الثلاثاء 2019/12/24

آخر تحديث: 11:50 (بيروت)

الراعي في رسالة الميلاد: إنهم يتحاصصون السلطة ومال الشعب

الثلاثاء 2019/12/24
الراعي في رسالة الميلاد: إنهم يتحاصصون السلطة ومال الشعب
الراعي: لن يرضى شعبنا بسوء الحكم الذي ساد منذ التسعينات (الوكالة الوطنية)
increase حجم الخط decrease

وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، من كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، رسالة الميلاد بعنوان "أبشركم بفرح عظيم"، إلى اللبنانيين جميعاً والمسيحيين خصوصاً، مقيمين ومنتشرين، في حضور لفيف من المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والراهبات.

مباركة الثورة "الإيجابية"
شعب لبنان ينتظر من المسؤولين السياسيين هدية العيدين: حكومة جديدة تضم أشخاصاً أصحاب اختصاص ونزاهة وكفاءة يضعون البلاد على طريق الخلاص الاقتصادي والمالي والإنمائي والاجتماعي. لقد عبر الشعب، بشبابه وكباره، برجاله ونسائه عما يعاني من أوجاع، وما يتطلب من إصلاحات، وذلك في ثورة إيجابية لم تهدأ منذ سبعين يوماً. ونرجو أن تظل كذلك ولا تصبح ثورة سلبية هدامة. الثورة الإيجابية تتعاون مع الجيش والقوى الأمنية وتحترمها، وتخفف من الأعباء والنتائج السلبية عن كاهل المواطنين في حق التنقل والعمل. لقد شكلت هذه الانتفاضة علامة رجاء مضيئة في الظلمة التي تكتنف وطننا، دولة وشعباً ومؤسسات. بوركت هذه الانتفاضة - الثورة الحرة وغير المرتهنة لأحد، فلا تهملوها أيها المسؤولون السياسيون، ولا تخيبوا آمالها. فإنها لا تسعى إلى مصالح شخصية أو فئوية، بل إلى الصالح العام، والعودة إلى الجذور والأسس التي بني عليها لبنان وميزته عن كل دول المنطقة، في تعدديته الثقافية والدينية ضمن إطار الوحدة الوطنية والانتماء بالمواطنة.

إن شعبنا يصمد بوجه الضائقة الاقتصادية والمعيشية، مثلما صمد في حقبات وظروف صعبة وخطرة. لكنه لن يرضى بقبول سوء الحكم الذي ساد منذ التسعينات، إذ انتشر الفساد والهدر وتفاقم العجز، وارتفع الدين العام، وازداد الفقر، وتوسعت رقعة البطالة، وبان عدم الصدق في عيش عقدنا الاجتماعي، وأهملت حماية الكيان وصون السيادة.

الكنيسة: مساعدات عينية ومالية وطبية
أما الكنيسة فتواصل بمؤسساتها المتنوعة وإمكانياتها، مساعدة شعبنا في صموده بما يلزمه من حاجات معيشية. وإنا نناشد الدولة، فيما الحاجات تتزايد، أن تؤدي مستحقاتها لهذه المؤسسات لكي تتمكن من الاستمرار وتوفير فرص عمل للعديد من العائلات. وإننا نحيي جميع المبادرات الفردية والجماعية التي تتضامن مع العائلات المعوزة وسائر الفقراء وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وتنظم مساعدات عينية ومالية وطبية. نسأل الله أن يفيض بركاته عليهم جميعاً، لكي تكثر عطاياه بين أيديهم ليتقاسموها مع المعوزين.

الهدر والنهب
إن الرب يسوع بتجسده، وهو الإله الذي أخلى ذاته وافتدى البشرية بموته على الصليب وأحياها من جديد بروح قيامته، يعلمنا التجرد والتحرر من الذات، لكي نسود على مصالحنا الضيقة. إذا نظرنا من هذا المنظار إلى الجماعة السياسية عندنا، نجد أن مآسينا تأتي من أن حكامنا يرفضون تداول السلطة منذ عشرات السنين، بل يتحاصصونها ومال الشعب هدرا ونهبا مسرفين في الصرف ومراكمين الديون على الدولة بمختلف أنواعها. فأوصلوا الدولة إلى الانهيار الاقتصادي والمالي، وأوقعوا أكثر من ثلث الشعب اللبناني في حالة الفقر، ورموا 35 في المئة من الخريجين الجامعيين في حالة البطالة، فضلا عن الوصول بعدد من المؤسسات الخاصة التجارية والصناعية والتربوية إلى إقفال أبوابها.

العائلة اللبنانية
لبنان مشروع إنساني من أجل الحريات والمساواة والعيش المشترك بين الطوائف والأديان في هذا الشرق، المعرض دائماً من قبل السياسات الداخلية والخارجية لاستعمال الدين من أجل توسيع رقعة النفوذ، وقمع الحريات الشخصية، خلافاً لما تعلم الأديان نفسها. هذا المشروع اللبناني، الذي يشكل نموذجا ورسالة في هذا الشرق، نحن مدعوون لحمايته، من أجل كرامة شعبه وثقافته وحضارته. وهذا ما من أجله قامت الانتفاضة - الثورة التي جمعت تحت راية الوطن العائلة اللبنانية في كل المناطق، ومن كل المذاهب والأحزاب والأعمار.

وفيما نسجد لميلاد المسيح مخلصنا، نحتفل في الوقت نفسه بنشأتنا. ولادة المسيح هي في الحقيقة منشأ الشعب المسيحي. فتذكار ميلاد الرأس هو أيضا تذكار ميلاد الجسد. هذا هو فرح الميلاد الذي أنشده جمهور الجند السماويين: "المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام".

بعد الانتهاء من كلمته، تقبل غبطته التهاني بالميلاد المجيد من الحضور.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها