لما لها من دورٍ في انتشاله من أزمته الخانقة، وإنعاشه وسداد ديونه، خصوصاً أن حلفاء الحزب، أي سوريا وإيران، يشهدان حالة يُرثى لها.

من الناحية النظرية، سيعطي الاتفاق مع إسرائيل على المنطقة المتنازع عليها، وهي عبارة عن مثلث، تبلغ مساحته 860 كيلومتر مربع من المياه، واقع في شرق البحر الأبيض المتوسط، دفعةً للاقتصاد اللبناني ويساعده على سداد ديونه الهائلة. ونذكر في السياق، أنه خلال عام 2018، دعا لبنان إلى تقديم عروض لاستكشاف عدة بلوكات من مياهه البحرية للحصول على مصادر الطاقة. واشترت شركات "توتال" و"إني" و"نوفاتاك" حقوق استكشاف البلوك رقم 9، الذي يضم جزءاً من المنطقة المتنازع عليها. 

وتضيف الصحيفة أن استخراج الغاز بالنسبة للبنان، ليس بعيد المنال كما هو الحال بالنسبة لتركيا، وإذا كان الأمر متروكاً للتكنوقراط، الذين من المفترض أن يديروا البلد الصغير، فقد يتوصل الطرفان (لبنان وإسرائيل) إلى اتفاق. لكن الواقع يشير إلى معطيات مغايرة تماماً، إذ أظهر انهيار آخر حكومة تكنوقراط في لبنان، أن حزب الله هو الذي يدير البلاد بالفعل. وهكذا يمكن القول أن التنمية الاقتصادية على حساب أي شيء يشبه التطبيع مع إسرائيل، لا تجسد أولوية قصوى للحزب.

لبنان نحو الزوال؟
وبينما ترقد المبادرة الفرنسية في غرفة العناية الفائقة، فيما تتكثف الجهود لانقاذها من الموت، لا يختلف إثنان على أن الجميع يتهيب تداعيات سقوط المبادرة الفرنسية، خصوصاً أن كل التقارير تشير الى أن الأزمات ستبلغ مداها. وبهذا الخصوص، تحدث هيكو ويمين، مدير مشروع مجموعة الأزمات الدولية في العراق وسوريا ولبنان، مع شبكة "سي إن إن" الأميركية، حول خطورة الوضع في لبنان، معتبراً أن بيروت تشهد "لعبة عالية المخاطر" اشتدت في الفترة التي سبقت الانتخابات الأميركية.

وتابع شارحاً "عملية التفاوض والتوصل إلى صيغة سياسية صعبة للغاية، لأن هناك الكثير من الأشياء المجهولة. عندما يكون هناك الكثير من الأمور المجهولة وأنت تعلم أنه قد يكون هناك تغيير كبير على بعد أربعة أسابيع وحسب، فمن غير المرجح أن تتخذ خطوة وتتحمل المخاطر في هذه المرحلة".

ولفت ويمين أن استخدام بومبيو للعصا تزامناً مع تلويح ماكرون بالجزرة، ساعد في دفع مفاوضات تشكيل الحكومة إلى طريقٍ مسدود. مضيفاً "إنها رسائل غامضة، وحزب الله لا يعرف حقاً ما تريده الولايات المتحدة، وإلى أي مدى هي على استعداد للذهاب في المواجهة".

وحول احتمال وصول جو بايدن إلى سدة الرئاسة، قال ويمين "إذا فاز المرشح الديموقراطي جو بايدن. فلن يكون هناك تغيير كبير في السياسة الأميركية. إنهم (أي حزب الله) يعرفون ذلك جيداً. لكن بطريقة ما، ستتم إعادة خلط الأوراق إذا سارت الأمور على هذا النحو".

وعَرض ويمين توقعاته عن لبنان مع اقتراب رفع الدعم عن السلع الأساسية بالقول "توقعاتي هي فترة جديدة من المشاكل المستعصية والاستقطاب. قد نشهد تدهوراً تدريجياً للدولة.. انزلاقاً تدريجياً إلى بلد به فسيفساء من مناطق تخضع للسيطرة ومناطق أخرى متفلتة، وهذا أمرٌ خطيرٌ للغاية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها