السبت 2019/12/07

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

واصف الحركة من مجموعة "المرصد الشعبي": إلى العصيان الضرائبي

السبت 2019/12/07
increase حجم الخط decrease

رغم ابتعاده عن الشيوعية بُعد لبنان عن الصين، اتهمه عضو جمعية المصارف مروان خير الدين بأنه شيوعي، لأنه توجه إليه بأسئلة تدين حجز المصارف أموال اللبنانيين، وعمل الدولة في خدمة المصارف لا العكس.

هو واصف الحركة، المحامي والناشط السياسي في مجموعة "المرصد الشعبي لمحاربة الفساد"، والذي يكاد لا يمر تحرك ولو بسيط في الشارع إلا وتراه بين المتظاهرين، منذ حملة إسقاط النظام الطائفي في العام 2011.

وفي حديثه إلى "المدن" رد الحركة على اتهام خير الدين له بأنه شيوعي قائلاً: لم أكن يوماً شيوعياً، لكنني أميل إلى الفكر الاشتراكي الاجتماعي والعدالة الاجتماعية لا أكثر. واتهام المعارضين بالشيوعية في لبنان، أمر عتيق ويتأتى عن سطحية في التفكير والتمييز، وقلة معرفة ودراية بالشيوعية والأشخاص وآرائهم. واعتبر أن اعتراف المصرفي خير الدين بأن احتجاز المصارف أموال المودعين مخالف للقانون، هو موقف لفظي، لأنه لم يقر بتبعاته وما يترتب عليه، علماً أن مثل هذا الإجراء لا تتبعه الدول والأنظمة الرأسمالية، بل هو يشبه إجراءات التأميم في الأنظمة الشيوعية.

اللبنانيون يتغيرون
يعتقد الحركة أن التغيير في الواقع السياسي وفي بنية السلطة، لا يحصل إذا لم يسبقه تغيير في وعي الناس والمجتمع. وما يحصل اليوم في لبنان يشير إلى بداية ذاك التغير الذي يتفاعل وقد يتجه نحو التصادم مع السلطة. يضرب الحركة مثلاً ملموساً: أثناء عمل مجموعتنا في مناطق لبنانية عدة واحتكاكنا بالناس فيها منذ سنة وأكثر،  تبين أن من يتحركون على الأرض لديهم خلفية سياسية ووعي سياسي ما. وما يحصل في المناطق حالياً أن نسبة لا بأس بها من الناس بدأت تعي طبيعة الصراع مع منظومة السلطة والمآزق الناجمة عن ممارساتها. وصار كثيرون يربطون بين النتائج السلبية التي وصلنا إليها ومسببها الأساسي. أي النظام اللبناني والسلطة القائمة. ويرى الحركة أن حتى الذين لم يتوصلوا إلى هذا الاستنتاج بعد، باتوا يعيشون حالة تناقض بين مصالحهم الذاتية وولاءاتهم الحزبية. فالأحزاب باتت عاجزة عن تقديم ثلاث خدمات زبائنية أساسية:  التعليم والطبابة والوظائف. وهذا يؤدي إلى انفكاك الناس عن الأحزاب. وهذا يحتاج إلى وقت وجهد تبذله المجموعات السياسية والمعارضة، لجذب الناس إلى العمل السياسي التغييري، بعيداً عما قد تحدثه الأزمة المعيشية الخانقة من انفجار اجتماعي عنيف.

أما لحظة 17 تشرين، فيرى الحركة أنها بدأت تنشئ وطنية لبنانية عامة، جامعة ومباشرة، لا تمر بالانتماءات والولاءات الصغرى، كالطائفية والارتباط بالزعامات والأجهزة الطائفية.  فاللبنانيون الذين شاركوا في ثورة 17 تشرين كانوا يعلنون ولاءهم للبنان ويحدوهم حس وطني غير مسبوق، تغلبت على ارتباطهم المرجعي بالطائفة والزعامة الطائفية.

معارضة سياسية غير طائفية
ويرى الحركة أننا نشهد حالياً تأسيس معارضة حقيقية، حتى لو لم تظهر بعد. المعارضة بدأت تتشكل في الشارع في مقابل سلطة القوى السياسية التقليدية المزمنة. لكن المعارضة تحتاج إلى وقت لتتبلور، ولا نستطيع تقدير شكلها وحجمها.

من خلال تحركه ومجموعته لاحظ انغماس الناس في السياسة بمعزل عن المجموعات والأحزاب. فالناس لا يتأطرون جميعاً حزبياً أو في مجموعات. لكن عدد من انضموا إلى مجموعات ناشطة في التحركات تزايد وتوسع.

وهو شرح عمل مجموعة المرصد على ثلاث جهات: العاصمة بيروت والمناطق، والربط بين العاصمة والمناطق. وذلك عبر تقنية التمدد الأفقي لمجموعات العمل، من دون ترابطها العامودي المباشر. وهي مجموعات تعمل بشكل منفصل. وهذا ما كرسته الثورة في لا مركزيتها، وخلقها حالة تغييرية في البلد كله.

ويرى الحركة أن كتلة كبرى من الناس بدأت تخرج من عباءة المذاهب والطوائف. وتراجع الموجة الشعبية لا يعني أن تشكيل حكومة جديدة يؤثر على خيارات الناس في مواجهة السلطة. والحماسة وعدد المتظاهرين مرتبط بمزاج الناس الذي يهبط ويصعد بحسب الظروف. لكن فكرة مواجهة السلطة تتمدد في المناطق وبين الناس الذين بدأت تتكون لديهم خيارات مستقلة ومغايرة لخياراتهم السابقة. وانتقال الناس من ضفة الأحزاب إلى المواجهة معها موجع ويحتاج إلى مرحلة طويلة كي يتبلور. فليس من السهل الانتقال من ضفة إلى أخرى.

بداية تغيير النظام
ولا يشك الحركة في أننا نعيش مرحلة سياسية مختلفة في لبنان: حدث 17 تشرين أخذ يشق مساره في إعادة تشكيل السلطة والنظام، مهما اختلفت قوة الزخم الشعبي هبوطاً وصعوداً.

ففي لبنان ليس من تمييز بين النظام والسلطة والدولة، بمعنى أن السلطة جعلت نفسها الدولة والنظام. لكن الناس حالياً بدأوا يميزون بين النظام والسلطة والدولة. ورغم أن الناس لا يناقشون كيفية إعادة تركيب النظام، باتوا على مسار المواجهة لتغييره.

وبدأ اللبنانيون يربطون بين عدم تمكنهم من الحصول على أموالهم من المصارف وبين إجراءات السلطة. حاول القادة والزعماء كثيراً إقناع الناس بحصر مطالبهم بالأمور الاقتصادية والمعيشية وعزلهم عن المطالب السياسية. لكن هناك قناعة أن كل مشاكلنا الاقتصادية والمعيشة هي نتاج السلطة وسياساتها، وأي تغيير في السلطة سيؤدي إلى تغيير حتمي في الاقتصاد. حتى الطلاب باتوا يعرفون أن تأمين مستقبل لهم في لبنان مرتبط بتغيير السلطة والنظام. وهذه معركة طويلة في لبنان. وهناك تطور في وعي المجتمع اللبناني، حتى لو تراجع الناس إلى أطرهم السابقة أحياناً، هناك إمكانية لعودتهم إلى الخيار الوطني. فخروج الناس من أطرهم الحزبية بات أسهل من السابق. نحن نعيش مرحلة انتقالية من رعايا الطوائف إلى مرحلة البحث عن مواطنية، بمعزل عن انضمامهم إلى هذه المجموعة السياسية أو تلك. والمطلوب أن تخوض المجموعات تجربتها وأن تقدم خلاصات سياسية جديدة، مخالفة للسابق، عندما كان التفكير السياسي قائم على بناء الحزب على أسس عقائدية لاستقطاب الجماهير.

المجابهة السلمية
عن الخطوات العملية لمواجهة المرحلة المقبلة التي ربما تشهد اشتداد القمع السلطوي، يرفض الحركة أي لجوء إلى العنف في المعركة السياسية. فالتغيير الديموقراطي، رغم صعوبته، يبقى الخيار الوحيد. وحتى لو حصل انهيار شامل، العمل السياسي هو الخيار الوحيد لمنع انفجار العنف: سنشدد على السلمية الضاغطة، أي مواجهة السلطة بقوة وحزم، مثل الاعتصام في مؤسسات عامة، ليس بهدف احتلالها، بل بقصد إيصال رسالة معينة، قال الحركة، وأضاف: بدأنا بطرح أفكار لدعوة الناس إلى التمنع عن دفع الضرائب، وصولاً إلى العصيان المدني.

وهو يعتقد أن هناك مجموعة من الضرائب أو الالتزامات يجب أن يبدأ الناس بعدم دفعها منذ هذه اللحظة. فهم يعانون من المصارف التي راكمت الأرباح على حسابهم. وعندما حان وقت دفع الفاتورة الاقتصادية لحل الأزمة الحالية، حمّلت المصارف أعباءها للمواطنين. قبل الأزمة كانت المصارف وكارتيل السلطة يراكمان الريوع. اليوم يحاولان تحميل الناس تبعات الأزمة وأكلافها. لذا يحق للناس التي لديها التزامات تجاه المصارف، ألا تفي بالتزاماتها (تسديد القروض) إسوة بتمنع المصارف عن دفع أموال المودعين. لكن من الضروري ربط عدم تسديد القروض بمعناه السياسي الموقت.

عصيان ضرائبي
إلى هذا التحرك ضد المصارف أضاف الحركة: عندما تهمل الدولة الطرق ولا تعمل على تأمين السلامة المرورية، وتغرق الطرق بالمياه، لماذا يدفع الناس رسوم الميكانيك، طالما أنها لصيانة الطرق؟! لذا يجب الامتناع عن دفع هذه الرسوم. وهذا يسري على الرسوم البلدية وغيرها. فعلاقة المواطن مع الدولة هي علاقة تعاقدية. أي على المواطن دفع الضرائب وعلى السلطة التي تجبي الضرائب تأمين الخدمات. وعندما تخل الدولة بالتزاماتها، لا يعود امتناع المواطن عن دفع الضرائب مخالفاً للقانون.

وعن خوف الناس من الملاحقة القانونية في حال تمنعها عن الدفع، لفت الحركة إلى أن عمومية الإجراء تؤمن الحماية الناس، وبالتالي لا تستطيع السلطة مواجهة الشعب. والمصارف لا تستطيع الحجز على العقارات في حال عدم دفع المواطن قروضه السكنية، لأن الأمر ينعكس تضخماً في السوق العقارية ويخفض أسعار العقارات. هذا فضلاً عن أن دعوة الناس للامتناع عن الدفع إجراء ظرفي موقت وغايته سياسية.  ومجموعة المرصد تحضر لدعاوى قضائية في حق جميع المصارف لإبطال جميع عقود القروض، لأنها عقود إذعان وحرمت للناس من حق الاختيار. أي أن المواطن لا يستطيع التفاوض على بند من بنود العقد، حتى لو كان ضد مصلحته. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها