الخميس 2019/10/31

آخر تحديث: 00:50 (بيروت)

عقوبات مسلكيّة بحق القاضية عون: اعتباطية أهل "العهد"

الخميس 2019/10/31
عقوبات مسلكيّة بحق القاضية عون: اعتباطية أهل "العهد"
تم تجريد القاضية غادة عون من كل صلاحياتها لمخالفاتها الجسيمة (الإنترنت)
increase حجم الخط decrease

فرض النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، عقوبات مسلكية على النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، سنداً للمادة 16 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وقد أبلغ هذا القرار الذي وضع موضع التنفيذ إلى وزير العدل وهيئة التفتيش القضائي، وجرى كفّ يد القاضية المذكورة عن النظر بالملفات التي تقع ضمن صلاحية النيابة العامة في جبل لبنان.

ويأتي قرار عويدات بوصفه رئيساً للنيابات العامة وللضابطة العدلية في كلّ لبنان، والمسؤول عن حسن سير عمل النيابات الأجهزة التابعة لها، نتيجة تراكمات من المخالفات التي ارتكبتها القاضية عون، وضربت فيها القواعد القانونية وقواعد المناقبية القضائية، ومجموعة من القرارات التي اتخذتها في الأشهر الماضية، شكّلت تخطياً لصلاحياتها المكانية ولأصول الإجراءات الواجب اتباعها، خلال إعطائها إشارات التوقيف والملاحقات، والبتّ بالدعاوى القضائية.

طفح الكيل
وسبق للقاضية عون المحسوبة على رئيس الجمهورية ميشال عون، أن اصطدمت مع زملاء لها، بعد إعطائها إشارات إلى بعض الأجهزة الأمنية للتحقيق مع موظفين كمساعدين قضائيين لدى القضاة من دون مراجعتهم، أو إخطارهم بالقرارات التي تتخذها، تحت شعار "مكافحة الفساد"، وهو ما أدى إلى رفض القضاة تنفيذ إشارتها أو السماح لموظفيهم بالمثول أمام الأجهزة الأمنية.

وجاء إدعاء النائب العام في جبل لبنان غادة عون على رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، بمثابة النقطة التي طفح فيها كيل تجاوزاتها، وبات من الصعب السكوت على مثل هذه التصرفات، ليس بسبب ملاحقة رجل سياسي من وزن ميقاتي، ولا قطعاً للطريق على محاربة الفساد، بل بفعل المخالفات القانونية والدستورية الجسيمة التي ارتكبتها، التي يفترض بقاضٍ مبتدئ ألّا يقع فيها، لا سيما لجهة إهمال الأصول القانونية في عملية الادعاء والإحالة، وعدم التنبّه إلى أن ميقاتي هو نائب في البرلمان اللبناني، ويتمتّع بحصانة نيابية ويستحيل ملاحقته قبل رفع الحصانة النيابية عنه.

تسييس القضاء
وأوضحت مصادر قضائية لـ"المدن" أن الإجراء الذي لجأت إليه القاضية عون في ملفّ ميقاتي، وجاء بالتزامن مع تصعيد وتيرة الانتفاضة الشعبية، ومطالبة رئيس الحكومة الأسبق باستقالة حكومة سعد الحريري وتشكيل حكومة من الحياديين، "أعطى انطباعاً لدى الرأي العام عن تسييس القضاء، واستخدامه ورقة ضغط لدى قوى سياسية نافذة (التيار الوطني الحرّ وحلفائه)، ومحاولة لإسكات الأصوات التي تعارض سياسة هذه الحكومة، وتنسجم مع مطالب الشعب اللبناني، خصوصاً وأن طلب ميقاتي استقالة الحكومة استفزّ فريق رئيس الجمهورية، واعتبره محاولة لتقليص نفوذه داخل السلطة".

وقال المصدر "إذا كانت القاضية عون تجاهلت الأصول البديهية لدى اتباع إجراءات محددة لملاحقة النائب، وأمعنت في قرارها بتخطّي القانون، فتلك مصيبة، وإن كانت لا تعرف الأصول فالمصيبة أعظم"، مذكراً في الوقت نفسه أن ميقاتي "كان يشغل منصب رئيس حكومة لبنان عندما نسبت إليه الأفعال المزعومة، وعلى فرض صحّة هذه الاتهامات فإن صلاحية الملاحقة هي من اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وليس من صلاحية القضاء العدلي".

البحث عن مخرج
وأدى الادعاء على ميقاتي ونجله وابن شقيقه، بتهمة "الاثراء غير المشروع"، إلى إرباك السلطة القضائية، التي تبحث عن مخرج لتصحيح هذا الخطأ، وتوقّع المصدر القضائي، أن "يتجه قاضي التحقيق الأول في بيروت (بالوكالة) جورج رزق، إلى حفظ الدعوى المقامة ضدّ ميقاتي"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، سبق له وحقق في مزاعم حصول ميقاتي على قروض سكنية مدعومة، وأودعها في حساباته في بنك عودة، وقرر حفظ الأوراق لعدم توفر عناصر جرمية". وأكد أن الملف الذي كان موجوداً بعهدة القاضية عون، "ينحصر في الادعاء المقدّم من ميقاتي ضدّ الإعلامي سالم زهران، بجرم القدح والذم والتشهير به، من خلال التصريحات الصحافية التي أدلها بها، ونسب فيها إلى ميقاتي هذه الأفعال، والمستغرب أن القاضية عون حوّلت ميقاتي من مدعٍ إلى مدعى عليه".

تعليمات للأجهزة
واستكمالاً للعقوبات المسلكية المتخذة بحقّ القاضية عون، قرر القاضي عويدات كفّ يدها عن النظر في الملفات الواقعة ضمن سلطة النيابة العامة في جبل لبنان، وأصدر تعميماً إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي والأمن العام بعدم مخابرتها في القضايا المطروحة أمامهم، ومخابرة المحامي العام المناوب في جبل لبنان أو النائب العام التمييزي في القضايا الهامة، كما وجّه كتابًا إلى إدارة الجمارك، طلب فيه عدم الأخذ بإشارات القاضية عون من دون المرور بوزير العدل ألبرت سرحان ولا بوزير المال علي حسن خليل.

رد عون
الإجراءات العقابية لم تمرّ على القاضية عون مرور الكرام، إذ ردّت عليها في تصريح لإحدى محطات التلفزة، من دون الحصول على إذن من وزير العدل للإدلاء بتصريحات صحافية، وقالت "القاضي عويدات صرخ بوجهي وقال لي "ما إلك حق"، ناطرني عالمفرق حتى يدّعي علي". وأضافت "لا يريدون لي أن أُكمل، يريدون الاستمرار في السرقات"، معتبرة أنّ "كل الحراك غير مجدٍ إذا لم تكن هناك مؤسسة لتحاسب، وحتّى المؤسسة (القضائية) ممنوعة وتتعرّض للضغط، كي لا تتجرأ على ملاحقة أي فاسد".

تحجيم وإقصاء
ويعاني معظم الفريق القضائي المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحرّ، من إخفاقات في إداء دوره، ولم يقتصر الأمر على القاضية غادة عون، بل ثمة قضاة آخرون أوصلتهم قراراتهم الارتجالية إلى مرحلة التحجيم وحتى الإقصاء، وهو ما تعرّض له مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، الذي أحيل على المجلس التأديبي، بسبب شبهات عن علاقته بـ"سماسرة" كانوا يستغلّون علاقتهم به، من أجل التأثير في مسار بعض الملفات القضائية، وهو ما يضعه مع غيره من زملائه على رصيف الانتظار، وترقّب التشكيلات القضائية لمعرفة الموقع الذي سيشغله كلّ منهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها