الأربعاء 2019/07/17

آخر تحديث: 01:46 (بيروت)

"السيد" نواف مدافعاً عن مسيرة إلهية في خطر

الأربعاء 2019/07/17
"السيد" نواف مدافعاً عن مسيرة إلهية في خطر
الحدث، برمته، أقرب إلى شأن حزبي داخلي (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

دعونا من هذا المزاح. أن يكون السيد نواف الموسوي أباً فذلك لا يبرر له أن يقتحم مخفراً ويقاصص طليق ابنته، حتى ولو كان الطليق يتحلى بنوع نادر من الهمجية. الأبوة وحدها ليست مسوغا لتصرف كهذا. ضحايا العنف والجريمة في معظمهم لديهم أناس يحبونهم، ومنهم من هو مستعد للانتقام لهم لو كان الأمر بيده. القانون والقضاء وجدا ليقفا حائلاً بين الأطراف، كي يحققا العدالة والردع والحماية، لا الثأر. العدالة باردة، لا تنتقم. العدالة ليست بشراً، نحن البشر الذين نأخذ الأمور على عاتقنا عادة، والنتائج غالباً ما لا تكون مشجعة.

لكنه لبنان على كل حال، حيث ما زالت سيناريوهات فيلم "العرّاب" قابلة للتطبيق، من الكمائن المسلحة إلى العرّاب نفسه يدمي زوج شقيقته، بعد أن يعتدي الأخير عليها بالضرب. في الفيلم، كما في لبنان، يأخذ الأقوياء حقهم بيدهم. ماذا يفعل العاديون، أي الضعفاء؟ من يحقق لهم العدالة، ومن يحميهم؟ كيف يستطيع العادي أن "يكون محل" القوي؟ أي رسالة أراد السيد إيصالها بتصرفه؟

السيد نواف لم يكن مهتما برسائل حين غضب كأب وخرج عن طوره. هي مسألة شخصية، وقد تصرف، وكفى. السيد ابن نموذجي لما يسميها "المسيرة الإلهية". كان من مؤسسيها وعاشها وعاش فيها ومن أجلها. لم يثق يوماً بالدولة ومفهومها، ولن يثق، وهذا خياره طبعا وليس مستهجناً. الدولة قشور والجوهر في مكان آخر. هو ليس مرتبطا أصلاً بمقعده في البرلمان. حتى في صورته التي أرادها دائما مختلفة عن رفاق كتلته، صورة المثقف المنفتح على اليسار وعلى النقاش من خارج الصندوق، كل هذا كان في خدمة المسيرة. كل أدبياته تتمحور حولها، حتى أنه اعتذر منها حين عوقب، وليس من أي أحد آخر، حتى أولئك الذين يمثلهم في البرلمان.

المسيرة هي الأساس. وهو، إذ يضطر إلى استعمال العنف ضد طليق ابنته، فلأن صبره قد نفد من شاب يبدو نداً له في الحزب، بقوة النائب المؤسس نفسها، الذي لسوء حظه الحزبي ربما، لم يتعمم. شاب من جيل جديد من المتسلقين الكثر على المسيرة، وقد كبرت وتشعبت وعظمت، ولا شك أنها ترهلت ونخرتها الأوبئة الاجتماعية قبل السياسية. من الجيل الذي يهدد المسيرة. وهو نزاع يجد السيد نفسه فيه مغبوناً فعلا، هو الآتي من المؤسسين، التحم بالمسيرة بينما كان عوداهما طريين، وناضل في سبيلها وتحمل كل مشقات البدايات، وحارب من أجلها في أحلك أيامها، وساهم في وصولها إلى ما وصلت إليه، ليأتي بعد كل هذا من يشتمه ويجرؤ على تعريض أفراد أسرته الصغيرة للقتل. هذا ما لن يقبله السيد ليس لنفسه وعائلته وحسب، بل للمسيرة نفسها التي تغض النظر عن كبير فيها، وتسمح لصغير أن يتطاول عليه وعليها من خلاله.

حين انفعل، بدا كمن يأخذ حقه بيده من المسيرة التي تقاعست عن نصرته وإعطائه حقه. اعترض على ما وصلت إليه بنيتها  الاجتماعية. عاد إلى الحرب الأولى ذوداً عنها لأنها بخطر. الحدث، برمته، أقرب إلى شأن حزبي داخلي، منه إلى مشرّع يقتحم مخفراً ويستخدم السلاح للانتقام لابنته. الإبنة نفسها حكاية أخرى، حظها الحزين يقع أولاً في قوانين متخلفة ولا تحمي، ومجتمع مريض بالعنف، وهي بذلك ليست وحدها، مثلها كثيرات، لا ينتقص من حب آبائهن وأمهاتهن لهن أن ليس بمقدورهم ما يقدر عليه السيد نواف، أو أنهم فعلا لا يؤمنون بأن العنف لا يرد بالعنف وأن الحق لا يؤخذ بيد تطلق النار. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها