الخميس 2019/02/28

آخر تحديث: 00:54 (بيروت)

مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء مصمَّم للتغطية لا المحاسبة

الخميس 2019/02/28
مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء مصمَّم للتغطية لا المحاسبة
لم يحدث منذ تشكيل هذا المجلس أن اتهم أحداً (مجلس النواب)
increase حجم الخط decrease

ماذا يعني قول رئيس مجلس النواب نبيه بري،"أن المجلس سيمارس دوره الرقابي بأقصى الدرجات، وأن ما قبل جلسة الثقة شيئ وما بعدها شيئ آخر"؟
وهل في التحضير للدعوة لعقد جلستين متتاليتين للمجلس النيابي، في النصف الأول من آذار، واحدة لانتخاب المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، والثانية تليها مباشرة، وهي جلسة تشريعية لإقرار القوانين المنجزة والملحة، يليهاعقد جلسة رقابية، في النصف الثاني من آذار، في إطار ما التزم به بعقد جلسات رقابية شهرية.. يعني هذا كله أن قطار المراقبة والمحاسبة الفعلية قد انطلق فعلا؟ وما هو تحديداً دور المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء؟ وهل هناك من تجارب سابقة مشجعة ورادعة للارتكابات والمخالفات؟

أسئلة كثيرة تُطرح، في كل مرة يتم فيها انتخاب أو تعيين أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، المؤلف حسب قانون إنشائه من نواب وقضاة، والآلية المعقدة التي تتحكم بمسار عمل هذا المجلس، خصوصاً لجهة تأمين ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب أي 86 نائباً لاتهام أي وزير بالمخالفة، أو الارتكاب. وهو الأمر المتساوي مع تأمين نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية!

هيكلية المجلس
يتألف المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء من سبعة نواب، ينتخبهم المجلس النيابي مع كل ولاية جديدة، وينتخب ثلاثة نواب آخرين كأعضاء ردفاء، إضافة إلى ثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبةً، حسب درجات التسلسل القضائي، أو بالنظر إلى الأقدمية إذا تساوت درجاتهم.

ويعتبر هذا المجلس المرجع الوحيد الذي يمكن أن يحاكم الرؤساء والوزراء، على عكس النواب الذين يحاكمون في المحاكم العادية.

إلا أن التجارب لا توحي بالأمل والثقة في دور هذا المجلس وفعاليته، ما لم يتم تعديل قانون إنشائه الصادر منذ عام 1990 .

آلية معقدة
فالنائب السابق عن حزب الله نوار الساحلي، الذي كان عضواً رديفاً في هذا المجلس في دورة الـ2005، يقول لـ"المدن" إن آلية عمل هذا المجلس، الذي يعتبر هيئة برلمانية-قضائية، معقدة، لأنها تحتاج إلى أكثرية الثلثين لتوجيه الاتهام. ولم يحدث منذ تشكيل هذا المجلس أن اتهم أحداً".

ويضيف الساحلي: "إذا كان هناك من نية جدية لمحاربة الفساد ومحاكمة المسؤولين المرتكبين، يجب تبسيط آلية عمل هذا المجلس، وتعديل قانونه لجهة آلية الاتهام والإحالة. وبالتالي، يصبح وجود هكذا مؤسسة ضرورياً".

ويتفق مع الساحلي النائب عن كتلة التنمية والتحرير والعضو السابق في المجلس أيضاً غازي زعيتر، لجهة الآلية المعقدة ويؤكد لـ"المدن" وجوب تعديل الآلية لتفعيل عمل المجلس.

أما عضو كتلة "المستقبل"، والعضو السابق في المجلس الأعلى أيضاً، النائب هادي حبيش، فيذهب أبعد من ذلك للقول "إما إلغاء هذا المجلس واستبداله بمحكمة عدل الجمهورية كما الحال في فرنسا، وإما تعديل القانون الذي يفرض الثلثين للاتهام".

ويقول حبيش لـ"المدن" :"إن هذا المجلس، ووفقاً للقانون القائم حالياً، وضع لحماية الرؤساء والوزراء ولتغطية مخالفاتهم وارتكاباتهم. لأن من يخالف القانون بالدرجة الأولى هو الوزير في لبنان. وهناك مئات الارتكابات من الوزراء يومياً. كما أن هناك أحد الوزراء أعد ختماً خاصاً بعبارة (مع الإصرار والتأكيد) وأصدر أكثر من 1500 قرار تحت هذا الإصرار والتأكيد. وكله بسبب عدم وجود رادع قانوني".

ويتابع حبيش:"هذا القانون يشجع على الارتكابات. ومحاربة الفساد تتطلب محاسبة الكبار ورفع الحصانات. وأنا، مع أن يشمل هذا المجلس أيضاً رئيس مجلس النواب، باعتبار أن لديه سلطة تنفيذية، تتعلق بإدارة المجلس النيابي وموازنته وموظفيه".

ويضيف: "في فرنسا كان هناك مجلس شبيه بالصيغة اللبنانية الحالية. وعندما استشرى الفساد تم إلغاءه وشًكلت محكمة عدل الجمهورية، التي ألغت حصر الشكوى من قبل النواب فقط، وفتحتها أمام أي مواطن، على أن تكون مرفقة بمستندات وأدلة. وبعدما تُقدم الشكوى تتم إحالتها أمام لجنة مصغرة، تتحقق من مضمونها. وإذا ثبت وجود مخالفة تًحال أمام المحكمة. وإذا كانت غير ذي جدوى، يتم حفظها من دون أي ضجة".

سوابق وتفسيرات
وعطفاً على ما تقدم، فإن سوابق حدثت في المجلس النيابي، بينت عدم فعالية قانون إنشاء هذا المجلس، وضعف قدرته على العمل، ومنها جلسة مجلس النواب التي عقدت بتاريخ 19/1/2004 وخصصت لتفسير المادتين الدستوريتين 60 و 70 المتعلقتين بأصول محاكمة الرؤساء والوزراء. وكان من أبرز المطالبين خلالها بتعديل قانون المجلس، الرئيس الراحل رفيق الحريري والرئيس السابق حسين الحسيني والنائب السابق بطرس حرب وغيرهم. كما جرت محاولات في العام 2007 من قبل لجنة الإدارة والعدل برئاسة النائب السابق الراحل روبير غانم، لدراسة اقتراح قانون لتعديل قانون المجلس.

فهل تشكل هذه المحاولات وفورة "مكافحة الفساد" الموجودة في البلد حالياً، محطة مناسبة لتعديل قانون هذا المجلس، وجعله أكثر ملائمة للتطبيق؟ أم أننا سنبقى على ما نحن عليه، وسيبقى هذا المجلس وقانونه كما غيره غطاء لحماية الفاسدين الكبار؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها