الثلاثاء 2019/07/16

آخر تحديث: 00:30 (بيروت)

وزارة العمل تضيع بين حق الدولة وحقوق الفلسطينيين

الثلاثاء 2019/07/16
وزارة العمل تضيع بين حق الدولة وحقوق الفلسطينيين
التزام الفلسطيني بالحصول على إجازة عمل مع الحفاظ على الخصوصيّة الفلسطينية (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
تسود أجواء من التوتر والغضب أوساط اللاجئين الفلسطينيين، منذ ختم مفتشو وزارة العمل اللبنانية مؤسسة زياد عارف للسيراميك بالشمع الأحمر (12 تموز الحالي)، بذريعة عدم حصوله على إجازة عمل. تظاهرات عند مداخل المخيمات. بيانات محذّرة من تأزيم العلاقات اللبنانية الفلسطينية. لقاءات فلسطينية فلسطينية، أبرزها اللقاء الفلسطيني الموسع في السفارة الفلسطينية. ثم كان لقاء جمع وزير العمل كميل أبو سليمان برئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة والسفير الفلسطيني أشرف دبور.

من دون إنذار!
حادثة إغلاق مؤسسة عارف، في الكورة، تبعها تسطير عدد من محاضر الضبط بحق عمال فلسطينيين، الأمر الذي اعتبره الفلسطينيون بداية حملة واسعة تستهدفهم، على غرار ما حصل مع العمال السوريين، ولم تأخذ إجراءات وزارة العمل بالاعتبار "خصوصية وضع العامل الفلسطيني"، كما ذكر بيان ائتلاف حملة حق عمل اللاجئين الفلسطينيين.

"المدن" التقت رجل الأعمال الفلسطيني زياد عارف، الذي أكّد بداية أن تسجيل مؤسسته في الدوائر الرسمية، قبل عامين، حظي بتسهيلات إجرائية ملفتة. لكنه سجّل ملاحظته، حول أن إغلاق مؤسسته، بسبب عدم إصدار إجازات عمل للعمال الفلسطينيين لديها، تم دون إنذار مسبق. أضاف أن البطالة عالية في صفوف اللاجئين الفلسطينيين، كما هو معروف "ومن حقنا محاولة التخفيف من حدة البطالة في أوساطهم، وأي استصدار إجازات عمل، سيلزمنا القانون بطرد عدد من العمال الفلسطينيين. كما أن العامل الفلسطيني لا يستفيد من إجازة العمل، ولا اشتراك الضمان".

وعتِب عارف على الفصائل الفلسطينية بسبب غيابها عن المطالبة اليومية بالحقوق المدنية للفلسطينيين، والدفع باتجاه تنظيم عملهم، لنيل حقوقهم، وتأدية واجباتهم تحت سقف القانون. ويُذكر أن 56 في المئة من الفلسطينيين عاطلون عن العمل، وفق إحصاءات الأونروا عام 2010.

الاستفادة من "الضمان الاجتماعي"
ويشرح الخبير القانوني والحقوقي، والقيادي في الجبهة الديموقراطية سهيل الناطور، بحديث لـ"المدن" النظرة الفلسطينية لإجازة العمل، فيقول إن الفلسطينيين، ورغم العوائق الإدارية، كانوا يستحصلون على 1500 إجازة عمل كل سنة، وذلك قبل عام 2010، وصدور تعديل القانونين 128 و129، الذي ينص على أنه "يُستثنى حصراً الأجراء الفلسطينيون اللاجئون المسجلون وفقاً للأصول في سجلات وزارة الداخلية والبلديات – مديرية الشؤون السياسية واللاجئين – من شروط المعاملة بالمثل ورسم إجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل".

أضاف الناطور أنه "بعد مجانية رخصة العمل، تبين أن عدد العمال الفلسطينيين الحاصلين على إجازة العمل تناقص إلى 500 عامل سنوياً، لأنه للحصول على إجازة عمل على العامل أن يُسجل بالضمان الاجتماعي،  ويدفع مبالغ مالية من دون أن يحصل على شيء، ومن دون علاج صحي، ولا ضمان عائلي. يدفع ولا يستفيد. وهو ما حدا بالعمال الفلسطينيين إلى الاستنكاف عن التسجيل".

ويدعو الناطور إلى تنظيم العلاقة بهذا الاتجاه، من خلال فصل إجازة العمل عن الضمان الاجتماعي. وتطوير قانون العمل ليكون عادلاً للفلسطينيين. والسماح للفلسطينيين بالعمل في المهن الحرة. ورغم أنه يجزم بأن الاحتجاجات الفلسطينية سوف تتصاعد، إلاّ أنه يؤكد في الوقت نفسه على أنها سوف تبقى في إطارها السلمي والحضاري.

البيان الهادئ
وشهد مقر السفارة الفلسطينية في بيروت اجتماعاً موسعاً حضرته قيادة الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية، وممثلون عن المؤسسات والنقابية واللجان الشعبية والأهلية والقانونية، ورجال أعمال فلسطينيون، ونقابيون، واقتصاديون، لمناقشة الإجراءات التي اتخذتها وزارة العمل. وعلمت "المدن" أن اتصالات لبنانية فلسطينية جرت خلال اللقاء قادت إلى صدور بيان هادئ نسبياً، طالب بالوقف الفوري للإجراءات الصادرة عن وزارة العمل، والتأكيد على استمرار عمل ودور لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني. وناشد إعفاء الفلسطيني من إجازة العمل. ودعا إلى تعديل قانون الضمان الاجتماعي رقم 128 في 2010، بما يجعله مناسباً لحقوق الفلسطينيين في لبنان. وكذلك تعديل حق عمل الفلسطينيين ليشمل الفئات المهنية والكفاءات.

وكان لافتاً للغاية رد لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني على قرار وزارة العمل. وجاء بالرد إن الوزارة تغيّب الخصوصية التي يتمتع بها اللاجئون الفسطينيون بموجب تعديل القانونين 128 و129، اللذين أقرهما المجلس النيابي في العام 2010 ، وتقوم الوزارة بشمولهم بوصفهم عمالاً أجانب، متجاهلة ما نص عليه التعديلان من الحفاظ على خصوصية العامل الفلسطيني وعدم معاملته بالمثل. مذكّراً بمعوّقات منح إجازة العمل المجانية للنسبة الكبرى من العمال الفلسطينيين، "إلا أن الاجراءات الحالية المعتمدة بما تتضمنه من تعقيدات إدارية تجعل حيازتها في خانة التعجيز".

وحذّرت لجنة الحوار "من أن عدم احترام والتزام لبنان بالمواثيق والقوانين الدولية الخاصة بحماية حقوق اللاجئين، والتقيد بقانوني العمل والضمان، وتفعيلهما بإصدار المراسيم التنظيمية من شأنه إلحاق الضرر بالعلاقات اللبنانية – الفلسطينية وبسمعة لبنان أمام المؤسسات والمنظمات الدولية ما يؤدي إلى تدهور علاقاته مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي".

مهلة ستة أشهر
لقاء وزير العمل كميل أبو سليمان ورئيس لجنة الحوار حسن منيمنة والسفير الفلسطيني أشرف دبور، خلص إلى اقتراح قدمه منيمنة يتضمن: "ضرورة التزام اللاجئ الفلسطيني بقوانين العمل، وضرورة الحصول على إجازة عمل مع الحفاظ على الخصوصيّة الفلسطينية". كما قدّم اقتراحًا بـ"إعطاء مهلة ستة أشهر يتمّ من خلالها وضع المراسيم التنظيميّة الّتي تضبط مسألة الاستحصال على إجازة عمل، وإيجاد حلول مثل قضية ربط إجازة العمل بعقد العمل". كما جرى الاتفاق على تنظيم حوار ثلاثي في الأيام القليلة المقبلة.

وشهدت مداخل عدد من المخيمات احتجاجات عديدة، شملت إحراق إطارات، والامتناع عن ذهاب العمال إلى أشغالهم، وإطلاق دعوات لاستمرار الإضرابات "حتى تحقيق العدالة للعمال الفلسطينيين". وجالت التظاهرات مخيمات عديدة، مثل الرشيدية وبرج الشمالي وعين الحلوة والمية ومية وبرج البراجنة شاتيلا. وتصدّر نشطاء السوشال ميديا الدعوات إلى التظاهرات اليوم الثلاثاء، والتي قد تكون العاصمة الدنماركية كوبنهاغن إحدى ساحاتها. هذا ودعا ائتلاف حق العمل للاجئين الفلسطينيين إلى تظاهرة تنطلق من منطقة الكولا إلى مقر المجلس النيابي.

أربع ملاحظات
يمكن تسجيل عدد من الملاحظات حول ما جرى، منها أن مباشرة وزارة العمل بإجراءاتها الأخيرة ظهرت بعد أيام من لقاء جمع مفوض عام حركة فتح في لبنان عزام الأحمد برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وهو ما أحرج القيادة الفلسطينية. ثانياً: غياب فصائلي واضح خلال اليومين الأولين من البدء بالحملة، ما أحدث إرباكاً في الشارع الفلسطيني. ثالثاً: حملة وزارة العمل تتجاوز الرؤية اللبنانية للعلاقة اللبنانية الفلسطينية، والتي أقرتها الأحزاب الستة الرئيسية الممثلة بالمجلس النيابي. رابعاً: التواصل الفلسطيني مع وزير العمل، المعني المباشر بالحملة، جاء متأخراً نسبياً، واعتمدت أكثر الفصائل على بيانات لا تغني عن التواصل المباشر. ورغم ذلك، كان للوزير منيمنة الدور الإيجابي الأكبر بالتهدئة، وإطلاق الحوار المباشر بين وزارة العمل والفلسطينيين، كما تقول أوساط فلسطينية لـ"المدن". فهل يساهم إعادة التواصل في تهدئة الشارع والوصول إلى حلول تنصف الدولة والعمال الفلسطينيين معاً؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها