الثلاثاء 2020/01/14

آخر تحديث: 13:30 (بيروت)

ثلاثاء الغضب: الرئيس الناعس والشعب المنتفض

الثلاثاء 2020/01/14
increase حجم الخط decrease
نفد صبر اللبنانيين، فعادوا إلى قطع الطرق احتجاجاً على أوضاعهم المعيشية المزرية، بعدما رمتهم الأزمة المالية طوابير أمام أبواب المصارف لتحصيل بضعة دولارات من ودائعهم ورواتبهم الشهرية. خرجوا بالمئات وقطعوا الطرق في كثرة من مناطقهم ومدنهم. 
احتجاجات في المناطق


غثيان الرئيس
تزامنت هذه الموجة من الاحتجاجات مع كلمة رئيس الجمهورية، ميشال عون، أمام أعضاء السلك الديبلوماسي ومديري المنظمات الدولية المعتمدين في لبنان، فتحدث كعادته عن الأزمة الاقتصادية والمالية، مستعيداً خطبه أو غثيانه السابق عن الفساد والهدر واللاجئين السوريين واتفاقات النفط والغاز، فيما بلغ بؤس اللبنانيين وغضبهم ذروة جديدة في الشوارع، بعدما أوصلته تفاهات السلطة السياسية إلى اليأس. 

وبدا الرئيس عون غير معني بما وصلت إليه البلاد، وبما يطالب به الناس المحتجون الذين يحملونه كغيره من أقرانه المسؤولية الكاملة عن هذه الحال. وكعادته أصر عون على اعتبار اللبنانيين يدعمونه في احتجاجاتهم بصفته "مكافحاً للفساد"، على ما يلهج في خطبه منذ وصوله إلى قصر بعبدا في نهاية ثمانينات القرن العشرين. وأعتبر الرئيس في كلمته الأخيرة أن "محاولات استغلال بعض القوى السياسية التحركات، أدت إلى تشتت بعضها وأفقدتها الوحدة التي انطلقت منها للمطالبة بإحداث التغيير". كأنه هو من أطلق الاحتجاجات ويريد وحدتها! 

يلعبون كرة قدم على طريق بعبدا


ليل الموجة الثانية
افتتح اللبنانيون أسبوع الغضب في موجته الثانية - التي توعّدوا بها السلطة، بعدما وجّهوا تحذيرات تجدد شعلة الغضب يوم الثلاثاء 14 كانون الثاني الجاري - باحتجاجات ليلية قطعت الطرق في صيدا وبيروت. ففي صيدا عمدت فرق الجيش اللبناني إلى فتح الطرق وتفريق المتظاهرين بالقوة، فسقط جرحى واعتقل بعض المحتجين. وأظهرت مقاطع الفيديو التي تناقلها الصيداويون عنف تعامل الجنود ومخابرات الجيش مع المتظاهرين: راحوا يركلون المتظاهرين، كلما استفردوا بأي منهم، فينهال عليه عشرات مهم، كأنهم قبضوا على مجرم يطاردونه. وفي بيروت طالت الاحتجاجات جسر الرينغ الذي قُطع اتجاهاه. وبدت لافتة مشاركة شبان الخندق الغميق في احتجاجات الرينغ. 

وقام بعض متظاهري بيروت بقطع الطريق أمام مصرف لبنان في الحمراء، وعملوا على تحطيم الجدران الخشبية أمامه، ونقلوا أكياس الرمل إلى وسط الطريق، داعين إلى ملاحقة حاكم المصرف رياض سلامة وسوقه إلى السجن. 

خريطة الاحتجاجات
ومع انطلاق أسبوع الغضب هذا عاد الطلاب إلى الإضراب في المناطق اللبنانية، فشاركوا منذ صباح اليوم في الاحتجاجات وقطع طرق. وبدا لافتاً عددهم الكبير في المناطق المسيحية، لاسيما جونية التي أقفلوا ساحتها العامة، وانتقلوا إلى قطع الأوتوستراد.

وشمل قطع الطرق مناطق الجدَيْدة وجل الديب وجبيل، وفرن الشباك، وانتقلت من صيدا إلى البقاع والمتن والكورة وطرابلس وصولاً إلى عكّار. 

بالمئات خرج اللبنانيون في هذه المناطق، تتقدمهم أعداد من الطلاب. ويذكر المشهد "بالثورة" الطلابية التي قامت في الأسابيع الأولى من اندلاع انتفاضة 17 تشرين. وأبرز الطرق التي قُطعت هي: الأشرفية، أوتيل ديو، أوتوستراد الهراوي، التحويطة، المدينة الرياضية، مصرف لبنان، جسر الرينغ (حيث حاول أحد المحتجين احراق نفسه)، والصيفي وفردان في بيروت. وكذلك في الحازمية، الشيفروليه، عين الرمانة، فرن الشباك الدورة، ساحة الجديدة، نهر الموت وجل الديب، جونيه، جبيل، وكفرحزير، شكا في الكورة. وفي طرابلس عادت الاحتجاجات إلى ساحة النور، وتوسعت إلى البداوي، والميناء، وجسر البالما، وأوتوستراد التبانة، والمنية، والبحصاص، وضهر العين، والزاهرية. وفي البقاع امتدت إلى كامد اللوز، وجديتا وتعلبايا. 

مواجهات مع الجيش اللبناني


إقفال مؤسسات عامة
إلى قطع الطرق، نظّم المحتجون مسيرات جابت مدناً ومناطق، فعملوا على قفل بعض المؤسسات والإدارات العامة. وطالت الاعتصامات المصارف الخاصة وفروع المصرف المركزي في بيروت وصيدا وبعلبك وطرابلس وحليا، ومبنى الواردات في وزارة المالية ببيروت، ومركز أوجيرو في جبيل ومبنى شركة الكهرباء في عمشيت. 

وعادت الاحتجاجات إلى حاصبيا، فنظّم متظاهرون مسيرات واعتصموا أمام المؤسسات العامة والمصارف.

وعمّ الغضب كثرة من المناطق، فواجه المحتجون القوى الأمنية التي تتدخل بعنف لفتح الطرق. هذا فيما ظهر عون، المتكلم من منصة قصر أحلامه، غائباً عن سماع ما تعرض له من شتائم من المحتجين طوال الأسبوع الفائت. ولم يتورع عن اعتبار "التظاهرات، وخصوصاً في بداياتها، فرصة حقيقية لتحقيق الإصلاح المنشود، لأنها هزّت المحميات الطائفية والسياسية وقطعت الخطوط الحمر، وجعلت المحاسبة ممكنة، وأعطت دفعاً قوياً للقضاء فتحرك في أكثر من اتجاه". وكأنه في هذا لا يزال يعيش في نهاية ثمانينات القرن العشرين، عندما تحصن في قصر بعبدا وأحاطه بمعتصمين، سرعان ما تركهم لمصيرهم وفر إلى باريس. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها