الإثنين 2019/10/21

آخر تحديث: 23:49 (بيروت)

الحكومة تخذل اللبنانيين والجيش يواجه "الشبيحة".. وبيان أول للانتفاضة

الإثنين 2019/10/21
الحكومة تخذل اللبنانيين والجيش يواجه "الشبيحة".. وبيان أول للانتفاضة
الحكومة تسعى لشراء الوقت وتنفيس الشارع (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

بدا يوم 21 تشرين الأول، وكأن جمهور الانتفاضة يأخذ استراحة ضرورية بعد أربعة أيام من اندلاع الاحتجاجات والتظاهرات المتواصلة.

ومقابل "التعب" الطبيعي والمتوقع، كان لا بد أن يميل شطر وازن من المواطنين إلى انتظار ما قد تقدم عليه الحكومة وتعلنه في الجلسة الوزارية.

في الوقت نفسه كانت السلطة تراهن على أن ما يجري مجرد فورة غضب وسيكون يوم الإثنين 21 تشرين الأول يوم نفاد السخط وانتهاء التظاهر، طالما أن الأمر مجرد "مطالب معيشية" أو تعبير عن ضيق حال ليس إلا. وأن لا طموحات سياسية ولا برنامج واضحاً لدى هؤلاء المتجمهرين.

بالإضافة إلى هذا كله، تم دفع الجيش في بعض الأماكن للعمل على فتح الطرقات عنوة وتفريق المعتصمين في بعض المناطق. فيما بدأت حركة أمل وحزب الله ببث دعاية مضادة تتهم جهات خارجية بدعم الانتفاضة "المشبوهة"، وأن ما يجري هو "مؤامرة على المقاومة". ويحرضان على عدم الاستمرار في المشاركة بالتظاهر.

"رشوة" القرارات الحكومية
كل هذا مجتمعاً أدى إلى تراجع واضح في زخم التظاهر والاحتشاد طوال النهار.. وحتى إعلان رئيس الحكومة إقرار سلسلة من الإجراءات الإصلاحية وجملة من الوعود. وبلغة التودد عبّر الحريري عن شكره للبنانيين المنتفضين، الذين ساعدوه في إقناع شركائه في الحكومة بهذه الإجراءات.

القرارات الحكومية هذه، قائمة على الظن أن "رشوة" الناس بإصلاحات ناقصة وبكثير من الوعود التي لا شيء يوحي بتحقيقها، كافية لتهدئة الناس وامتصاص غضبهم وإعادتهم إلى بيوتهم وإسكاتهم.

وكعادة السلطات الغشيمة التي ترتكب الخطأ نفسه، اتخذت السلطة اللبنانية قراراتها متأخرة جداً عن ما وصل إليه المواطنون، الذين أصبحوا في واد آخر، وبدأت تتبلور عندهم على نحو مشترك وعمومي جملة قناعات سياسية جذرية في طرحها.

ما أن انتهى الحريري من تلاوة القرارات الحكومية حتى أدرك اللبنانيون أن شعار "إسقاط النظام" لم يعد مبالغة ولا مجرد جملة سائرة في العالم العربي.. بل هو ضرورة مصيرية لهم.

هكذا تكفلت الحكومة، وما قررته، باستفزاز الناس جميعهم وتقديم العلة الضرورية للاستمرار في انتفاضهم وحثهم مجدداً على النزول إلى الساحات.

شبيحة 7 أيار.. والجيش
بعد ساعتين تقريباً من تلاوة القرارات الحكومية تغيرت صورة الساحات. اشتعل ليل بيروت وبدأت الحشود تتقاطر إلى الشوارع. جذوة الغضب والاعتراض والثورة تجددت تماماً كما كان الحال قبل يوم الإثنين.

مشهد تجدد الحشود استفز على ما يبدو أعداء الانتفاضة اللبنانية، حركة أمل وحزب الله، فأفلتا زعرانهم "الشبيحة"، برثاثتهم الميليشياوية المعروفة منذ 7 أيار "المجيدة"، فانطلقوا على شاكلة قطعان من مئات الدراجات النارية الصارخة "لبيك نصرالله" و"بالروح بالدم نفديك يا برّي". إلا أن ما لم يكن في الحسبان لا في بال هؤلاء ولا في بال اللبنانيين هو رد فعل الجيش اللبناني المفاجئ نوعاً ما، إذ تصدى بحزم وشدة للبلطجية وطاردهم. بل أن قيادة الجيش أبلغت حزب الله أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال الاعتداء على المتظاهرين، ليصدر فيما بعد بيانان من "أمل" والحزب يتنصلان مما حدث نافيان علاقتهما بهذه "المسيرات" الاستفزازية.

ابتداء السياسة
في قلب الساحة، كان الرد على السلطة وعلى ملامح ومحاولات إطلاق ثورة مضادة قد بدأ يتبلور بداية المساء إذ عمدت بعض المجموعات وبعض الناشطين المدنيين والسياسيين ببلورة رؤية فيما بينها وتشكيل أطر وعلاقات لوضع أسس وتصور للمرحلة المقبلة. الجامع المشترك هو فقدان الثقة بالسلطة وبالإصلاحات المقترحة. ويقول ناشطون لـ"المدن" أن الورقة الإصلاحية المقدمة من الحكومة هي لشراء الوقت وتنفيس الشارع ووضع المزيد من الديون على الدولة، لبقاء الحكومة ولو لأشهر قليلة. بعض المجموعات المدنية حاولت عقد مؤتمر صحافي لإعلان خطة إنقاذية في ساحة الشهداء. لكن بعد مشاورات ونقاشات عدة تم التراجع عنه. ووفق معلومات "المدن" ضغط أكثر من طرف لثني المجموعات عن هذه الخطوة، وفتح المجال للمزيد من التشاور بين الجميع.

بيان مجموعات ناشطة
في وقت سريع تمت صياغة بيان باسم المحتجين:

رداً على ورقة الحكومة بكامل قواها السياسية التي تشكل انعكاساً لمجلس النواب. وبمعزل عن مدى مواءمة بنودها مع تطلعات الشعب وآماله، إن كنتم كقوى سياسية صادقين - ونحن لا نثق بكم- فليتم عقد اجتماع استثنائي وفوري لمجلس النواب، لإقرار القوانين اللازمة المتعلقة في ورقتكم الإصلاحية. وإن لم تفعلوا فأنتم كاذبون ونحن هاهنا قاعدون.

وأعلن البيان أن المطالب الأساسية هي:

- استقالة الحكومة فوراً.

 -انتخابات نيابية مبكرة بقانون انتخابي لا طائفي (تقدمه المعارضة الوطنية المنبثقة من الشارع).

- تشرف على الانتخابات جهات محايدة.

- ليبدأ بعد الانتخابات النقاش السياسي داخل مجلس النواب. وليثبت كلٌّ جدارته في التعبير عن الشارع.

فلنتوحد خلف هذه المطالب الآن ولنختلف لاحقاً، علينا أولا أن نكون. العالم كله شاخصة أنظاره على اللبنانيين، فلتخجل السلطة ولتحترم قرار 2.5 مليون لبناني نزلوا في 20 تشرين الأول 2019.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها