السبت 2019/11/23

آخر تحديث: 00:00 (بيروت)

ثورة 17 تشرين تُقفل دكانة 14 و8 المفلسة

السبت 2019/11/23
ثورة 17 تشرين تُقفل دكانة 14 و8 المفلسة
"كلّن يعني كلّن" شعار تجذر في الساحات (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

شيطنة ثورة 17 تشرين هو الهدف الذي تجتمع عليه كل الطبقة السياسة الآن. الاختلاف الوحيد بينهم هو الوسيلة وليس الهدف. فريق يريد استغلال هذه الحالة الجارفة ليعود إلى الحياة السياسية أو ليحاول أن يحقق انتصارات ضيقة ضد خصومه، وفريق آخر يريد أن ينهي هذه الحالة التي يُدرك جيداً أنها إذا ما استمرت وتوسعت فهي قادرة على هز عروش استغرق بناؤها سنوات طويلة، واستُثمرت فيها المليارات، وسُخرت لها كل المقدرات.

الجدران جريدة الناس
متوقع هذا الفعل من أحزاب تحكم البلاد منذ سنوات وتقبض على كل مقدراتها وفجأة اكتشفت أن هناك شارعاً حيوياً يريد أن يحاسب. يريد الخروج من كل هذا بأي ثمن. يريد أن يبني وطناً، هذا ما كتبه الناس على الجدران الممتدة من ساحة الشهداء إلى رياض الصلح وإن اختلف التعبير عن هذا الأمر، بحسب خلفية كل من أمسك بيده "طساسة" كتب بها ما يريده من هذا البلد الذي كان إلى الأمس القريب يريد هجره نهائياً.

"14 و8 عملوا البلد دكانة". هتاف يصدح في ساحات الاعتصام من بيروت إلى كل المناطق. مجموعة من الشبان في رياض الصلح يرددون شعارات تطال الكثيرين من الزعماء، يهتفون ضد وليد جنبلاط وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وسمير جعجع ورياض سلامة. من وقت لآخر، هم أنفسهم "يشطحون" بـ"ردّية" ضد نبيه بري ثم سرعان ما يعودون إلى الأساس: "حرامي حرامي رياض سلامة حرامي". طبعاً هذه العودة ليست لأنهم يريدون فقط التصويب على سلامة، بل لأن التجربة مع الهتاف ضد بري وقبله ضد أمين عام حزب الله كان لها أثمان، يقول الشباب إنهم يريدون تجنبها كي لا تتحول الساحة إلى منطقة اشتباك كما حصل في السابق.

تمجيد نصرالله.. ونقاش 
إذاً، "كلّن يعني كلّن" شعار موجود ومُتجذر فعلياً لدى غالبية من هم في ساحات الاعتصام، لكن الفارق كما يقولون إنهم يحاولون تجنب المواجهة. على مدخل اللعازارية مجموعة من الشبان الذين يصلون يومياً في ساعات الليل الأولى، يفترشون الطريق، يضعون النرجيلة بينهم، ويبدأون بالعتابا التي تُمجد حسن نصرالله. لكن المُلفت، لا وجود لمحازبي 14 آذار لكي يثوروا أو يعارضوا ما يُقال، الذي قد يكون مُستفزاً لهؤلاء. محاولة البحث عن "القواتيين والاشتراكيين والمستقبليين" الغاضبين من هذا الكلام تبوء بالفشل. أين هم هؤلاء من كُل هذا، أليسوا هم كما يقول إعلام الممانعة من ركبوا "الحراك" الذي "تحوّل عن مساره وصار هدفه ضرب المقاومة في الصميم" كما يقولون. أين هم؟ لماذا لا يظهرون في هذا الوقت الحاسم من تاريخ الصراع من أجل "بقاء لبنان المقاوم"؟ لماذا؟

قبل أن يصل شُبان العتابا، يجلس مجموعة من الشبان على مقربة من خيمة "بيروت مدينتي" (المهجورة الآن) في موقف اللعازارية. يتحدثون عن كيفية مواجهة محاولات تسييس ثورتهم، وركوبها. يقولون إن أحزاب السلطة تُريد نسفها بشتى الطرق ولكل حزب خلفية. يقول أحد هؤلاء محاولاً تصويب النقاش ورفع المعنويات في الوقت نفسه: "نحن نزلنا تحت عناوين مطلبية وإلى الآن هذا ما نرفعه. لا أعلم على من تنطلي هذه الألعاب. ألم يروا طلاب المدراس والجامعات، أمهاتهم، الناس الذين يريدون فقط أن يعيشوا عيشة كريمة؟" ليجاوب نفسه: "الناس واعية، خلّونا ما نوقع بفخ الخوف منهم ومن أفعالهم ونكمّل".

ملائكة جيفري فيلتمان والبوسطة 
في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، يغيب الحديث عن جيفري فيلتمان، ملائكته أيضاً غير موجودة بالرغم من كل الدعاية التي يحاول كثيرون ترويجها وجعلها حقيقة ثابتة، حتى لو لم تكن موجودة إلا في خيالهم. في الساحة يغيب الحديث عن روسيا بوتين وعن إيران الخامنئي وعن وعن. الشغل الشاغل، ماذا سيفعل رئيس الجمهورية ولماذا لا استشارات إلى الآن؟ قبل أيام، كان الهتاف الذي يصدح في الشارع: "لا السعودية ولا إيران رح بيفكوا الاعتصام". لكن كُل هذا لا يصل إلى كثيرين، ممن يرون فقط في كل ما يحصل مؤامرة. هذا ما يقوله الشبان والشابات الذين ملّوا من الانقسام وهم اليوم "كتفك على كتفي.. بالثورة رح نكفي".

بوسطة تنطلق من شمال لبنان لتقول إن الحرب الأهلية قد انتهت إلى غير رجعة، "تتحوّل إلى بوسطة عين الرمانة في عقول من لم يخرجوا من الحرب وغير قادرين على احتمال الاختلاف". هذا ما ردده من كانوا على متن تلك المحاولة، التي اتهمها البعض أنها مشروع أميركي، ووصل بالبعض الآخر ليقول إن هؤلاء يريدون أن يضربوا المقاومة. انتهت رحلة البوسطة في صيدا، بوابة الجنوب. لا يزال سلاح المقاومة كما هو. سقط المشروع الأميركي هناك. على أي حال، كما يقول بعض من واكبها: "سنؤجل أكل الكرامة الآن، نريد استشارات". لكن، رئيس البلاد لا يزال في وادٍ آخر. وعلى ما يبدو، لن يخرج منه بسهولة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها