الأحد 2019/02/10

آخر تحديث: 00:13 (بيروت)

وزير التكنولوجيا عادل أفيوني: اختياري ليس تقليدياً

الأحد 2019/02/10
وزير التكنولوجيا عادل أفيوني: اختياري ليس تقليدياً
"نجيب ميقاتي قدوةً في النجاح المهني والذكاء السياسي" (الإنترنت)
increase حجم الخط decrease
تفاصيلٌ كثيرة يمكن ملاحظتها في شخصية من أصبح وزيرًا لأول مرّة. للوزير الجديد، اعتباراتٌ مختلفة عن أقرانه من الوزراء المخضرمين في السلطة التنفيذيّة. يشبه حاله كطالبٍ انتقل إلى مدرسةٍ جديدةٍ، يسعى للانخراط في "شلّة" زملائه الأصدقاء، والخصوم أيضًا، لخرق شيفرتهم وألغازهم، حتى يتموضع في مكانٍ يناسبه.

عادل أفيوني، واحدٌ من هؤلاء الوزراء الجدد. هو أول وزير دولة لشؤون التكنولوجية، التي "ابتُكرت" لأول مرّة في هذه الحكومة الجديدة. ملامحُ وسمات "الوزير الجديد"، طاغيةٌ على أفيوني، الذي تتفوق حماسته على قدرات وزارته التي لا تملك حقيبة. لا بأس بالنسبة لأفيوني. فـ"الحقيبة ليست وحدها التي تصنع إنتاجًا، إنّما جهود الوزير، هي التي تحيك سيرة الإنتاج في وزارته". ربما هي قاعدة رجلٍ هو مدير ومسؤول مصرفي، وخبير في اقتصاد الدول الناشئة، وفي الأسواق المالية العالمية، يحمل خبرة سنواتٍ طويلة في عالم الأرقام والمال والتكنولوجيا والاقتصاد.

في وسط "داون تاون" بيروت، يجلس أفيوني في مكتبٍ عالٍ يقع في الطابق العاشر من مبنى شركةm1 building ، التابعة لرئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي. يبدو الوزير في مكتبه، منهمكًا ومتحمسًا، لكنّه حذر من مهمته الجديد، وينتقي كلماته بعنايةٍ شديدة. يستقبل وفودًا وتقنيين، يحضّر ملفاته، يقرأ ويتابع، ويتلقى الاتصالات من هاتفين لا يهدآن. تحكي ملامح أفيوني، عن نيّته بأن يكون وزيرًا يمتاز باجتهاده ونجاحه. يُراهن على تميّزه، الذي أثبته في بلاد الاغتراب، بعد أن أمضى أكثر من 25 عاماً في مصارف استثمار عالمية في باريس ونيويورك ولندن، منها "كريدي سويس" في لندن، كمسؤول في قطاع الأسواق المالية، وفي قطاع تمويل الدول والمؤسسات والشركات في الدول الناشئة.

بين بيروت وطرابلس
أفيوني البالغ 50 عامًا، وهو أبٌ لولدين، عاش حياته الأولى في بيروت، بحكم عمل والديه، وكان يتنقل دومًا إلى طرابلس. يحكي في حديثٍ مع "المدن" عن سيرته، التي يبدأها بوالده عادل عبدالله أفيوني، واصفًا إيّاه بـ "مثلي الأعلى"، نتيجة خبرته الطويلة في الشأن العام. إذ كان مدير عام موظفي تعاونية الدولة، وتربى مع شقيقه وشقيقته في بيتٍ محوره الشأن العام والإدارة وخدمة الموظفين، لا سيما أنّ والدته كانت مديرة إحدى المدارس الرسمية في بيروت. فـ"فقد تربيّت في أيّام الحرب، وكنا نهرب إلى طرابلس حيث تعيش عائلتنا الكبيرة، ولديّ في عاصمة الشمال ذكريات كثيرة، في أسواقها وأحيائها وقلعتها ومينائها". عندما أنهى البكالوريا الفرنسية في مدرسة الليسيه الفرنسية، وكان الأول على لبنان في هذه الشهادة، سافر إلى فرنسا، وخاض تحديًا أكاديميًا صعبًا، ثم حاز على ماجيستير في العلوم المالية من جامعة باريس الأولى، وعلى شهادة في الهندسة من معهد "بوليتكنيك" في باريس.

في لبنان، صنع خبرته في قطاع المصارف والاستثمار، منذ العام 1999. وبحكم عمله، كوّن شبكة من العلاقات الداخلية،  ومع دول عالمية بحكم عمله في الخارج. وأرسى معرفةً عميقة بالوضع الاقتصادي في البلد: "لقد اختبرتُ جيّدًا بحكم عملي، نوعيّة المشاكل التي تعاني منها الدول الناشئة، بما فيها لبنان، وكيفية تأمين التمويل الاقتصادي لها، حتّى تحقق تقدمًا اقتصاديًا". 

العلاقة مع الرئيس ميقاتي، "تعود لأكثر من 15 عامًا"، يقول أفيوني، بسبب الارتباط الشخصي والعائلي والتواصل المهني. يرى أفيوني في ميقاتي "قدوةً له في النجاح المهني والذكاء السياسي، انطلاقًا من ثوابت الاعتدال والوسطية". ويعتبر أن طرح ميقاتي لاسمه، والتوافق عليه مع رئيس الحكومة سعد الحريري، "ليس تقليديًا". فـ"لبنان يحتاج لمختلف الخبرات العملية، المصنوعة في الخارج، واستثمارها في الداخل، لا سيما أنّ الأولوية حاليًا، هي للمشاكل المعيشية والاقتصادية، وهناك نيّة في تشجيع المغتربين بصورةٍ عامةٍ".

بلا حقيبة
لكن، هل أنت "وزير ترضية" نتيجة التقاطع بين ميقاتي والحريري في وزارة دولة لا تملك حقيبة؟ يجيب أفيوني: "هذه الوزارة حيوية، وهي مشروع حقيبة أساسية تحتاجها الحكومة والبلد، وسيكون لها مستقبل زاهر ومنتج، لا سيما أنّها موجودة في مختلف البلدان المتقدمة". وتكنولوجيا المعلومات قطاع أساسي في الاقتصاد العصري، و"لا بدّ للبنان أن لا يفوّت هذه الفرصة الذهبية".

من أولويات وزارة أفيوني، التركيز على الشقّ الاقتصادي، وخلق نوعيّة سوق عمل جديد يخلق للشباب فرصًا كبيرة. فـ"لبنان، لديه امكانات بشرية ضخمة، ولديه فرص التشبيك مع الخارج، عبر الاستفادة من علاقاته". وتكنولوجيا المعلومات، وفق أفيوني، تساهم في توسيع عمل الشركات، بعد أن أصبحت حاجة عالمية ملحة وضرورية. وأيّ قطاع في لبنان، حتّى يكون فاعلًا، "يحتاج للتكنولوجيا حتمًا".

خطط وزارة شؤون التكنولوجيا، أن تؤسس لبناء "اقتصاد رقمي" يخدم مختلف القطاعات. ومرحليًا، "لدينا خطّة للتعاون مع مختلف الوزارات، وتحديدًا مع وزارات الاقتصاد والاتصالات والتنمية الإدارية، التي تملك مشاريع في هذا الخصوص، تتقاطع مع مشاريعنا".

يعتبر أفيوني أن عملية بناء اقتصاد رقمي، يحتاج إلى استراتيجية جادة، لا يقتصر العمل فيها على القطاع العام، وإنما من أولوياتها أن تشمل القطاع الخاص، "من أجل تسهيل عمل رواد الأعمال، ومن يملكون أدوات التمويل ومصادره داخلًا وخارجًا، بما يخدم سوق لبنان الصغير". هذا الأمر، يتطلب إمكانات كبيرة وموازنة ضخمة. وهنا، "نسعى للاستفادة من تصميم الحريري على النهوض الاقتصادي، ووضع البلد على خارطة العمل المنتج".

يدرك أفيوني أن التحديات الصعبة، وقد تعيق كثيرًا من الطموحات والأحلام. ذلك أنّ لبنان يعاني من عبء كبير، و"يشكو من الهدر والجمود والانهيار وغياب النمو الاقتصادي". وبما أنّ تحفيز الاقتصاد يتطلب استثمارات كبيرة، يعتبر أفيوني أنّ مخصصات مؤتمر "سيدر" هي فرصة كبيرة والحل الأنسب لـ"خلق مشاريع منتجة تؤمن فرص العمل، لا سيما أنّ فوائده منخفضة ومدعومة وعلى فترة طويلة الأمد". ووزارة شؤون التكنولوجيا، "تستفيد حكمًا من سيدر، لأنّ أغلب المشاريع تتقاطع مع التكنولوجيا، وهناك رغبة في خلق مناخ استثماري إيجابي، عبر تأمين المناخ التنافسي للمستثمرين اللبنانيين والأجانب، على أن يكون مليئًا بالثقة والحماية".

حكومة إلكترونية
يتفاءل أفيوني في وزارته، عسى أن تكون مقدمةً لإطلاق "الحكومة الإلكترونية"، ومباشرة العمل بها. فمن أولويات هذه النوع من الحكومة المنتظرة، هو "تسهيل معاملات الناس والتواصل بين المواطن والدولة، وتحريك العجلة الاقتصادية بين المؤسسات والدولة أيضًا، لأن ذلك يخدم في بناء اقتصاد عصري وحديث، يكون سريعًا وسهلًا، من دون عجزٍ وفساد".

وعند سؤال أفيوني إن كان مشروع نائبٍ عن طرابلس، يشير أنّ لا مجال للحديث عن ذلك في الوقت الراهن، خصوصًا أن الناس تريد أن تلمس في البدء نتائج عمل الحكومة الجديدة بعد انتظارٍ طويل، بمن فيهم أهل طرابلس، هذه المدينة "التي لا بدّ أن يكون لها حصّة كبيرة من المشاريع الحيوية، ودورًا محوريًا في الاقتصاد والمرافئ وعملية إعادة الإعمار في سوريا". لذا، "نحن نريد العمل، ومتفاؤلون كثيرًا، وإننا أمام امتحان فعلي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها