كان برّي واضحاً بأن دوره ينتهي عند حدود إعلان هذا الاتفاق، بوضع الإطار العام ورسم المسار للآلية التفاوضية. وبعدها يتسلم الملف -وفق الدستور- رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية، أي الحكومة اللبنانية. بالإضافة إلى الجيش اللبناني، المعني بشكل مباشر في عمليات الترسيم ومالك الخرائط اللازمة. لهذه الغاية، حضر قائد الجيش جوزيف عون مؤتمر برّي، وكذلك وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال، زينة عكر، كما حضر قائد قوات اليونيفيل.
من اتفاق الهدنة إلى اليوم
وقد أعلن برّي، في مؤتمره صحافي، أن "اتفاق الهدنة بين لبنان والكيان الإسرائيلي وقع عام 1949 بإشراف الأمم المتحدة ومشاركة كولونيل أميركي. كما تم ترسيم الخط الأزرق على الخطوط البرية برعاية اليونيفيل وانطلاقاً من تفاهم نيسان. وإثر التأكد من وجود غاز ونفط في الحدود البحرية، انطلقت شخصياً منذ العام 2010، أي منذ عقد من الزمن مطالباً الأمم المتحدة بترسيم الحدود البحرية، ورسم خط أبيض في البحر المتوسط الأزرق. وإثر تردد الأمم المتحدة وتمنّعها، بل وطلبها مساعدة الولايات المتحدة، بادرت لطلب المساعدة شخصياً. ولذلك قمت بالتواصل مع سفرائها حين تناوب على هذا الملف من الأميركيين، فريدريك هوف 2011-2013، آموس هوكستاين 2014-2016، ديفيد ساترفيلد 2018-2019 وأخيرا ديفيد شينكر عام 2020. والجدير بالذكر أن زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى لبنان واللقاء بيننا، أعاد الملف إلى طاولة البحث، بعد أن تعطل لفترة طويلة وذلك في 22/3/2019".
ولفت إلى أن "المبادرة التي تمسكت ويتمسك بها لبنان، لوضع إطار للمفاوضات هي: تفاهم نيسان، قرار مجلس الأمن 1701، وأن تكون الاجتماعات في مقر الأمم المتحدة وبرعايتها وتحت علمها، وتلازم المسارين براً وبحراً، حيث لا ينفذ أي محضر براً أو بحراً إلا بتوقيع الجهات الثلاث، خصوصاً اللبناني. وهذا الذي سأتليه اليوم هو اتفاق إطار، وليس اتفاقاً نهائياً، سيتولاه الجيش وضباطه، برعاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وأي حكومة عتيدة. بعد اليوم إنتهى عملي".
ورقة اتفاق الإطار
وتلا برّي "الإطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود في 22 أيلول 2020: تدرك الولايات المتحدة أن حكومتي لبنان وإسرائيل مستعدتان لترسيم الحدود البحرية.
وعليه جاء نص اتفاق إطار التفاوض، وفق ما يلي: فيما يخص حدود الجنوب، سيتم ترسيمها استناداً للتجربة الإيجابية للآلية الثلاثية وحالياً بموجب القرار 1701، التي حققت تقدماً في مجال القرارات حول الخط الازرق. وثانياً فيما يخص الحدود البحرية، سيتم عقد اجتماعات في الناقورة تحت راية الأمم المتحدة، برعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، والموفد الأميركي، ومستعدان لإعداد محاضر الاجتماعات بصورة مشتركة، ستوقع وتقدم إلى اسرائيل ولبنان للتوقيع عليها. وطُلب من الولايات المتحدة من قبل اسرائيل ولبنان أن تعمل كوسيطة ومسهل لترسيم الحدود البحرية الاسرائيلية. وحين يتم التوافق على الترسيم، سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الأمم المتحدة، عملاً بالقانون الدولي. وعند التوصل إلى اتفاقيات في المناقشات، بشأن الحدود البرية والبحرية سيتم تنفيذها وفقاً للتالي: الحدود البرية وفقاً لما يتعلق بالخط الأزرق. وعلى الحدود البحرية بالاستناد إلى الحد البحري للمناطق الاقتصادية الخاصة للبلدين، وتعتزم الولايات المتحدة بذل قصارى جهودها للمساعدة في تأسيس جو إيجابي وبناء، والمحافظة عليه، لإدارة المفاوضات واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن".
العقوبات والتلزيم
وأعلن برّي "إذا الله وفق الجيش ولبنان، وإذا نجح الترسيم، فهناك مجال كبير جداً خصوصاً في بلوك 9 و8 كل الاستكشافات التي حصلت، تذكر ذخراً في المواد اللازمة. وهذا سيساعد لبنان في موضوع سداد الدين"، مبيناً أن "الاتفاق حصل بناريخ 9/7/2020 ولم يكن هناك وقتها عقوبات، ولا علاقة له بوضع العقوبات على علي حسن خليل وغيره".
وأضاف: "أنا بَرّيٌ ما بحلاش على الرصّ. ولبنان كله من هذا الشكل، ونحن متمسكون بالمبادئ، ومتفقون عليها مع فخامة الرئيس وصولاً إلى كل لبنان"، موضحاً أنه "حصل تأخير حتى من بعد التلزيم. ولم يحصل تأخير بالتلزيم. ولكن كان المفروض أن يبدأ الاستكشاف والحفر السنة الماضية. وأعتقد أن عدم الاتفاق على هذا الإطار الذي أتكلم عنه، كان هو أحد أسباب لتأخير. والوعد قبل آخر العام أن تبدأ شركة توتال بالتنقيب. وأنا قلت للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يتمنى على توتال عدم التأخير. وهذا التفاهم يساعد الشركة على أن تبدأ". ولفت إلى أن "اسرائيل الآن بعيدة 25 متراً فقط. ولبنان تم استضعافه كثيراً. لبنان اليوم بشعبه وجيشه ومقاومته لا يمكن لأحد تهديده على الإطلاق. نريد حقوقنا وليس أكثر من ذلك. وأنا لست أحرص من غيري على هذا الأمر. الأمر يتطلب خبرة وممارسة. هذا اتفاق إطار يدل على الطريق فقط".
وعن العقوبات الأميركية، أوضح برّي أن "علي حسن خليل أصبح أقرب إليّ بعد العقوبات من قبلها. ولا علاقة له بموضوع ترسيم الحدود"، معتبراً أن "لبنان عمره 6 آلاف سنة، ولا يزال في مرحلة التأسيس"!
ترحيب إسرائيلي - أميركي
بعيد كلام برّي، أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، أن "إسرائيل ولبنان سيجريان محادثات بوساطة أميركية، لإنهاء نزاع حدودي بحري طويل الأمد بين البلدين، اللذين يخوضان حرباً رسمياً"، مرجحاً أن تجري المحادثات "بعد عطلة العيد اليهودية، التي تنتهي في التاسع من شهر تشرين الأول". وقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن "ترحيبها بقرار بدء محادثات لبنانية إسرائيلية حول الحدود"، مشيرة إلى أن "المشاورات بين لبنان وإسرائيل تمهد للاستقرار والأمن والازدهار".
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن أن "هذه الاتفاقية التاريخية بين الجانبين توسطت فيها الولايات المتحدة. وهي نتيجة ما يقرب من ثلاث سنوات من المشاركة الدبلوماسية المكثفة من قبل السفير ديفيد ساترفيلد، ومساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر". ولفت بومبيو إلى أن "هذا الاتفاق يؤمن للجانبين إطار عمل مشترك للمناقشات البحرية، لبدء المناقشات التي من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من الإستقرار والأمن والإزدهار للمواطنين اللبنانيين والإسرائيليين على حد سواء"، مؤكداً أن "إعلان اليوم خطوة حيوية إلى الأمام تخدم مصالح لبنان وإسرائيل والمنطقة والولايات المتحدة".
وذكر أن "البلدين طلبا أن تشارك الولايات المتحدة كوسيط وميسّر في المناقشات البحرية"، مشدداً على أن "الولايات المتحدة تتطلع إلى بدء مناقشات الحدود البحرية قريباً، والتي ستعقد في الناقورة تحت علم الأمم المتحدة، وسيستضيفها موظفو مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لشؤون لبنان (UNSCOL). وإدراكاً للتجربة الإيجابية للآلية الثلاثية، تتطلع الولايات المتحدة أيضا إلى محادثات منفصلة على مستوى الخبراء لتحديد القضايا العالقة المتعلقة بالخط الأزرق، والتي تعد خطوة إيجابية أخرى لتحقيق الاستقرار الإقليمي".
شينكر: إلا حزب الله
وفي وقت لاحق، أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر، أنه "لن يتم التفاوض مع "حزب الله" نهائياً فيما يخص ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل"، لافتاً إلى أن "هذا الاتفاق التاريخي سيساعد في حل المشكلة النهائية في لبنان".
عون وباسيل
وبعد موقف الوزير الأميركي، أعلن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية أن "فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رحّب بالإعلان الذي صدر عن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو عن التوصل إلى اتفاق إطار للتفاوض على ترسيم الحدود برعاية الأمم المتحدة وتحت رايتها، وبوساطة مسهّلة من الولايات المتحدة الأميركية"، مشيراً إلى أنه "سوف يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة وفقاً لاحكام المادة 52 من الدستور، بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض، آملاً من الطرف الأميركي ان يستمر في وساطته النزيهة".
من جهته، علق رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، الذي يرقد في المستشفى، على ملف ترسيم الحدود البحرية، معتبراً أن "اليوم يبدأ لبنان مرحلة جديدة من استعادة حقوقه، ولكن بالتفاوض هذه المرّة.. إذا كان اتفاق الاطار تطلّب كل هذا الوقت والجهد والتضامن الداخلي والتعاون الايجابي من المعنيين، فكيف باتفاق الترسيم واتفاق التقاسم؟". وشدد في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي، على أنه "هذه المرة علينا أن نفاوض لا على الطريقة الفارسية، ولا على الطريقة العربية، بل على طريقتنا اللبنانية، صلابة ومرونة.. صلابة بالتمسّك بالحقوق ومرونة بالعلم والحلول. القضيّة فيها مزيج من السيادة والموارد ويجب ان نعرف ان نحافظ على الاثنين ونوفّق بين الاثنين".
اليونيفيل وكوبيتش
غرد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان، يان كوبيتش عبر "تويتر" قائلاً: أخبار مهمة وإيجابية اليوم، تتمثل في قرار لبنان وإسرائيل بدء المناقشات حول ترسيم الحدود البحرية، التي ستعقد في الناقورة بلبنان تحت علم الأمم المتحدة".
من جانبها رحبت "اليونيفيل" بإعلان اليوم حول اتفاق الإطار لإطلاق مفاوضات بين لبنان وإسرائيل، حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. وأشارت اليونيفيل في بيان، إلى أنها "على استعداد لتقديم كل الدعم الممكن للجهات وتسهيل الجهود لحل هذه المسألة، وفي إطار قرار مجلس الأمن الدولي 1701، ندعم أي اتفاق بين البلدين، بما يعزز الثقة ويحفّز الأطراف على الالتزام مجدداً باحترام الخط الأزرق وعملية ترسيم الحدود الأوسع".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها