الأحد 2020/01/26

آخر تحديث: 16:26 (بيروت)

السلطة اللبنانية تبني منطقة عازلة أشبه بجدار برلين

الأحد 2020/01/26
السلطة اللبنانية تبني منطقة عازلة أشبه بجدار برلين
قرار عداء ومواجهة و"طلاق" بين الناس والسلطة (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
اتقاء من غضب اللبنانيين، وتحدياً لإرادتهم، ومنعاً لتكرار ما فعلته الحشود في محاصرة مجلس النواب، اتخذت السلطات الأمنية اللبنانية إجراءات عزل وتحصين واستيلاء على الفضاء العام ومصادرة الشوارع والساحات، لتتحول منطقة السراي وساحة رياض الصلح ومتفرعاتها وصولاً إلى كامل محيط ساحة النجمة، إلى ما يشبه "الحدود" الحربية.

وعلى غرار "المنطقة الخضراء" في بغداد، أو على صورة جدار العزل في الضفة الغربية، وأشبه أكثر بجدار برلين الذي كان يمزق المدينة الألمانية ويقسمها، ويسورها بالخوف والقناصة والألغام.. اختارت السلطة اللبنانية "الخائفة" تزنير نفسها بعوائق اسمنتية شاهقة وأسلاك شائكة، على نحو تقضم فيه مساحات ومداخل طرق لتأمين حركتها بعيداً من المواطنين، ووقاية من أي اعتصامات أو احتجاجات.

ويبدو من فظاظة المشهد ووقاحته، أن "العقل الأمني" وذهنية القلعة، ستتحكمان أكثر بعلاقة هذه السلطة مع الشعب..



والأرجح، أن هذه الإجراءات المتطرفة يُراد لها أن تؤمن الدخول والخروج إلى السراي وإلى مجلس النواب خصوصاًً، كي تعمل السلطة وفق ما تشتهي من غير إزعاج أو مضايقة. إنها سياسة إدارة الظهر لكل اللبنانيين، وسياسة فرض الأمر الواقع السلطوي من دون أي اعتبار لأي اعتراض شعبي.

هو قرار عداء ومواجهة بقدر ما هو قرار "طلاق" بين الناس والسلطة. هو مشهد يوازي خراب وسط بيروت عندما كانت ممزقة بخطوط التماس. لكن هذه المرة، أشد استفزازاً لأنه ليس انقساماً أهلياً، بل علامة على انفصال متفاقم بين الأهل والدولة. 

هذه الجدران الإسمنية وأسلاكها الشائكة هي عنف جغرافي، يوضح أن ليس لدى السلطة ما تقوله ولا ما تقدمه سوى القمع والإنكار والعداوة.
إنهم، بهذا المعنى، مغتصبون للسلطة.. وها هم اليوم يغتصبون وسط العاصمة.   
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها