الإثنين 2019/12/09

آخر تحديث: 00:06 (بيروت)

جل الديب حامية الثورة.. وقبضتها

الإثنين 2019/12/09
جل الديب حامية الثورة.. وقبضتها
النصب الرمز الذي هو إعلان صريح أن الثورة لا تموت (أيمن شروف)
increase حجم الخط decrease

عادت جل الديب إلى عهدها. جموع وأعلام وشعارات. شابات وشُبان يرددون شعارات تصدح في ساحات الاعتراض من النبطية إلى طرابلس وما بينهما. هنا الثورة التي وإن خفّ زخمها، فهي باقية ولا.. لن تنتهي. جل الديب التي كانت خزان الثورة، رفعت قبضتها في وجه كل من يحاول شيطنتها، وكل من يريد تطويق حلم اللبنانيين بالحياة. هناك، على طريق صار محطة يومية للثائرين، اجتمع الناس ليشهدوا على ارتفاع قبضة الثورة، وليرفعوا معها قبضاتهم وليؤكدوا أنهم "باقون في الشارع حتى التغيير الكامل".

التلاقي على خير الثورة
تجمع الناس جانب محطة توتال ليحتفلوا باستمراريتهم. والكثير من العسكر وقوى الأمن هنا. عناصر منتشرة على طول الطريق، يُشكلون طوقاً يخنق الناس ويمنعهم من التمدد إلى وسط الطريق. لماذا؟ قطع الطرق اليوم صار من الأعمال العدوانية بنظر السلطة، خصوصاً في جل الديب. منطقة مسيحية تتظاهر ضد "العهد القوي"! هذا غير مقبول في أجندة "الجنرال العلماني"، كما كان يُعرف عن نفسه، وكما كان يحلو لجمهوره أن يقول في معرض تعريفهم بتيارهم "العابر للطوائف"، في مخيلتهم في أقصى التقدير. هناك، همس في السر وحديث واضح في العلن: "مهما حاولوا التضييق علينا، نحن أكبر من أن نُحصر". أكثر: "الضابط الفاسد الذي يمنع عنا حقنا سنحاسبه، مهما طال الزمن".

هذه المنطقة المسيحية، كما يصفها البعض، وهذا طبعاً واقع لا يُمكن نكرانه، مهما تخطى الناس مناطقيتهم وطوائفهم، شهدت منذ بدء الثورة على العديد من الأحداث. كانت النبض. كانت مع طرابلس وصيدا والنبطية وصور وبعلبك وشتورة وغيرها.. مساحات للتلاقي على خير الثورة. هناك قالت مسؤولة في تيار العهد القوي (العلماني طبعاً) للمواطنين أنهم يقطعون الطرق على أخوانهم المسيحيين: "لماذا لا يذهبون لقطع الطريق على المسلمين؟" وهناك، ثوار خرجوا من كل ما يربطهم بهذا الإطار المذهبي الضيق، نحو مساحة أوسع بكثير، فيها "مشوار الحرية" نحو بلد "حر ومستقل وينبذ الفاسدين" كما يقولون، مع اعترافهم بالاختلاف الموجود بين مكونات الثورة، إلا أنهم يُدركون أن العنوان الذي يتظاهرون تحته، أسمى من كل خلاف مهما عظم.

موكب ساحة الشهداء
يوم السابع من كانون الأول، قال ثوار جل الديب إنهم باقون في الساحات. يمرّ على المسرح أحد الناشطين ليقول إن "التمويل لا يأتي من السفارات بل من الكنيسة والجامع" في معرض رده على اتهامات كثيرة بأن السفارات تقف خلف الناس الذين يتظاهرون. يرد أحد الواقفين في منتصف الساحة "لم آت إلى هنا لكي أسمع هذا الكلام"، آخر يضيف: "تخطينا هذا الخطاب، معركتنا وطنية ولسنا بحاجة في كل حين أن نُثبت للناس أننا غير طائفيين. انتهينا من هذه الدوامة ولن ندعهم يُعيدوننا إليها". ينزل "الناشط" عن المسرح، ليكمل الناس التعبير عن فرحهم بنصب الرمز الذي يرون أنه إعلان صريح أن الثورة لا تموت.

ما هي إلا دقائق حتى يصل موكب سيارات من ساحة الشهداء ليحتفل مع أهالي جل الديب. يفصل بينهم عناصر الأمن من درك وجيش. جدار الفصل هذا، كما يقول المتظاهرون "لم يكن موجوداً حين نزل إلى جل الديب حزبي يحمل السلاح وراح يطلق النار على الناس، ولم يكن أيضاً حين أرسلت مجموعات أخرى لفتح الطرق بالقوة تحت شعار أنهم يفكون عزلة الناس التي هي بحاجة للتحرك وللعمل، على أساس أن عملهم وحياتهم على أحسن ما يرام".

الأجهزة الأمنية والترقب
تسأل، لماذا كل هذا التركيز على جل الديب من قبل الأمن؟ يأتي الجواب: "رأس الهرم لن يسمح بأن تكون "المنطقة" ضده". لكن، كان هناك الكثير من الكلام أن من كان يقطع الطريق ويتظاهر هم من الأحزاب المعادية اليوم للعهد والتي كانت هي من أوصلته إلى بعبدا. هنا، يقول أحد المطلعين على واقع الأمور: "القوات لم تتواجد كتنظيم في جل الديب، بل كان هناك الكثير من الأفراد المناصرين للقوات والذين هم مع الثورة". لكن في الأيام الماضية انكفأ الكثير من هؤلاء، منهم من كان ينتظر ما الذي سيحصل في ما خص الاستشارات النيابية. بعضهم الآخر، مُراقب من قبل الأجهزة الأمنية، التي يبدو أنها أخذت طرفاً، أو تريد أن تُبعد كل من له القدرة على حشد الناس وقيادة الفعل الثوري في جل الديب، وهو نفسه ما تفعله في غير مناطق لبنانية، في خطة صارت مكشوفة. وهي كما يتردد في الساحات "لن تمنع الناس من ممارسة حقها في الظاهر وقطع الطرق. الإثنين لناظره قريب". ماذا عن الكتائب؟ "ناسهم هنا بيننا. أليسوا لبنانيين ويعانون ما يعانيه الجميع؟".

حين نزل الناس إلى الشوارع، كانت جل الديب مندفعة نحو الحياة. نحو القبض على فرصة التغيير. استمرّت دافعاً لكل الساحات، كانت الرسالة من هناك بألف. قبيل استقالة سعد الحريري كانت جل الديب حامية الثورة وتنوعها ورونقها. في كل وقت حملت تلك الساحة المفاجآت لكل الوطن، وهي اليوم تعلن استمرارها بالرغم من كل التضييق والتخويف والممارسات الأمنية. الزخم الذي انطلق من هناك سيعود. موجة التظاهر الثانية ستجرف الجميع. "جل الديب رفعت قبضتها، ولا من يلويها قبل أن يسقط الجميع. كلّن يعني كلّن". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها