الإثنين 2019/12/16

آخر تحديث: 01:50 (بيروت)

تحالف أركان النظام.. يستنجد بالعنف والحرب المذهبية

الإثنين 2019/12/16
تحالف أركان النظام.. يستنجد بالعنف والحرب المذهبية
القوى الأمنية استخدمت العنف ضد المتظاهرين بذريعة وجود مندسين (المدن)
increase حجم الخط decrease
المشهد المخيف في شوارع بيروت وساحاتها على مدى ليلتين متتاليتين، وقبل ساعات من الإستشارات النيابية، يجسد الواقع السوريالي الذي يجمع قوى السلطة بين بعضهم البعض، وكيف يتغاضون عن كل الخلافات فيما بينهم لمواجهة الناس على الأرض. ما جرى في بيروت بكل أذيته للدولة ومؤسساتها وللناس وتحركاتهم ومطالبهم، هو في نتيجته سياسة الكوميديا السوداء، الأقرب إلى الخيال منها إلى الواقعية، لكنها مع الأسف، تجسّد الواقع المرير بعينه. الأخطر، هو الشعارات المذهبية والمناطقية التي شهدها وسط العاصمة، بين شبان من طرابلس والشمال، ومجموعات الخندق الغميق. وكأن شعار "شيعة شيعة شيعة" الذي كانت غايته استفزاز القوى المذهبية الأخرى، قد نجح، وأدى قسطه في تأجيج العصبيات المذهبية. وهذا ما كانت تسعى إليه قوى السلطة لحرف الإنتفاضة عن مسارها وتسييسها ومذهبتها. 


إنها المؤامرة التي تنسج للثورة، باستدراجها إلى خنادق سياسية وشخصية، تعمل على وأدها وتشتيت عناصرها وشبانها، بمحاولات استعادتهم إلى الخندق السياسي الغميق من قبل كل جهة أو طرف، خاصة أن القوى السياسية اللبنانية على اختلافها، متجذرة الخبرة في المتاجرة بالناس وهمومهم، والتلاعب بعواطفهم لحرفهم عن أهدافهم.

من هم المندسّون؟
لنعد بالمشهد إلى بداياته. بعد ظهر السبت، هاجمت مجموعات موالية لحزب الله وحركة أمل المتظاهرين في ساحتي رياض الصلح والشهداء، كان عنوان الهجوم "دفاعاً عن كرامة الرئيس نبيه برّي" وعن المجلس النيابي. لم يكن هذا التحرك الأول من نوعه، لكن المتغيّر، هو أداء قوى الأمن الداخلي، التي استخدمت العنف ضد المتظاهرين، فاستمر الشغب والتوتر طوال الليل. المشهد نفسه تكرر بوتيرة أكبر ليلة الأحد، مجموعات موالية للأحزاب الآنفة الذكر تهاجم المتظاهرين. وقوى الأمن تستمر في استخدام العنف والقوة، ضد المتظاهرين.

في هذا الوقت، كان يتم تعميم أجواء من قبل قوى السلطة المختلفة، بأن هناك مندسين يعملون على اختراق التظاهرات وتخريبها وافتعال الإشكالات مع الأجهزة الأمنية. هجوم مجموعات موالية للثنائي الشيعي على التظاهرات "مفهوم". وهذا يحدث منذ اليوم الأول للثورة. موقف قوى الأمن هو الذي تغيّر، إذا كانت القوى الأمنية تعمل على حماية المتظاهرين من أي اعتداء، وتحرص على سلامتهم وتوفير الأمن للتظاهرات.

صحيح أن أداء قوى الأمن تغيّر بعد حصول عمليات اعتداء على الأجهزة الأمنية أو على المتظاهرين، أو بعد حصول عمليات استفزاز وإفتعال إشكالات. هنا، بمعزل عن التفاصيل، تصبح القاعدة هي قاعدة تقاطع مصالح، مجموعات لا تؤيد الإنتفاضة وتريد إخمادها، مع القوى الأمنية التي استخدمت العنف ضد المتظاهرين بذريعة وجود مندسين، بينما وجهة مجيء هؤلاء "المندسين" معروفة، فليس هناك مبرر لاستخدام العنف ضد المتظاهرين.

ريا الحسن والحريري
موقف وزيرة الداخلية ريا الحسن، والذي شددت فيه على وجوب إخلاء المتظاهرين للساحات والشوارع لأن بينهم مندسين، هو مؤشر يجب قراءته في السياسة، وهو دليل على رغبة لدى التيار الذي تنتمي إليه الحسن، بإنهاء المظاهر الاحتجاجية قبيل الذهاب إلى استشارات لتكليف الحريري بتشكيل الحكومة. وبالتالي لا يريد الحريري أن يتكلف والاحتجاجات مستمرة، خاصة أنه حين قدم استقالته وضعها في خانة الاستجابة لمطالب المتظاهرين.

لا حاجة إلى تحليلات كثيرة، بالتأكيد أن ما جرى ليس صدفة. وفيه احتمالات كثيرة لصراعات سياسية تتجسد في استثمار التحركات من قبل كل طرف لتحسين شروطه. فالبعض يعتبر أن المراد من العنف هو قطع الطريق على الإستشارات، وربما لجوء الحريري إلى عدم قبول التكليف بعد كل هذا التوتر والعنف. لكنها في المقابل، قد تكون تجسيداً لإعادة تجميع قوى السلطة لعضدها ضد التظاهرات والتحركات، خصوصاً بعد أن ضمن الحريري مسألة تكليفه في الاستشارات، فأصبحت الغاية الأساسية هي إنهاء التظاهرات، ولو باستخدام العنف والقوة، او تجديد الإنقسام المذهبي والطائفي باللعب على الغرائز، والتهديد بانفلات الشارع من عقاله.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها