الأحد 2019/08/25

آخر تحديث: 14:35 (بيروت)

تحول خطير في قواعد الاشتباك.. وحزب الله يدرس الردّ

الأحد 2019/08/25
تحول خطير في قواعد الاشتباك.. وحزب الله يدرس الردّ
فرض الحزب في مكان التفجير طوقاً أمنياً، منعاً للعبث بالأدلة (القوى الأمنية تعاين الموقع، مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

قرابة الثانية فجراً دّوى انفجار في الضاحية الجنوبية لبيروت، وسُمع في أرجاء بيروت. كان الدوي في منطقة سكنية، تقع على مثلث كنيسة مار مخايل - معوض - حي ماضي. في هذا الشارع يقع مكتب الدائرة الإعلامية في حزب الله، فتضرر وأصيب إصابات تبدو مباشرة جراء إنفجار طائرة مسيّرة، فاهتزّت الأبنية المجاورة، وتسارعت الجموع إلى مكان الحادث، بينما كان يفترض عدم التجمهر في مثل هذه الحالات، تحسباً لحصول ارتدادات أخرى.

حرب الكترونية
تفيد المعلومات الأولى المتوافرة، عن سقوط طائرة إسرائيلية مسيرة. وافتُرض سريعاً أن ما جرى هو إسقاط حزب الله لهذه الطائرة، ردّاً على الضربة التي تعرض لها في سوريا قبل ساعات. وذهبت تحليلات أخرى في اتجاه أن الحزب حاول السيطرة على هذه الطائرة الكترونياً، في إطار الحرب الإلكترونية بينه وبين الإسرائيليين. وعندما فقد الإسرائيليون السيطرة عليها قاموا بتفجيرها.

لكن الإنفجار في الضاحية، ووقعه القوي، إضافة إلى الأضرار المادية التي أحدثها، أوحى أن الأمور أكبر من ذلك، لتسببه بحريق كبير في الناحية الخلفية لإحدى البنايات. هذا دفع البعض إلى التكهن بأن ما جرى هو عملية إغتيال لأحد قادة الحزب، خصوصاً في ظل توارد معلومات عن أن هذا النوع من الطائرات، قادر على حمل متفجرات. بقي حزب الله على  صمته، فيما توجهت فرقه سريعاً إلى الموقع، وعملت على بدء تحقيقات وجمع الأدلة لتحليلها.

الحزب لم يسقط طائرة
انطوى الفجر على كلام كثير، بعضه يعتبر أن الحزب أسقط الطائرة، وحسب أحد مسؤوليه الحزبيين أن الحزب هو من أسقط طائرتين إسرائيليتين. استمر عناصر الحزب الإختصاصيون بإجراء تحقيقاتهم، وصباحاً بدأت المعلومات ترد من حزب الله. فأوضح رئيس الدائرة الإعلامية في الحزب محمد عفيف ما جرى، معتبراً أن حزب الله لم يسقط أي طائرة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية. ولفت إلى أن الطائرة الأولى سقطت من دون أن تحدث اضراراً، فيما كانت الطائرة الثانية مفخخة، وانفجرت وتسببت بأضرار جسيمة في مبنى المركز الاعلامي التابع لحزب الله في الضاحية الجنوبية. ووصف ما حصل بـ "الانفجار الحقيقي".

وتؤكد معلومات "المدن" أن طائرة الاستطلاع الأولى، قصيرة المدى في طيرانها، ما يرجح إطلاقها من البحر، وتعرضت لعطل غير معروف الأسباب، ما أدى إلى خروجها عن سيطرة غرفة العمليات الإسرائيلية، فنجح حزب الله بالاستحواذ عليها، ونقلها إلى مكان آمن لتفكيكها، ونسخ المعلومات التي تحتويها، وتكون كفيلة بإيضاح مهمتها. أما الطائرة الثانية، فتشير الترجيحات إلى أن الإسرائيليين أرسلوها لتفجير الطائرة الأولى، لكنها انفجرت أيضاً لسبب غير معروف بعد. من دون أن يسقط الحزب من حساباته أن تكون الطائرة الأولى هدفها استطلاعي، على أن تقوم الثانية بتنفيذ عملية معينة بناء على إنجاز الأولى مهمتها. وهذا كله يبقى في عهدة ما يمكن أن ينتزعه الحزب من الطائرة الأولى.

فرض الحزب في مكان التفجير طوقاً أمنياً، منعاً للعبث بالأدلة، ولاستكمال التحقيقات، فيما تركز الضرر الأساسي في مكتب الدائرة الإعلامية التي يرأسها محمد عفيف.

ويتكتم حزب الله بشدة على ما حصل، تاركاً الأمر في عهدة أمينه العام، الذي "سيردّ بقسوة ويوضح حقيقة ما جرى"، بينما يدرس الحزب كيفية الردّ، لأنه يعتبر ما جرى تحولاً خطيراً في قواعد الإشتباك. 

طائرات حربية
ويقول بعض سكان ضاحية بيروت الجنوبية أن أصوات طائرات الاستطلاع كانت تُسمع في الضاحية، منذ ساعات المساء قبل حادثة الطائرة المسيرة، مرددين: "حربي، حربي في الأجواء". والعبارة ترددت على نطاق واسع بين الشبان والسكان المؤيدين لحزب الله، لتجتاح سريعاً وسائل التواصل الإجتماعي.

وقبيل منتصف الليل، تبيّن أن "الحربي" الذي يحلق في الأجواء، يهدف إلى تأمين الضربة لبعض المواقع العسكرية التابعة لحزب الله وفيلق القدس في سوريا. وهي كانت من أشد الضربات، وترافقت مع إعلان إسرائيلي عنها، بخلاف معظم مثيلاتها السابقة التي لم يكن يتبناها الإسرائيليون.

واعتبر الجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن العملية في سوريا تهدف إلى إحباط هجوم إيراني على أهداف إسرائيلية بطائرات مسيّرة. وقال نتنياهو: "إيران ليس لديها أي حصانة في أي مكان. أعطيت التعليمات لمواجهة السيناريوهات كلها. وسنستمر في العمل ضد إيران وأتباعها بحزم". وهنا تتعدد القراءات: هل يستدرج نتنياهو حلفاءه لمساندته والدخول في حرب قد تكون قصيرة المدى، تسعفه انتخابياً، تحت شعار "الدفاع عن النفس" مما تحضّر له إيران؟ أم أنه لا يريد الذهاب إلى حرب، طالما أنه لن يكون قادراً على التحكم بمسارها وتوقيتها ومدّتها، ولا الجبهات التي ستبقى محصورة فيها؟ وبالتالي لجأ إلى هذه الضربة الموضعية في سوريا، لتعزيز حظوظه الانتخابية.

إسرائيل لن تعلق
في سوريا أدت الضربات إلى سقوط إصابات في صفوف حزب الله، وفي صفوف فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وهذا يحتّم ردّاً إيرانياً متوازياً، استناداً إلى تصريحات مسؤولين إيرانيين وآخرين في حزب الله، وعلى رأسهم أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله، الذي يعتبر أن الرد سيكون حتمياً وقاسياً، إذا ما سقط شهداء في أي ضربة.

واللافت أن وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلت أخبار الطائرتين المسيرتين فوق ضاحية بيروت الجنوبية عن وسائل الإعلام اللبنانية، وحتى الساعة لم يعلق على الحادثة أي مسؤل إسرائيلي. وقالت بعض الصحف الإسرائيلية أن إسرائيل لن تعلّق على حادثة ضاحية بيروت الجنوبية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها