هذا ما أجمعت عليه كلمات وفودٍ أمّت القصر الرئاسي الصيفي السبت الفائت، فاستقبلها عون بنصائحه ووعوده وأمنياته الخلاصية التي أثلجت صدور الزائرين. وتصدر هذه الوفود نوابٌ عن الشوف وعاليه، وضمت مخاتير ورؤساء بلديات وأعضاءها، وسواهم من بطاناتهم وحاشياتهم التي تسمى "وفوداً شعبية" في رطانة الأعراف اللبنانية السائدة.
بهجة الرئيس المبتورة
بعض التقارير الصحافية التي نقلت أخبار الزيارات والكلمات المتبادلة بين الوفود والرئيس، لخّص زبدة أقوال عون في عنوان: "لا تيأسوا من الوضع الصعب، فالخلاص ممكن". والأرجح أن الوفود التي زارت قصر بيت الدين، كان مقرراً لها أن تستمر وتتضاعف نهار الأحد، لولا حادثة الطائرتين المسيرتين اللتين سقطتا في ضاحية بيروت الجنوبية ليل السبت - الأحد، فنغّصت الحادثة المشؤومة على الوفود والرئيس استكمال ابتهاجهم بتبادل كلمات الطمأنينة ونزع القلق والمخاوف واليأس، وإغداق الوعود الخلاصية. فلبنان الإعلامي والرسمي عاش عطلته الأحدية الصيفيّة في حمى التسابق على التكهنات والتوقعات وإعلان المواقف من حادثة الطائرتين، في انتظار إطلالة الخطيب التلفزيوني للجيش السري، صاحب الكلمة الفصل في لبنان، والذي كانت إطلالته على رهطه المجتمع في بلدة العين البقاعية، مقرّرة في الخامسة بعد ظهر الأحد، في مناسبة الذكرى السنوية لـ"انتصاره على الإرهاب في معركة فجر الجرود"، بعد أسبوع من إطلالته التلفزيونية في ذكرى "انتصاره في حرب الوعد الصادق" على إسرائيل في تموز - آب 2006.
وفي إطلالته الأخيرة من العين، هدّد الخطيب وأنذر وتوعد، ثم أوكل إلى الحكومة اللبنانية أن تتحدث مع الأميركيين ليقنعوا إسرائيل بالكف عن تسيير طائراتها السيّارة في الأجواء اللبنانية، وإلا يوقف العمل بـ"قواعد الاشتباك" السارية، ويُسقط الطائرات، وليكن ما يكون. والأرجح أن من وصم الحكومة اللبنانية بالعمالة والخيانة في أيام تموز/آب السود تلك، وسماها "حكومة فيلتمان" (السفير الأميركي في لبنان آنذاك)، نسي ما قاله وردّده خلفه جمهوره ومريدوه. أما في حال عدم نسيانه "عمالة حكومة فؤاد السنيورة وخيانتها" في "حرب الوعد الصادق"، فلا بد أن يكون اليوم مطمئن إلى نصيره العماد الرئيس، وصهره ووزير خارجيته الذي يملك الثلث المعطل في حكومة الرئيس سعد الحريري الضعيف والمكبل بما يُسمى "الاتفاق الرئاسي" الذي نصّب عون رئيساً في قصر بعبدا. لكن في الحالات جميعاً ليست الحكومات ورئاسة الجمهورية في عرف خطيب الجيش السري ومذهبه السياسي - العسكري، سوى أقنعة يستعملها وولاة أمره ساعة يشاؤون، وحسب حاجاتهم في حروبهم الإقليمية والدولية الخلاصية.
خطيئة الاقتصاد الريعي
بترت حادثة الضاحية، إذاً، بهجة الرئيس ووفوده التي زارته في قصر بيت الدين. فـ"بيّ الكل"، حسب زائره السبت، النائب فريد البستاني، هو "الحضن الدافئ لكل أبنائه، والحصن المنيع لكل أبناء الوطن". و"شاهد" البستاني على ذلك "استمرار الحكم الوطني من زمن الإمارة إلى عهد الجمهورية في هذا القصر (الذي) أصبح معكم وبوجودكم فيه يمثل الحلم الذي راودنا جميعاً واستطعتم تجسيده خير تجسيد كرئيس قوي". وما ينتظره النائب البستاني من الرئيس القوي، هو "إنماء السياحة ورعاية الزراعة والصناعة وتعزيز التعليم والصحة، ووضع حدّ لمشاكل الكهرباء والمياه والنفايات (...) ليعود الجبل منارة للوطن". وجاء رد الرئيس على زائره ليؤكد أقواله، ويضيف إليها لازمته الرؤيوية للاقتصاد اللبناني: الانتقال بلبنان من "الاقتصاد الريعي (الحريري المشؤوم)، إلى الاقتصاد (العوني) المنتج".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها