التنديد بالفاخوري: عرس وزغاريد تعويضاً عن صمت أبو الهول

لم تتوقف بعد موجة التنديد والإدانة الإعلامية بالعميل الإسرائيلي، آمر معتقل الخيام السابق، عامر الفاخوري. يتزاحم على المشاركة في الحملة نواب ووزراء وشخصيات تتوق إلى الحضور والحظوة، ووجهاء حركات سياسية ممانعة أو موالية لحزب الله، لا يُعرف عن بعضها أكثر من اسمها.

صمت أبو الهول
الجميع رأى في السوق الحامية فرصته للمزايدة والظهور واستلحاق نفسه بعد البلبلة التي أحدثها دخول الفاخوري إلى لبنان. والجميع يلهج ويردد في السوق الإعلامية متسائلاً: لماذا لا يزال حزب الله غارقاً في صمته عازفاً عن إصدار بيان يعلن فيه موقفه في قضية الفاخوري؟!

كأنما سكوت حزب المقاومة وخطابتها التي لا تتوقف، أفقد البشرية والكون والكواكب بوصلة تعيين اتجاهاتها، أو "كأنما الأرض فرّت من ثوانيها"، على ما كتب مسوّق زينة النساء، وغنت نجاة الصغيرة بصوتها الرقيق الخفر، المبطن بغيوم حزينة.   
وتتكاثر تحليلات وتأويلات صمت أبو الهول، وفي طليعتها أنه لا يريد حشر حلفائه في التيار الوطني الحر، وإحراجهم.

لكن بعض رجال الله أدلوا بدلو مواقفهم المنفردة في الهمروجة. فهذا عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن عزالدين يأسف في احتفال تأبيني في مشغرة "لوجود من يريد أن يشرّع أمن البلد الوطني للمخاطر مجددا"، موكلاً مهمة محاسبة الفاخوري إلى القضاء العسكري. ومثل هذا الموقف الهادئ يبدو متهاوناً لمن ينزلهم حزب النائب في منزلة العدو الإسرائيلي المقدسة عداوته والحرب عليه.

عرس أمل
بدورها استلحقت حركة أمل نفسها عبر نائبها ومذيع أقوال رئيسها في الخلق، علي بزي، الذي ألقي كلمة في احتفال في بريطانيا في الذكرى 41 لتغييب الإمام موسى الصدر، فشدد على أن "لبنان لن يكون وطنا للعملاء على الإطلاق، فهو وطن الشرفاء الذين ضحوا ودافعوا واستشهدوا من أجل الكرامة والحرية والسيادة والاستقلال". ولأن النائب البعثي الأسدي، عضو كتلة التنمية والتحرير، قاسم هاشم، لم تكن لديه مناسبة عامة ليشارك خطابياً في الموجة المتدحرجة، فقد عبر بواسطة منصة تويتر: "نثق بالقضاء العسكري الممسك بملف العميل عامر الفاخوري وإنزال أشد العقوبات في حقه، لكي تترسخ مفاهيم وطنية واضحة بانه لا يمكن ان يعتبر البعض الخيانة وجهة نظر". وعلى منواله عزف زميله النائب هاني قبيسي مغرّداً: "لا للتهاون مع العملاء، وجود العملاء على الساحة اللبنانية هو وجود صهيوني يجب التصدي له".
ويبدو أن نواب حركة أمل والتنمية والتحرير أوكلت إليهم، كل بمفرده، مهمة إثارة مسألة العمالة. فهذا النائب الصامت والمنسي الأبدي علي عسيران (وهذا لصالحه ويشكر عليه)، يُرغم على المشاركة في أهازيج عرس إدانة العمالة: "كل من تعامل مع الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن تركه، وكل من تثبت إدانته بالتعامل مع إسرائيل يجب أن يحاكم بحسب القانون".
والنائب محمد نصرالله من الكتلة إياها غرد ضجراً مستعيداً بداهات أبدية: "إسرائيل كيان عدو ومغتصب، و كل من يتعامل معه عميل وخائن، وكل محاولة لتلطيف الوصف بوصف آخر (قاصداً جبران باسيل، في الأغلب) شريك بالجريمة والخيانة".

النائب ميشال موسى منمّي بلدته مغدوشة المسالمة ومخلّصها من غرام جيرانها بها، بانتمائه إلى التنمية والتحرير قال: "التساهل في ملف العميل عامر الفاخوري غير مسموح. هناك علامات استفهام حوله، وقطب مخفية (يقصد أن حائكها جبران باسيل على الأرجح). والمطلوب إجراءات تعبر عن موقف اللبنانيين جميعاً".  

ولم تشأ أمل ترك جهازها التنظيمي خارج العرس، فانبرى رئيس هيئتها التنفيذية في إقليم البقاع مصطفى الفوعاني، يردد في احتفال شعبي بذكرى شهداء بلدة رسم الحدث: "هناك ملفات كثيرة ليس آخرها ما يتعلق بملف العميل الفاخوري. نحن منذ اللحظة الأولى كنا مؤمنين بأن هذا العميل هو أكثر صهيونية من العدو نفسه".

وجها العريضي
وقال الوزير السابق غازي العريضي في حديث تلفزيوني: "على العميل الفاخوري أن يحاسب، مع الذي أدخله إلى لبنان على حد سواء" (ربما تستلزم المسألة عشاءً ثانيا لتيمور جنبلاط  في اللقلوق). واستطرد العريضي إذ تذكر ربط النزاع مع حزب الله، بناءً على تكليف معلمه، فقال: "أميركا تعاقب أهل المقاومة وداعميها (العونيين) في الوقت نفسه، وتضغط على لبنان لإطلاق سراح العميل فاخوري".

المزغردون
وشارك في الموجة الخطابية: الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد من صيدا. والمؤتمر الشعبي اللبناني الذي لا يعرف له مكان وعزوة تبرر اسمه. وهناك حركة الأمة التي لا تتوقف عن إذاعة البيانات، من دون أن نعرف إلى أين تريد الحركة الوهمية للأمة أن تتحرك وتتجه. أما لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية فيهات أن ينجو من بيانها الدوري العميل الفاخوري. وهذا تجمع العلماء المسلمين يطلق آيات إيمانه وتضرعاته لإنزال أشد عقوبة بالمجرم العميل. وأبت لجنة حقوق المرأة اللبنانية (على مثال مؤسِّساتها وناشطاتها الشيوعيات الأبديات) إلا أن تطلق بياناً قالت فيه كلاماً رؤيوياً: "الحكومة اللبنانية أمام مسؤولية بحجم وطن إزاء مسألة العميل الفاخوري".