الثلاثاء 2019/10/22

آخر تحديث: 15:48 (بيروت)

سرّ تمرد أنصار "المستقبل" وانضمامهم إلى التظاهرات

الثلاثاء 2019/10/22
increase حجم الخط decrease

كان لافتاً على مدى الأيام الخمسة، منذ بدء التظاهرات والتحركات الاحتجاجية العابرة للمناطق والطوائف والانتماءات السياسية، مشاركة منتمين لـ"تيار المستقبل" ومناصرين له، بصفة شخصية في العديد من هذه التحركات، التي تحمل شعارات وأهداف أساسية منها إسقاط العهد والحكومة والمجلس النيابي. وتركزت هذه المشاركة بشكل أساسي في بيروت وصيدا وطرابلس وعكار، التي تعتبر مناطق ثقل شعبي وسياسي للتيار.

القاعدة الشعبية ضد "التسوية"
بالنسبة لهؤلاء - حسب بعضهم - لا يمكن اعتبار مشاركتهم بالتحركات انشقاقاً ولا تمرداً ولا انفصاماً في الشخصية السياسية، وإنما هو نتاج طبيعي لعدم رضى القاعدة المستقبلية أساساً على التسوية الرئاسية، التي أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وجعلت جبران باسيل يتحكم بمفاصل الدولة.

فالاعتراض المستقبلي على التسوية، التي اعتبرها الكثيرون من كوادر ومناصري التيار تنازلاً من سعد الحريري، قدم رئاسة الجمهورية والبلد على طبق من فضة لميشال عون وجبران باسيل وحزب الله، ولا يزال الحريري نفسه يتحمل تبعاتها لغاية اليوم. هذا الاعتراض ليس بجديد ولطالما بلغ مسامع الحريري نفسه وألمح إليه في بعض خطاباته السابقة، ولا سيما موقفه الأخير حين خاطب الشعب اللبناني المنتفض بالقول إنه "قرر قلب الطاولة على نفسه حتى لا تنقلب على البلد".

يضاف إلى ذلك، أن القاعدة الشعبية "المستقبلية" هي جزء من الناس، وتعاني الوجع نفسه مثلهم، وربما أكثر، في ظل أزمات التيار الداخلية، وما تعيشه من أزمات مالية مئات العائلات ممن كان معيلوها يعملون في مؤسسات يملكها الحريري في لبنان وخارجه. وبالتالي، وجدوا في هذه التحركات ما "يفش خلقهم" ويعبر عن وجعهم.



نسيان هموم الناس
بالمقابل، يعتبر البعض أن انشغال قيادة التيار بالسياسة والحكم، أنساها أن لديها قاعدة شعبية تحتاج في هذا الوقت الدقيق والحرج إلى "التوجيه"، كي لا يترك شارعه للفراغ الذي يملأه غيره، ولكي لا يترك مناصريه للضياع الذي يعيشونه اليوم، بين تأييد المطالب الشعبية وعدمه، ففضل بعضهم التزام بيوتهم بانتظار ما ستؤول إليه التحركات والمعالجات للوضع. ونزل آخرون إلى الساحات للمشاركة في التحركات، ليس بصفتهم "المستقبلية"، وإنما كمواطنين يشاركون مع غيرهم من الناس الوجع نفسه، أو متحمسين لفكرة الثورة والرفض للواقع الكارثي الذي وصلت إليه البلاد.

إلى جانب ذلك، تعتبر أوساط شعبية "مستقبلية" أن أجواء بعض التحركات، كما في صيدا ووسط بيروت وطرابلس، كرفع العلم اللبناني وحده، وعدم وجود أعلام وشعارات حزبية والتعبير المدني، وأجواء الفرح والاحتفال التي شهدتها تظاهرتا صيدا وطرابلس خصوصاً هي أساساً أجواء "المستقبل" وطريقته وأسلوبه في التعبير، الذي كانت تشهده تظاهرات 14 شباط و14 آذار من كل عام، منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري عام 2005، حين كان "المستقبليون" يطالبون بـ"الحقيقة"، لكن مع فارق اليوم أن المطالب المرفوعة للتحركات لا يتبناها "المستقبليون" بالجملة، وإنما يستهدف "المستقبليون" المشاركون "العهد" والمجلس النيابي، ويؤيدون مطلب استقالة الحكومة وليس إسقاط رئيسها.

"ضد جبران باسيل"
ويقول هشام قطب وهو أمين سر مكتب منسقية تيار المستقبل في الجنوب، لكنه كان يشارك بصفة شخصية في تظاهرة صيدا "نحن موجودون في ساحة إيليا في صيدا في انتفاضة من الشعب ضد العهد الفاسد، متمثلاً برأس الهرم والوزير الفاسد جبران باسيل. نطالب الحكومة بالتنحي واستقالة المجلس النيابي واجراء انتخابات نيابية مبكرة من أجل خلق طاقم سياسي جديد، ومن أجل القضاء على الفساد المستشري في البلد".

والأمر نفسه ينطبق على من يشكلون بعض النخب في بيئة "المستقبل" الثقافية والاجتماعية، الذين شارك بعضهم في التحركات في صيدا وبيروت وطرابلس. ويقول فراس سنيورة رئيس "جمعية أنجز": أشارك هنا لأن الوضع لم يعد يحتمل بسبب الضغط الاقتصادي والشلل السياسي. ونحن وكثيرون من الناس هنا ومن مختلف التوجهات، دليل أن الكل يشعر بهذا الوجع، وليس فقط جزءاً من الناس ولا منطقة ولا طائفة من الشعب اللبناني يشعر بالوجع أكثر من الآخر. الناس ملت من كل الطبقة السياسية. ولها الحرية في التعبير بالطريقة التي تريدها سلمياً".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها