الثلاثاء 2019/12/17

آخر تحديث: 00:03 (بيروت)

معركة ساحات بيروت تتطوّر: "هدفنا مجلس النواب"

الثلاثاء 2019/12/17
معركة ساحات بيروت تتطوّر: "هدفنا مجلس النواب"
التظاهر من الآن وصاعداً صار حكماً أمام مجلس النواب (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

لم تعد المعركة مقتصرة على مطالب معيشية. تلك، كانت المحفز وحسب. اليوم، أخذت الثورة منحاها الطبيعي: السياسي. عطلة نهاية الأسبوع كانت كفيلة بتغيير كل الأمور، ليس فقط بما يعني الثورة، بل بما يعني المسار السياسي منذ 30 سنة وحتى اليوم. المعركة صارت مع مجلس النواب، من رئيسه إلى نوابه إلى موظفيه إلى، إلى. يوما السبت والأحد كانا حاسمين: معركتنا صارت مع كل هذا الطقم، معركتنا تبدأ من هنا، من ساحة النجمة وكُل ما ومن تُمثل.

128 مستزلماً
"فليجروا الاستشارات وليُكلفوا من يُكلفوا. لا ثقة بهم جميعهم". تغيرت المعركة، بل صارت أوضح، فعل الوقت ومروره وتسارع الأحداث، بل واستمرار السلطة بالمماطلة وبالتفاوض على الحصص بعيداً عن مطلب الشارع، يُسهم في دفع الناس أكثر فأكثر إلى رفع مستوى المطالب. تقول سيدة خمسينية كانت تقف أمام "باتشي" محمد شقير في وسط بيروت: "مشكلتنا ليست في شكل الحكومة. مشكلتنا أكبر بكثير. وعلينا أن نعترف أنه مهما كان شكل الحكومة وحتى لو أتت كما نطالب، أي من مستقلين واختصاصيين، فإن الواقع المفروض عليها أنها ستتعاطى مع مجلس نواب معاد لها ولسياستها. مجلس لن يدعها تعمل وبالطبع لن يترك أي مجال لأي وزير لأن يفتح دفاتر قديمة لوزارته. سيستقتلون في الدفاع عن مصالحهم".

إذاً، المشكلة أيضاً في مجلس النواب وهذا ليس بجديد، ولكن لماذا الآن تغير الحديث أو تطوّر؟ يرد أحد المشاركين في تظاهرة ساحة النجمة يوم الأحد، بعد أن كان انقطع عن التظاهر لفترة: مطالبنا لا يمكنها أن تبقى محصورة بدعوة إلى استشارات لن يقوموا بها إلا بعد أن يتأكدوا من أنهم جميعاً متفقون على الشكل والهدف. لهذا عدت إلى الشارع، واليوم كل الناس هنا رفعوا سقف مطالبهم وهذا ما يجب أن يحصل، لأنه على ما يبدو أمامنا سلطة تريد أن تُنفذ الأجندات الإقليمية المتناقضة، وتنتظر مفاوضات خارجية لتقرر مصير الناس، فيما نحن نعاني الفقر والذل ولا من يبالي. يضيف: معركتنا مع 128 مستزلماً لمشاريع غير وطنية.

التخويف بالطوائف
الجو العام أمام ساحة النجمة يوحي بأن كل هذا الحديث تطور وتبلور أكثر بعد ما حصل يوم السبت، وقبله بأيام. شعرت الناس بالاستفزاز مما كان يجري، وكأن هناك نوعاً من الاستخفاف بحراك الشارع. كيف؟ يأتي الجواب من مجموعة من المتظاهرين المتجمعين على مقربة من السياج الفاصل مع قوى الأمن و"قوى نبيه بري" طبعاً: "يريدوننا أن نتلهى بالأمور البسيطة ونغرق بالبحث عن حل لمشاكلنا المعيشية اليومية، وننسى المعركة الأكبر. هذا ما لن نعطيهم إيّاه. التشبيح الذي مورس في الأيام الماضية واضحة أهدافه أقلّه من الذي يقبض على المجلس منذ ثلاثة عقود". تسألهم، ولكن التصعيد ضد رئيس المجلس تحديداً له نتائجه ومخاطره؟ يأتي الجواب الذي يُجمع عليه كلهم: "لم تعد فكرة تخويفنا بالطوائف تنطلي على أحد. من حقنا أن نطالب بمؤسسات تلبي طموح الناس وليس مصالح وحصص الطوائف. هذه الثورة قامت بالأساس ضد كل موروثات الحرب التي استغلوها ليبنوا زعاماتهم، فلينتظروا منا أكثر بكثير، طريقنا طويل".

اتضحت في اليومين المنصرمين اتجاهات عدة، لعلّ أهمها أن محظورات ما قبل 17 تشرين لم تعد موجودة. هناك توجه عام بالإمكان رؤيته واضحاً بين المتظاهرين يُفيد بأن عناوين المعركة المرحلية مع النظام قد تغيرت. يقول أحدهم وهو يناقش رفيقه: لم يعد بالإمكان الاستمرار بمطلب الإسراع في الاستشارات. هؤلاء لا يُبالون. علينا من الآن رفع مستوى المواجهة، وتحويل المعركة مع مجلس النواب ككل وبكل ما يُمثل. هذا المجلس بتركيبته هذه لا يُمكنه الاستمرار ويجب أن لا يدعه يستمر. مشكلتنا معه مباشرة.

ما العمل إذاً؟ ليس هناك من جواب واضح لدى المتظاهرين الآتين من مشارب مختلفة. هنا أيضاً ما تراهن عليه السلطة بحسب ما يقول المعتصمون، "رهان على تشتتنا حال دخولنا في كيفية التغيير وأولويات هذا التغيير والأساليب التي يجب اعتمادها. نحن نُدرك ذلك، ولكن علينا أن نكون واعين ونضع الأولويات المشتركة كهدف أساسي ونترك خلافاتنا إلى وقت لاحق". قد يكون هذا الكلام مثالياً، لكنه بنهاية المطاف سيصطدم بعوائق كثيرة وبواقع التنوع والاختلاف، وهنا التحدي المفروض أمام الناس عاجلاً أم آجلاً.

على أي حال، الأيام المقبلة كفيلة بتبيان مسار الأمور. اليوم، أجلّت الاستشارات في إشارة إلى أن السلطة لا تزال تلعب فيما بينها ولا تكترث للشارع، لكن الجديد بالرغم من حجم الرسائل المُرسل فيما بين هذا الطبقة في اليومين الماضيين، أن التظاهر من الآن وصاعداً صار حكماً أمام مجلس النواب. حتى إسقاط الحريري في حال تكليفه لن يكون أمام السراي بعد اليوم، بل في ساحة النجمة. المعركة صارت مع المجلس، تحديداً مع المنظومة التي حكمت العباد منذ 30 عاماً ولا تزال تحاول أن تجدد لنفسها مرة جديدة، فهل تنجح؟ هذا تحدي الثورة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها