الخميس 2019/09/12

آخر تحديث: 18:49 (بيروت)

عميل إسرائيلي خطير عفت عنه مرجعيات سياسية لا الزمن

الخميس 2019/09/12
عميل إسرائيلي خطير عفت عنه مرجعيات سياسية لا الزمن
"يناضل" التيّار الوطني الحرّ لإصدار عفو عام عن الفارين إلى إسرائيل (الصورة: معتقل الخيام بعد التحرير، Getty)
increase حجم الخط decrease

أربكت العودة "الغامضة" لأحد أبرز عملاء إسرائيل إلى لبنان، الدولة بأجهزتها القضائية والأمنية، وحتى مكوناتها السياسية. خصوصاً، وأن عودة العميل عامر الياس الفاخوري، الذي كان يقود الكتيبة العسكرية المولجة حراسة معتقل الخيام الشهير، سبقتها "ترتيبات" أمنية وقضائية، أدت إلى حذف مذكرات التوقيف وخلاصة الحكم الغيابي الصادر بحقّه، وحالت دون توقيفه في مطار بيروت الدولي.

عاصفة شعبية
ويواجه فاخوري حكماً غيابياً صدر بحقه في العام 1998، ويقضي بسجنه مع الأشغال الشاقة مدة 15 عاماً، ويدينه بجرم الاتصال بالعدو الإسرائيلي والتعامل معه واعتقال لبنانيين وتعذيبهم، بأمر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي كانت تشرف على المعتقل وتديره بواسطة مليشيات "جيش لبنان الجنوبي" بقيادة العميل أنطوان لحد.

وأثارت عودة هذا العميل، عاصفة من ردود الفعل الشعبية، التي سألت عمّا إذا كانت عودة الفاخوري مقدّمة لإعادة أنطوان لحدّ، وكل العملاء الذين فرّوا معه إلى إسرائيل، مع انسحاب قوات الاحتلال من جنوب لبنان في 25 أيار 2000، والتي "يناضل" التيّار الوطني الحرّ لإصدار عفو عام عنهم وإعادتهم إلى لبنان. واعتبر مئات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبيتهم من جمهور "حزب الله"، أن عودة العميل فاخوري جاءت بتغطية من مراجع سياسية عليا، غامزين من قيادة التيار الوطني الحرّ ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل.

التوقيف في المطار؟
وسارعت مصادر أمنية للتخفيف من وطأة الواقعة، وأوضحت أنّ جهاز الأمن العام اللبناني "أوقف القائد السّابق لسجن الخيام في جيش أنطوان لحد المدعو عامر الياس الفاخوري منذ عدّة أيام في مطار رفيق الحريري الدولي، ولا يزال موقوفًا لغاية اليوم حيث يخضع للتحقيق بخلاف ما يتم تداوله عن دخوله الى لبنان من دون توقيفه".

تطمينات المصادر الأمنية، سرعان ما بددها مصدر قضائي، دافع بقوة عن عودة هذا العميل حرّاً طليقاً، حين أكد لـ"المدن" أن "عودة الفاخوري من دون توقيف منسجمة مع القانون مئة في المئة، لأن الجرم المحكوم به، أي الاتصال بالعدو الإسرائيلي والتعامل معه، سقط بمرور الزمن". وقال "هذا الحكم صدر في العام 1998، وقضى بسجنه مع الأشغال الشاقة 15 عاماً، لكن مع مرور عشرين عاماً على الحكم من دون تنفيذه، يصبح ساقطاً بمرور الزمن، وبالتالي يسقط الجرم عن المحكوم عليه، ولا داعي لتوقيفه وإعادة محاكمته مجدداً".

حقوق المعذَّبين والمعتقلين
وتولّى الفاخوري البالغ من العمر 56 عاماً، منصب قائد كتيبة عسكرية في مليشيات "جيش لبنان الجنوبي" بقيادة العميل أنطوان لحد، وهي الكتيبة التي تولّت حراسة معتقل الخيام الشهير، والمشاركة في إدارته وقمع اللبنانيين الذين كان جيش الاحتلال الإسرائيلي وعملاؤه يعتقلونهم. وكان الفاخوري، وقبل الانسحاب الإسرائيلي في 25 مايو (أيار) من العام 2000، قد غادر في العام 1998، إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد خلاف مع رؤسائه.
ويبدو أن مقاربة هذا الملفّ قضائياً باتت خاضعة للميول السياسية لهذا المرجع القضائي أو ذاك. إذ خالف مصدر قضائي آخر مقاربة زميله، وأكد لـ"المدن" أن "العقوبة تسقط بمرور 20 عاماً على صدور الحكم في قضية جنائية، لكن لا بدّ من التذكير بأن المحكوم عليه يجب أن يمثل أمام الهيئة القضائية التي أصدرت الحكم بحقه، وتنظر بملفّه وفي ضوء وقائع الملف ومعطياته تعلن استفادة المحكوم بمرور الزمن". وذكّر بأن "الحقوق الشخصية للمعتقلين الذي عذّبوا على يد هذا الشخص وغيره، لا تسقط بمرور الزمن، ويفترض أن يبقى موقوفاً إلى أن يلزمه القضاء بدفع التعويضات المادية والمعنوية للمتضررين، أو إسقاط حقهم الشخصي".

ولفت المصدر القضائي، إلى أن "المخالفات والجنح التي ارتكبها أشخاص أبان الحرب الأهلية، لا تزال مدونة في النشرة الجرمية، ويجري توقيف أصحابها ومثولهم أمام القضاء لتسوية أوضاعهم وتنظيف سجلاتهم، فكيف بجريمة جنائية من هذا العيار يجري ترك مرتكبها حرّاً ومن دون مساءلة؟".
وكانت صحيفة مقرّبة جداً من "حزب الله"، ذكرت أن عامر الفاخوري وصل الأسبوع الماضي إلى مطار رفيق الحريري الدولي، وقد لاحظ عنصر الأمن العام المكلَّف التدقيق في جوازات سفر الواصلين، أن عامر الياس الفاخوري الذي يحمل جواز سفر أميركي، كان مطلوباً توقيفه حسب النشرة الجرمية، ولدى التدقيق تبيّن أن قرار التوقيف جرى سحبه، وأن خلاصة الحكم الغيابي بالسجن 15 عاماً مع الأشغال الشاقة، كما مذكرات التوقيف في جرائم الخطف والاغتصاب، إضافة إلى مذكرات التوقيف غير القضائية الصادرة عن الجيش اللبناني كلها مسحوبة، ما جعل الأمن العام عاجزاً عن توقيفه، لغياب أيّ قرار قضائي يتيح ذلك.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها