الخميس 2019/11/14

آخر تحديث: 01:06 (بيروت)

المهمة نجحت: الثورة تطوق قصر بعبدا

الخميس 2019/11/14
المهمة نجحت: الثورة تطوق قصر بعبدا
أتى الآلاف اعتصاماً وتظاهراً على طريق القصر الجمهوري (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

بعد سلسلة من دعوات للتظاهر أمام قصر بعبدا، نجحت المهّمة. إلى طريق قصر بعبدا، زحف آلاف المتظاهرين. أتوا من بيروت الكبرى، والشمال والبقاع، من كل لبنان.

رمز المنظومة
مشى العديد منهم لكيلومترات. صعوداً من منطقتي الشيفروليه والحازمية. إذ استبقت القوى الأمنية التحرّك وسوّرت الطريق إلى القصر بالأسلاك الشائكة. بدا على المتظاهرين التعب بعد 26 يوماً على الاحتجاجات والتظاهر وقطع الطرقات، لكن الوصول إلى طريق القصر الجمهوري يحيي ما تيسّر من طاقة للاستمرار في الحركة: هنا رمز المنظومة والنتيجة الفعلية للتسويات بين مكوّنات الأحزاب الطائفية وسياسة التحاصص والنهب.

رفعوا شعارات "سقوط ميشال عون" و"كلن يعني كلن"، هتفوا ضد السلطة مجتمعة وضد العهد وأزلامه، الذين يحاولون الاستيلاء على حركة الشارع وتحييد أنفسهم عن الطبقة الحاكمة. حضروا للمطالبة برحيل الرئيس ميشال عون. وهو مطلب لم يكن في الحسبان. كانت الدعوات للتظاهر أمام القصر تحمل مطلب التسريع في الاستشارات النيابية وتشكيل حكومة من الخبراء، من أولوياتها إجراء انتخابات نيابية مبكرة ووضع حدّ للنزيف الاقتصادي، وبغية استعادة الأموال المنهوبة ومحاكمة الفاسدين. إلا أنّ عون نفسه، أدار حركة الشارع نحو قصره. كان الجمهور يظنّ أن الرئيس "نائم على مطالبهم"، يستمهل الاستشارات والتكليف ليأتي بحكومة معلّبة توافق عليها الكتل السياسية مسبقاً. أتت إطلالته المتلفزة لتكشف أنه يعيش في عالمه الخاص، على كوكب منفصل عن الواقع. استفزّ الجمهور المنتفض مدّعياً أنه جمهور لا يمثّل شريحة كبرى. أكد على تشكيل حكومة "تكنو-سياسية" يعارضها الشارع، اعتبر أنّ علاقته بالرئيس السوري بشار الأسد من "الخصوصيات"، ودعا الشعب إلى الهجرة إذا لم يجد أوادم في السلطة. وفي موقف آخر قال: "ليراجعوا تاريخي النضالي، إذا عجبهم يبقوا معي وإذا لأ أنا بفلّ".

إرحل
قدّم عون هذا المطلب للناس على طبق من فضّة. مراجعة تاريخ عون النضالي لا يستوجب الكثير من البحث، من حصار مخيّم تل الزعتر إلى مصافحة ضباط إسرائيليين بعيد الاجتياح 1982، مروراً بالمعارك العسكرية في حربي "الإلغاء والتحرير". التاريخ النضالي الواسع الذي فيه ما يكفي من تحالفات وأخرى مضادة من أجل هدف واحد: الوصول للرئاسة. وعندما تحقّق ذلك حلّ الخراب. إكراماً لهذا "التاريخ النضالي" على الرئيس أن يرحل. وإكراماً لسنّه عليه أن يستريح، أن يتفرّغ ربما لكتابة سيرة نضاله، أن يقول ناضلت وحاولت... وفشلت. 

نسف عون بنفسه ما تبقى من ادّعاء "بيّ الكل". رجل لا يسمع الناس ولا يعيرها الاهتمام، لا بل يتهكّم عليها وعلى مطالبها. رحيله بات ضرورة بعد أنّ أوضح عجزه عن تقديم الحلول أو إرضاء الشارع.

ميليشياوية
وفي مقلب آخر، بعيداً عن الشارع ومطالبه، بكل بساطة سقطت التسوية السياسية والرئاسية التي أوصلت عون إلى قصر بعبدا. وسقوطها يعني، ببساطة أيضاً، أنّ على عون الرحيل. إسقاطه ترجمة فعلية لمطلب الشارع، "كلن يعني كلن"، بعد إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري. بات مطلب استقالته واقعاً، إذ يحوّل عون تمسّكه بمنصبه وكسر الإرادة الشعبية وتجاهلها إلى حرب شوارع ضحيّتها الأولى الشهيد علاء أبو فخر في خلدة. ومن مظاهرها الاشتباك في منطقة جل الديب بين المنتفضين وأنصار التيار الوطني الحرّ، إضافة إلى استنفارات ميليشياوية في أكثر من منطقة حليفة لعون. ومن أشكالها المختلفة أيضاً خطف رجال أمن بلباسهم المدني ناشطاً خارجاً من ساحات الاعتصام، وهو الأمر الموثّق على جسر الرينغ. فيبدو أننا في سيناريو آخر من سيناريوهات البلاد العربية المتكررة، حيث ترفض المنظومات المترهّلة والعجوزة والفاسدة الرحيل إلا من خلال خلعها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها