الجمعة 2019/11/22

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

"اشتراكيو" الانتفاضة: نسلّمهم بطاقاتنا الحزبية ونبقى في الثورة

الجمعة 2019/11/22
"اشتراكيو" الانتفاضة: نسلّمهم بطاقاتنا الحزبية ونبقى في الثورة
في تشييع علاء أبو فخر لم يرتفع سوى العلم اللبناني (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

أن يخرج الأبناء عن طاعة آبائهم، منطلقين نحو آفاق أرحب في فضاء الحرية والتجربة، بعيداً من صنمية المعتقد والتبعية العمياء لقائد "مفدى" وزعيم "ملهم"، فهذه بعض بشائر ثورة تشبه شاباتها وشباتها. بشائر تؤكد الصراع بين ما مضى والآتي.

هذا ما رسخته ثورة 17 تشرين التي أظهرت جديداً يخلّف وراءه محاولات ترميم خطاب تصح فيه مقولة "إكرام الميت دفنه". وهذه حال بعض أحزاب السلطة التي تشكل منظومة الفساد، واستفزت شبابها وجمهورها، كحال الحزب التقدمي الاشتراكي وغيره.

نهج كمال جنبلاط
هذا ما قاله شباب "الاشتراكي"، الذين خط ناشط منهم على صفحته الفيسبوكية، مشيراً إلى أن "نهج كمال جنبلاط التاريخي هو شارع المدينة ورصيف البحر وصوت الناس المقهورة. ونهج كمال جنبلاط لا ينحصر في زعامة أو قصر، بل هو نهج العدالة على امتداد المساحات والأوطان".

وليس من قبيل الصدفة أن يستعيد "الاشتراكيون" ذكرى حسان أبو إسماعيل، أول شهيد للحركة الطلابية في لبنان (1954)، لتوكيد أن استشهاد علاء أبو فخر جاء في سياق هذا النضال. وإن بدا الأمر تعويضاً عن "غياب رسمي" أبقى جمهور الحزب بلا "هوية" في ساحات الثورة، فاضطر الشباب إلى رسم خياراتهم مستلهمين إرث الشهيد كمال جنبلاط، متجنبين المس برمزية وليد جنبلاط وانتقاده. وهذا ما يعني أن الثورة في عرف هؤلاء الشباب هي ثورة متكئة على مخزون ثقافي وأخلاقي. لكن الانتقادات التي صدرت عن أبناء الحزب لم تتخطَّ هذه الحدود.

غير أن المنتقدين يؤسسون لصحوة، قد تُلزم الحزب لاحقًا بخياراتهم، خصوصا أن بعضهم يرى أن الإصلاح ومواجهة الفساد يجب أن "يبدآ من بيتنا الداخلي أولاً". 

مشاركة غير حزبية
مسؤول وقيادي سابق من منطقة الشوف، أشار لـ "المدن" إلى أنه "على المستوى الشعبي هناك مشاركة كبيرة في الثورة، سواء من المحازبين أو غيرهم". وهو استدرك: "لم يشارك أحد بصفة حزبية. والحزب لم يدع جمهوره إلى المشاركة، لئلا يقال بأنه يستثمر الموجة". أما "رئيس الحزب وليد جنبلاط فحرص على سلمية الثورة. وهذا ما بدا واضحاً عقب استشهاد الرفيق علاء أبو فخر، حين سارع لتهدئة النفوس، فيما كان الشارع يغلي، ويسري خوف من حدوث احتكاك بين الناس والجيش. وقطع بعض الطرق جاء بقرار شخصي من موالين للحزب".

ويتبنى الحزب موقف حكومة تكنوقراط علمانية مدنية، لا يتمثل فيها أي من السياسيين والأحزاب. والحزب لا يريد أن يكون ممثلا في الحكومة. وقبل الحراك بأيام عشرة، نظم الحزب تظاهرة حملت المطالب والأهداف عينها التي يطالب بها الحراك، وكانت تظاهرة حاشدة.

وعن قضية علاء أبو فخر، أشار المسؤول الاشتراكي إلى أن "الحزب مؤمن بالقضاء ونزاهته وعدالته، وخياره الدولة"، لافتا إلى أن "جهات تتابع الموضوع، وما يصل إليه القضاء نتبناه ونقبل به".

قطيعة مع الأهل
الناشط المدني المستقل والرئيس السابق لجمعة مربي النحل في المتن الأعلى، عبد الناصر المصري، أكد لـ"المدن" أن "هناك مناصرين للأحزاب في المتن الأعلى، ولا سيما للحزبين الاشتراكي والديموقراطي اللبناني، وهم لم يمتثلوا لتوجهات حزبية والتحقوا بالحراك".

وقال المصري: "أعرف شباناً تمردوا على أهلهم، وأحدهم لم يكلم أباه منذ بدء الحراك. وهؤلاء لم يتركوا الحزب، لكنهم مستمرون ولو أنكرهم الحزب. وهم يسعون ليكون الاشتراكيون في صف الناس ومع مطالبهم المحقة، ولسان حالهم يقول: آباؤنا يقولون إلا زعيمنا، أما نحن فحددنا خياراتنا وحسمنا قرارانا: الالتحاق بالحراك".

أما مروان دحام صالحة (مسؤول الداخلية في المتن الأعلى) فرأى أن "الانتفاضة هي خريطة طريق لمبادئ أسسها المعلم كمال جنبلاط. وهي تعبر عن مطالب الناس المحقة، فلا ازدواجية في مواقفنا". وقال عن حادثة الشويفات: "يظل وليد جنبلاط صمام الأمان في البلد، وموقفه واضح: نحن تحت سقف القضاء والدولة"، لافتاً إلى أن الحزب التقدمي هو "الثائر الأول. ونحن ننطلق من المبادئ التي تأسسنا عليها: مواطن حر وشعب سعيد". أما عن عدم المشاركة في الحراك، فقال: "كي لا نتهم بركوب الموجة ترك الحزب خيار المشاركة للناس. وما نسعى إليه يتمثل في تأمين لقمة عيش كريم وتحقيق المساواة بين الناس وإقرار الضريبة التصاعدية".

ضد المنظومة كلها
أيسر هاني (مسؤول في منظمة الشباب التقدمي)، قال لـ"المدن": "لو كان هناك حزب اشتراكي صحيح لكان سمع صوت الشباب وبدأ بالإصلاح من داخل الحزب، بدلاً من البقاء في أبراجه العالية. كل شيء صار تابعاً لزعامات. ولم تعد هناك قيم اشتراكية. هم يهتمون بمصالحهم الشخصية على حساب الوطن ومواطنيه. فلماذا التوريث بدلا من عملية اختيار ديموقراطية؟".

وأضاف: "أنا لست وحيداً في بلدة رأس المتن وغيرها، بل نحن مجموعة كبيرة من الشباب ضد هذه المنظومة كلها. هناك من يعتبر كلام الزعيم منزلاً. لن نقبل بهذا بعد الآن. ومن الأمثلة على الفساد: سعر طن الترابة (الإسمنت) في لبنان 100 دولار، وهو الأغلى في العالم. وهو يباع في الخارج بـ 25 دولاراً. وأسعار العقارات ارتفعت، لأن شركتين تتحكمان بكل شيء. وإذا أرادوا بطاقاتنا الحزبية سنسلمها، ونبقى في الثورة".

وقال هاني: "رغم كل الخلاف والمسافات بيننا في الحزب، هناك أشخاص جيدون في مواجهة فاسدين بلا ضمير. لكنهم لا يستطيعون التعبير عن آرائهم. واليوم أقولها بالفم الملآن: كل من سار في قافلة الانتفاضة الشعبية قام بواجبه تجاه الأجيال القادمة. ويمكنني الجزم بأن هذه الثورة أسس لها كمال جنبلاط وموسى الصدر، وعدد من الشخصيات التي اغتيلت في القرن الماضي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها