الجمعة 2019/03/22

آخر تحديث: 15:11 (بيروت)

تظاهرة الشيوعيين في عوكر: نائب فاعل

الجمعة 2019/03/22
تظاهرة الشيوعيين في عوكر: نائب فاعل
مشكلة هذا الاحتجاج أنه نيابة عن غائب (تصوير: ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

معارضة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، واجبة تقريباً. الاعتراض على سياسته، داخل أميركا وخارجها، يتواءم مع الحس السليم.

الاحتجاج على زيارة وزير خارجيته، مايك بومبيو، إلى الشرق الأوسط، مرغوب به طبعاً. فهذا الرجل يمثّل إدارة أميركية هي الأسوأ سمعة وأداء. وفي منطقتنا تحديداً، تبدو الولايات المتحدة راهناً متخلّية تماماً عن "المبادىء" و"القيم"، الأخلاقية والسياسية، التي تتبناها لنفسها.

تبدأ المشكلة، حين يكون الاحتجاج تعبيراً عن انحياز للسياسة الإيرانية، أو تبنياً لبروباغاندا فلاديمير بوتين، أو دعماً لعصابة بشار الأسد.. أو، وهذا الأشنع، حين يكون الاحتجاج نيابة عن غائب. أي حين ينظم حزب ما تظاهرة بتكليف من حزب آخر ارتأى البقاء خلف الستارة.

والمشكلة تكون حين يتداعى رهط من الحزب الشيوعي والحزب الديموقراطي الشعبي وممثلون عن الحزب السوري القومي الاجتماعي والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين.. للاعتصام والتظاهر بالقرب من السفارة الأميركية، قبل يوم من وصول بومبيو إلى بيروت (لا أثناء الزيارة!)، لرمي كلام على عواهنه من غير تدبير أو تدقيق، برطانة "لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف" التي شهدنا حصادها طوال خمسين سنة عجاف.

ما يبعث على الزهو أن تكون بيروت واحدة من الأمكنة النادرة في العالم العربي، التي تنتظم فيها التظاهرات والاعتصامات بحرّية سياسية تامة. هذا ما بقي حتى الآن من تقاليد ديموقراطية لبنانية ضنينون بها. ونفترض أن الأميركيين أنفسهم، سكان السفارة في عوكر، "يحترمون" هذه المظاهر الديموقراطية وتعبيراتها السياسية، وإن كانوا ينظرون بامتعاض لهؤلاء المواظبين منذ عقود على التنديد بـ"الامبريالية الأميركية".

ما يبعث على الأسى، أن الاحتجاج على زيارة بومبيو، يقع على عاتق حزب شيوعي وما شابهه، ممن "يمتهنون" معاداة أميركا بالمطلق. فهم يتظاهرون لا ضد سياسات ترامب تحديداً، ولا ضد مقاصد معينة من زيارة بومبيو وجولته الشرق أوسطية، إنما يستأنفون التقاليد والشعارات والخطب إياها مهما تغيرت أو اختلفت أو تنوعت تلك الـ"أميركا". فهم على الدرجة نفسها من النقمة على أيزنهاور أو نيكسون أو كارتر أو كلينتون أو أوباما أو ترامب، من غير تمييز. فيكون الاعتصام هكذا، طقساً شيوعياً بائتاً.

وعلى نحو ما "تطوعت" جماعات الشيوعيين، برفقة بعثيين وناصريين وقوميين سوريين، نيابة عن "حزب الله" (و"محور الممانعة" بكباره وصغاره)، في تدبير مسيرات ما قبل تشكيل الحكومة الأخيرة، ما كانت سوى واحدة من عتاد "التفاوض"، الذي يأكل منه الشيوعيون صفراً دائماً.. عادت وتطوعت يوم الخميس للخروج إلى عوكر، بدلاً عن غياب "حزب الله"، الحريص اليوم على عدم إثارة الشغب كـ"شريك" حسن السلوك في الحكومية اللبنانية.    

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها